أكل مال اليتيم بغير وجه حق من المحرمات التي نهى عنها الدين الإسلامي، بل ولها عقوبات كثيرة في الدنيا والآخرة، كما أن كفالة اليتيم والعناية به من الأمور التي حثنا عليها الدين الإسلامي، بل ولها فضل عظيم أيضا، ولكن البعض ممن يوكل إليهم العناية باليتيم وأمواله يستغلون الموقف ويأكلون من أمواله بغير حق، وهو الأمر الذي نهى عنه الله عز وجل.
من هو اليتيم
اليتيم هو يتيم الأب الذي لم يبلغ بعد، وبعد بلوغه لا يقال أنه يتيم، وإن مات أبوه وهو في سن البلوغ فلا يقال عنه أنه يتيم، ومن ماتت أمه وأبوه حي يرزق فهو ليس يتيم.
عقوبة أكل مال اليتيم
قال تعالى ” إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا”، صدق الله العظيم، توضح الأية السابقة وهي الأية العاشرة من سورة النساء عقوبة أكل مال اليتيم بغير وجه حق، وهي أن من أكل مال اليتيم بدون سبب أو وجه حق كأنه يأكل في بطنه نارا، وليس المقصود هنا الأكل ولكن يقصد أنه لن يسحقق أي ربح ولن يستفيد نهائيا من هذا المال، ولكنه سوف يكون عقابه في الأخرة النار والعذاب الشديد، وهذا تهديد واضح من الله عز وجل لكل شخص يوكل إليه العناية بأموال اليتامى حتى يفكر ألف مرة قبل أن يأخذ منها قرش واحد بدون وجه حق.
وقال تعالى: ” وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا “صدق الله العظيم، الأية رقم 2 من سورة النساء، وهذه الأية أيضا تأمرنا برد أموال اليتامى وتنهي عن أكل مال اليتيم، وتحذر منه، كما قال تعالى في سورة الأنعام الأية 152 ” وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ” صدق الله العظيم، وهنا توضيح بأن الأحذ من مال اليتيم له ضوابط وشروط، وتوضح أيضا بأنه يجب رد الأموال لليتيم فور بلوغه ووصوله لسن الرشد، حيث يكون قادر على التصرف في أمواله على الوجه الصحيح، فلو وصل اليتيم لسن البلوغ ولكنه لم يكن راشد كفاية حتى يستطيع العناية بأمواله، أو من الممكن أن يهدرها، فلا يستلم أمواله حتى يصبح راشد.
قال عليه الصلاة والسلام في النهي عن مال اليتيم ” يُبعَثُ يومَ القيامةِ قومٌ مِن قبورِهم تَأَجَّجُ أفواهُهم ناراً، فقيل: مَن هم يا رسولَ اللهِ؟ قال: ألم ترَ اللهَ يقولُ: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فضل رعاية اليتيم
يوجد العديد من الأيات القرأنية والأحاديث النبوية التي تحث على رعاية اليتيم والإهتمام به، نذكر منها:
– قال تعالى في سورة النساء الأية رقم 36 ” وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ ” صدق الله العظيم، والأية الكريمة تدعو للإحسان باليتامى وتحث على الأمر.
– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أنا وَكافلُ اليتيمِ في الجنَّةِ هَكَذا، وأشارَ بالسَّبَّابةِ والوُسطى، وفرَّجَ بينَهما شيئاً ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث يوضح بأن كافل اليتيم سوف يحصل على صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام في الأخرة.
– جاء رجل إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يشتكي من قسوة قلبه، فقال له صلى الله عليه وسلم : ” أتحبُّ أن يلينَ قلبُكَ، وتدركَ حاجتَك؟ ارحَمِ اليتيمَ، وامسَح رأسَه، أطعِمْهُ من طَعامِك؛ يَلِنْ قلبُك، وتُدركْ حاجتَكَ ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث الشريف يوضح بأن رعاية اليتيم والعطف عليه تساعد في علاج قساوة القلوب.
– قال صلى الله عليه وسلم ” السَّاعي علَى الأرمَلَةِ والمسكينِ كالمُجاهدِ في سبيلِ اللَّهِ، وأحسِبُهُ قالَ يشُكُّ القَعنبيُّ: كالقائمِ لا يفترُ، وَكالصَّائمِ لا يفطِرُ ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث الشريف يوضح بأن كافل اليتيم يصل لمرحلة المجاهد في سبيل الله، وهي مكانة عظيمة، كما أنه تكون سبب في مضاعفة أجره على كل عباده يقوم بها مثل الصلاة والصوم.
كما أن للرعاية باليتيم فضل عظيم، حيث أنها من علامات حب رسول الله والرغبة في صحبته، كما أن الرسول عليه الصلاة والسلام نشأ يتيما، ولهذا فالإهتمام باليتيم يوضح مدى حب المسلم للرسول عليه الصلاة والسلام، والإنفاق على اليتيم يجعل البركة تحل على هذا المنفق، بل وتحل البركة على أواله وحياته كلها، كما أن المرأة التي يموت زوجها وتعتني بأولادها ووتنفق عليهم، سوف تدخل الجنة وسوف تنعم بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.