لقد كان الناس تعاني من الفقر والجهل قبل الإسلام، حيث كان العبيد والفقراء يتذللون إلى الأغنياء للحصول على قوت يومهم، حتى يستطيعوا إطعام أطفالهم، ولكن جاء الإسلام ليلغي كل تلك الفروق من خلال فرض الزكاة والصدقات، حتى يشعر الأغنياء بما يعاني منه الفقراء، لذلك فرض الله علينا الصيام أيضا، حتى نشعر بمعاناة الفقير في حالة عدم مقدرته على شراء الماء أو الطعام.
الصدقة الجارية في الإسلام
قال الله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)} [سورة آل عمران: 92] تعتبر الصدقة الجارية خير وسيلة يمكن أن يدعم بها الفقراء، كما إنها تبارك للمتصدق في ماله وتجنبه شرور الدنيا، كما أنها تطفئ نار الرحمن إذا أخطأ عبده، ولذلك دعانا الرسول بالتصدق على كل محتاج.
الدليل من الكتاب والسنة على الصدقة الجارية
هناك بعض الدلائل والبراهين من القرآن الكريم والسنة النبوية التي تثبت مدى أهمية الصدقة الجارية، ويمكننا توضيح بعض تلك الدلائل من خلال الآتي :
– قال تعالي “وأنفقوا في سبيل الله” وتدل تلك الآية الكريمة على أن الصدقة هي ابتغاء وجه الله الكريم وطلبا لرحمته ومغفرته.
– قال تعالي “يا أيها الذين امنوا أنفقوا مما رزقناكم” وتدل تلك الآية على أن الرزق من الله، فما يفعله الإنسان انه يقوم بالإنفاق من المال الذي ليس عليه سلطان، فكل ما يحصل عليه الإنسان هو مملوك لله وحده، ولذلك على الإنسان أن يتذكر دائما أهمية الإنفاق والتصدق على الفقراء والمحتاجين.
– قال رسول الله “اتقوا النار ولو بشق تمرة” ويوضح الرسول أهمية كبيرة من الصدقة الجارية وهي أن بمقدرتها تكفير ذنوب المسلم وإنقاذه من الدخول إلى النار، ولذلك أوصي رسولنا الكريم بها.
فوائد وفضل الصدقة الجارية
للصدقة الجارية الكثير من الفوائد يمكننا توضيحها من خلال الآتي :
– تساعد الصدقة الجارية على إطفاء غضب الرحمن، كما إنها تقي المسلم من عذاب النار.
– تساعد الصدقة في تكفير ذنب المسلم ومحي خطاياه مهما كانت كبيرة، كما ذكر الرسول أن العبد يكون في ظل صدقته يوم القيامة.
– كما أن الصدقة قد تساعد على المعافاة من الأمراض، لذلك ينصح بالمريض بكثرة التصدق، حتى يتعافي مما يصيبه في بدنه.
– لقد جعل الله الصدقة خير لصاحبها، حيث أنها ترفع منه البلاء وتبعدها عن المتصدق، كما أنها توسع رزق المسلم وتجلب له الخير، فالصدقة لا تنقص مالا أبدا.
– تساعد الصدقة الجارية على إبعاد الحزن والهم والغم والابتلاء عن المتصدق، لذلك يمكن للإنسان أن يقوم بالتصدق عند شعوره بالتعب والتعسر في حياته.
أنواع الصدقات في الإسلام
للصدقة الجارية أنواع متعددة ويمكننا توضيح بعضها من خلال الآتي :
– النوع الأول هو “الصدقة الخفية” وتلك هي خير أنواع الصدقة، حيث أن المرء يمنحها دون أن يراه الناس.
– النوع الثاني هو “الصدقة في القوة” ومعناها أن يقوم صاحب المال بالتصدق وهو في أحسن حال، ولتلك الزكاة فضل كبير، حيث يضاعف الله ثوابها للمتصدق ويجازيه على الخير الذي قدمه بالبركة في ماله وصحته.
– النوع الثالث هو “الصدقة من القلة” وهي أن يتصدق الإنسان من قوت يومه الذي لا يملك غيره، ولذلك يبارك الله له فيه ويرزق المتصدق من حيث لا يحتسب.
– النوع الرابع هو “التصدق على الأهل” وهي قيام الشخص بالتصدق على أهل بيته الذين بحاجة إلى العون، فالأقربون أولى بالمعروف.
– النوع الخامس هو “الصدقة على الجار أو الصديق” يكرم الله كل إنسان يشعر بضيق حال كل من حوله، لذلك يمكن التصدق على الجار أو الصديق إذا كانوا بالحاجة إلى العون والمساعدة.
أشكال التصدق في الإسلام
للصدقة الجارية أشكال كثيرة يمكننا توضيحها من خلال الآتي :
– التصدق بالمال مباشرة أي إعطاء المتصدق الصدق على شكل المال للشخص الذي يكون بحاجة له من المساكين أو الفقراء.
– التصدق بالماء أو حفر الآبار، فيمكن للإنسان منح الناس الماء بنية الصدقة، ونري ذلك كثيرا في الشوارع والميادين.
– التصدق ببناء المساجد، حيث تعتبر المساجد دور عبادة لله (سبحانه وتعالي) فيمكن للإنسان أن يقوم بالتصدق إذا كان مقتدر من خلال تشييد ذلك البناء في المناطق الفقيرة للناس.
– التصدق في سبيل العلم، ويكون ذلك ببناء المدارس أو مساعدة كل من يريد التعليم وتلقي العلم، بالإضافة إلى نشر المصاحف وتوزيعها لتعليم الناس القرآن ولنشر تعاليم الإسلام بين الناس، حتى يكونوا على دراية بأمور دينهم.