علاقة الأولاد مع الأقارب تسبب كثيرا من الحرج والمشاكل والتصادمات , وما كان الإسلام ليترك هذه العلاقة هكذا دون توجيه ودون إرشاد فوضع لذلك مجموعة من المعالم العامة والهامة منها:
1 - جواز النوم عند الأقارب :
وخاصة إذا لم يكن هناك مخالفات شرعية , وكان الأقارب من الطبقة الملتزمة حيث يتعرف الطفل على علاقات خارجية ملتزمة وقريبة , فيؤثر ذلك فيه أبلغ التأثير, وهذا ابن عباس ينام عند رسول الله عليه السلام ويتعلم منه كيف يقوم الليل
عن ابن عباس قال: " بت في بيت خالتي ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم عندها في ليلتها فصلى النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم جاء إلى منزله فصلى أربع ركعات ثم نام ثم قام ثم قال نام الغليم أو كلمة تشبهها ثم قام فقمت عن يساره فجعلني عن يمينه فصلى خمس ركعات ثم صلى ركعتين ثم نام حتى سمعت غطيطه أو خطيطه ثم خرج إلى الصلاة " متفق عليه.
وبعض الناس يمانعون ممانعة شديدة في نوم الأطفال عند بعض الأقارب دون عذر شرعي مقبول, مما يمنع الطفل من مشاهدة العالم الخارجي عن أسرته الذي ينظر إليه دائما باستغراب
ودهشة ويرغب بشدة أن يطلع عليه ويلج عالمه , ومنعه من هذه الرغبة الشديدة يمنعه من رؤية هذا العالم وقد يؤثر على رؤيته المستقبلية للأمور
2- بر الأقارب :
وهذا من الأمور التي قد يغفل عنها الكثير من الناس فيقصرون بحق أقاربهم فلا يتفقدونهم ولا يحسنون إليهم, وبعض الآباء لا يربون أولادهم على ذلك .
فأفضل الصدقات ما كانت للأقارب : فعن كريب مولى ابن عباس أن ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها أخبرته أنها أعتقت وليدة ولم تستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فلما كان يومها الذي يدور عليها فيه قالت أشعرت يا رسول الله أني أعتقت وليدتي قال : " أو فعلت " قالت : نعم
قال : " أما إنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك " متفق عليه
وأفضل البر بر الأقارب : فقد روى البخاري أن النبي عليه السلام قال : " الخالة بمنزلة الأم "
3- وبر الأقارب يكفر الذنوب : فعن ابن عمر قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول الله أذنبت ذنبا كبيرا فهل لي توبة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألك والدان " قال لا قال " فلك خالة " قال نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فبرها إذا " أحمد
فالخال والخالة والعم والعمة والجد والجدة من الأقارب والأرحام الذين وصى بهم الإسلام وتربية الأولاد على برهم من أهم واجبات الوالدين تجاههم .
4 - الفخر بالأقارب المتميزين : وسيلة تربوية مهمة وهي أن يفخر الإنسان بأقاربه المتميزين والمتفوقين وهذا يؤدي وظائف عديدة منها :
- زيادة الترابط الأسري والمحبة بين أفراد العائلة .
- السعي إلى التأسي بهذا القريب المتميز .
وقد كان النبي عليه السلام يفخر بخاله سعد بن أبي وقاص فقد روى الترمذي عن جابر بن عبد الله قال أقبل سعد فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " هذا خالي فليرني امرؤ خاله " قال الترمذي هذا حديث حسن غريب , وكان سعد بن أبي وقاص من بني زهرة وكانت أم النبي صلى الله عليه وسلم من بني زهرة فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا خالي.
وهذه الوسيلة العظيمة والمهمة والمهملة - في بعض الأوساط - لها دورها الفعال في تنشئة الأطفال على التأسي بالأقارب المتميزين ولها دورها في توطيد أواصر المحبة بين مختلف أطراف الأسرة .
5 - عدم تسمية طفلة أنها زوجة طفل آخر في المستقبل : وهذا قد يحصل في كثير من العائلات والقبائل , فيقولون هذه الطفلة سنزوجها لهذا الصبي أو ذاك في المستقبل , وهم بذلك يضعون أول مسمار نعش في العلاقات الخارجية للأسرة , ذلك أن هذا الأمر يولد كثيرا من المشاكل بين مختلف الأطراف لا سيما إذا نضج الأولاد ولم يكن هناك رغبة من أحد الأطراف بالآخر عند ذلك تقع المشاكل وتتفاقم الخلافات وربما أدى ذلك إلى قطيعة مدى العمر .
فالحل الأمثل لمثل هذه القضية هو عدم ربط أي طفلة بأي طفل ولو على سبيل المزاح , وإنما تترك الأمور لوقتها ولأصحابها , فالله أعطى الفتاة حق اختيارها لزوجها كما أعطى الشاب حق اختياره لزوجته وتسمية الأطفال لبعضهم سلب لهذا الحق الذي أعطاهم الله إياه , وتعد سافر لحرياتهم , وفضول بغيض يكرهه الإسلام .
إن العلاقات الخارجية في الأسرة على مستوياتها المختلفة علاقات مهمة في حياة كل أسرة , وهي وإن كانت متداخلة ومتشابكة لكن الإسلام طلب منا أن نتلمس طريق الصواب فيها حتى لا نزل ول نضيع فتزل وتضيع بذلك أسرنا التي ملكنا الله إياها .