لا عطر بعد عروس هي مقولة لـ أسماء بنت عبدالله العذرية، وهي مقولة تدل على الحسرة والألم على فراق الأحبة، وقد وردت تلك القصة في العديد من الكتب التي خصصت لأمثال العرب التي اشتهروا بها، فلا توجد مناسبة محزنة أو مفرحة إلا وتجد لها مثل أو مقولة معبرة عنها، ومقولتنا هذه إحدى المقولات التي تعبر عن حزن صاحبها على ما ترك أو ودع من أحبة، فما هي قصة هذه المقولة وما هو علاج الضيق والحزن كما علمنا رسول الله صل الله عليه وسلم.
عروس سعادة لم تكتمل :
كان هناك رجلًا من الأثرياء يدعى “عروس” وكانت له ابنة عم اسمها أسماء بن عبدالله، أحبها عروس حبًا شديدًا، وتزوجها فكان يدللها وينفق عليها فيما تحب ويشتري لها كل ما تراه عينها حتى أنها كانت تشعر السعادة الغامرة لحب عروس لها ولكن شاءت الأقدار أن يتوفى عروس ويترك هذه الحسناء التي حزنت لفراقه حزنًا شديدًا، وبعد فترة زوجها أهلها من رجل آخر ليس من قومها ولا عشيرتها، وعلى الرغم من أن حبها لابن عمها مازال في قلبها إلا أنها قبلت الزواج إرضاءً لأهلها.
وفي بيت زوجها الجديد نوفل لم ترى تلك المرأة أي نوع من السعادة مطلقًا فهو فقير وبخيل شحيح دميم الشكل اجتمعت به جميع الصفات السيئة حتى أن أسماء كانت تبكي حالها دومًا وفي أحد الأيام أراد نوفل أن يذهب بزوجه إلى أهله حتى تبتعد أسماء عن كل ما يذكرها بهذا المكان فوافقت على شرط أن تذهب لقبر عروس تودعه فوافق زوجها لعله يستريح من هذه الذكرى للأبد.
لا عطر بعد عروس :
ذهب نوفل وزوجته أسماء إلى قبر عروس، وهناك ظلت أسماء تبكيه وترثيه وتعدد محاسنه وتتذكر معاملتها لها وهي تمسك زجاجة عطر كان قد أهداها لها، حتى استشاط منها نوفل وضج وهنا أمرها بأن تقوم حتى يرحل من هذا المكان، وعندما قامت وقعت منها زجاجة العطر عند القبر، فأشار نوفل إليها وإلى زجاجة العطر يذكرها بها حتى تلتقطها فنظرت أسماء وهي تبكي إلى زجاجة العطر وإلى قبر ثم خلفتهم ورائها وهي تردد ” لا عطر بعد عروس “.
علاج الألم والضيق والحزن على فراق الأحبة :
لا عطر بعد عروس هي مقولة معبرة عن الزهد في متع الحياة بعد فراق الأحبة، فلا فائدة من الزينة والعطر، ومن نحب تحت الثرى ودعناهم وتركناهم، ولكن من نعمة رب العالمين أن جعل النسيان دواءً للحزن والألم، حتى وإن ترك جرحًا في القلب فنستطيع التغلب عليه والتعايش مع واقع الحياة ولنا في رسول الله صل الله عليه وسلم أسوة حسنة، فقد الزوجة الحبيبة والإبن، والعم ومع ذلك تغلب على الحزن واستمر في الحياة ولم ييأس من الدنيا ويترك زينتها، ولكن أعطانا مثل للتعايش مع الواقع والاستمرار في الحياة، وأعطانا درسًا قويًا وعلاجًا من كل هذا الضيق هو الذكر والاستغفار، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همِ فرجا، ومن كل ضيِق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب» [رواه أبو داود].