الضروريات الخمس في الإسلام، الحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: جاء الدين الإسلامي بالحق ليحفظ الضروريات الخمس المال والعرض والعقل والنفس والدين وهو ما يحفظ المجتمع بأسره، ويشعر كل البشر بالطمأنينة والتماسك فيما بينهم لأن حفظ الضروريات الخمس يقي من العبث والخلل داخل المجتمع الإسلامي.
أهمية حفظ الدين
الضرورة الأولى من ضرورات الإسلام هو الدين الكامن بالقلب والذي يتعامل به العبد مع خالقه ومع البشر، وعند الإخلاء بما نص عليه الدين من شخص ما وجب عليه التوبة وإلا تم قتله كي لا يقلده أحد وفي هذا قال المولى عز وجل “وقالت طائفة من أهل الكتاب أمنوا بالذي أنزل على الذين أمنوا وجه النهار واكفروا أخره لعلهم يرجعون”، ولكن الخالق كشف كيد الماكرين وصان الدين الخاتم من العبث والسخرية وقال فيهم “ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون”، ونجد أن المولى عز وجل يتوعد هؤلاء المرتدين بالنار التي يخلدون فيها.
ومن ناحية أخرى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل المرتد حيث قال: “من بدل دينه فاقتلوه”، وقال: “لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس والثيب الزاني والتارك لدينه المفارق للجماعة”، وهو الأمر الذي فعله الخليفة أبو بكر بعد وفاة رسول الله حيث قاتل من ارتد عن دين الله وهو الذي رجع عن الإسلام عن طريق ارتكاب شيء ينقض إسلامه من الأقوال أو الأفعال أو الاعتقاد أو الشك، ولكن إذا تاب وعاد فلا قتل له وقد يقول البعض أن هذا من باب الإكراه ولكن قول المولى عز وجل ينفي هذا “لا إكراه في الدين”، ويقول “إنك لا تهدي من أحببت والله يهدي من يشاء”، ويقول “أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين”.
والأمر عند المرتد مختلف لأنه اعتنق الدين الإسلامي عن اقتناع وتركه بعد أن عرفه وهو ما ينتج عنه العبث والصد عن سبيل الله لذلك يقول المولى عز وجل “أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون”، ولذلك لابد من قتله ولا يجوز تعطيل هذا الجزاء لكونه حد من حدود الله، ويقول الحق في كتابه العزيز “إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البيانات والهدي من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم”.
ترتيب الضروريات الخمس
الضروريات الخمس في الإسلام هم الدين ومن ارتد عنه جزاءه التوبة أو القتل، والنفس ومن قتلها لابد من القصاص منه، والمال ووضع حد للسرقة لحفظ المال، والعرض ووضع حد القذف والزنا للحفاظ على العرض، والعقل ووضع حد الشرب لأنه يذهب العقل.
وترتيب الضروريات الخمس من الأمور الهامة ويتم تقديم الدين لكون أصل الدين لابد وأن يقدم على سائر الضروريات، وفي هذا يقول ابن أمير حاج ((ويقدم حفظ الدين من الضروريات على ما عداه عند المعارضة بأنه المقصود الأعظم والباقي مقصود من أجل الدين، ولكون ثمرة الدين هي أكبر الثمرات التي هي نيل السعادة بجوار رب العالمين أي الحصول على الجنة))، ولقوله تعالى “وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون”.
ويأتي حفظ النفس في الدرجة الثانية لأنها تضمن المصالح الدينية والتي تتم بالحفاظ على النفس من القتل وهو ما يعرف بالانتحار، وهو الأمر الذي نزلت فيه الآية القرآنية “ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً”، ونصت الشريعة الإسلامية على حفظ الروح وإلا كان العكس هو الإلقاء بالنفس إلى التهلكة وفي هذا يقول المولى عز وجل “وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين”، وينهى المولى عن قتل الأخرين إلا بالحق “ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق”، وكذلك على المسلم ألا يقتل أخوه المسلم “ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً”.
وفي الدرجة الثالثة يأتي حفظ العرض وفي القرآن الكريم ما ينص على هذه الضرورة من ضروريات الإسلام حيث يقول المولى عز وجل “وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا”.
وفي الدرجة الرابعة يأتي الحفاظ على العقل لكونه مميز للإنسان على الحيوان وبدون العقل يسقط عنا التكليف، وعلينا التعلم ومعرفة العلوم ويقول الله في كتابه العزيز “اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم”.
وأخيراً يأتي الحفاظ على المال والمال من فضل الله علينا وعلينا الحفاظ عليه فلا نبخل ولا نسرف، ويقول المولى عز وجل في هذا “أمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين أمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير”.