فسر الماء بعد الجهد بالماء هي مقولة عربية من التراث الشعبي، تحكي وراءها قصة وعبرة انتصر فيها العلم على السلطة والقوة، تدور أحداث القصة بين ملك وعالم أراد الملك أن يطرح سؤال تعجيزي لا إجابة له، إلا أن العالم بفطنته وذكاءه استطاع التغلب على الملك وفي النهاية نجى بنفسه من عقوبة كادت تودي بحياته.
قصة مقولة فسر الماء بعد الجهد بالماء :
كان هناك أحد الملوك الذي يرغب دائمًا في إلقاء الأسئلة التعجبية والتعجيزية على جميع من حوله ويستمتع دائمًا بالإجابات الغير متوقعة والتي يعدها نوع من الإثارة والمتعة لمعرفة كل ما يخطر بباله حتى وإن كان السؤال كيف تعرف الماء؟ وفي احد الأيام ارسل في طلب أحد العلماء وأبلغه أنه يريد منه حل مسألة فما كان من العالم إلا أن استجاب وحضر بين يدي ذلك الملك.
وهناك وجه له الملك الحديث قائلًا: أريد منك أن تعرفي لي الماء، وفي حالة فشلك في ذلك سوف أقطع رقبتك، هنا سكت العالم لفترة وقرر أن يخوض ذلك التحدي الغريب الذي غالبًا ما قد ينتهي بقطع رأسه، وأجاب: سمعًا وطاعة يا مولاي، إذا كنت تريد أن تعرف ما هو الماء فلتنصت لي جيدًا حتى تستطيع الاستفادة من كل ما أقول.
اندهش الملك فهل يوجد حقًا تعريف للماء؟ وبدأ في الإنصات للعالم الذي جعل يشرح للملك كل ما يعرف عن الماء من تركيبه وخواصه واستخداماته وقصد من ذلك الإطالة قدر المستطاع فهو بالتأكيد لا يريد أن ينتهي به الحال مقطوع الرقبة، وبعد فترة تزيد عن أربع ساعات قال العالم: وأخيرًا يا مولاي إذا كنت تريد أن تعرف الماء “الماء ما هو إلا الماء”، وهنا اندهش الملك أبعد كل هذا الوقت لم يتبقى إلا أن “الماء هو الماء” فقال الملك لجميع الحاضرين ” فسر الماء بعد الجهد بالماء ” وقرر الملك أن يطلق سراح العالم الذي استطاع بفطنته التنصل من شطحات ذلك الملك.
ما يستفاد من القصة :
على الرغم من فطنة العالم وذكاءه الشديد في الهرب من ذلك الملك وتشتيت انتباه بالمط والتطويل حتى تهدأ سريرته فلا يصدر عليه أي حكم وهو غاضب إلا أن هذا المثل أو هذه المقولة تم استخدامها بشكل آخر وهو أن أحدهم قد يضيع وقته في القيام على تنفيذ امر يأخذ من الكثير من الوقت والتفكير والمال حتى يبذل فيه جهدًا عظيمًا ويصبح الأمر بعد ذلك لا قيمة له عديم النتائج يبدأ بعده الإنسان من نقطة الصفر مرة أخرى.
كذلك يستخدم ذلك المثل للتعبير عن مدعي المعرفة الذي لا يأتي بأي جديد فإذا سألته في أي معلومة حتى وإن كانت معضلة كونية أجاب وفي النهاية لا يقدم أي معلومة جديدة سوى المعلومات المعروفة للجميع فقط مما يشعرك بالخيبة تجاهه فهو يسعى دائمًا للتعبير عن الأنا وإثبات تفوق مزيف على الجميع.