تعتبر رواية فخاخ الرائحة للروائي يوسف المحيميد، رواية فريدة من نوعها سواء من حيث السرد أو المعنى، لتصور حياة أبطال شوهتهم يد الطبيعة وعبث بهم البشر، ليحاولون الهروب من ذواتهم بعد أن حملوا أوزارهم التي ظلوا يعانون منها كل حياتهم .

رواية فخاخ الرائحة للروائي يوسف المحيميد
إن رواية فخاخ الرائحة رواية مميزة في معناها وسردها، حيث أن كل فصل من فصولها يتناول وقائع وتفاصيل فريدة ومختلفة، وما يلبث الكاتب أن ينهي فصل إلا ويربطه بسابقه، سواء بكلمة أو معنى تجعل القارئ يتذكر أحداث الفصل السابق، ليتأكد أنه ما زال يقرأ نفس الرواية لنفس الأبطال، الأبطال الذين شوهتهم الطبيعة وعبثت بهم يد البشر، ليعانوا من أوزار تظل ترهقهم طوال حياتهم، فيحاولوا الهروب منها بالهروب من ذواتهم، وقد تم نشر هذه الرواية عام 2003 من قبل رياض الريس للكتب والنشر .

بطل الرواية عانى من مرارة الحرمان من عضو حساس في جسده، أدى هذا إلى تزايد رغبته بالهرب من المدينة التي يعيش فيها إلى مدينة أخرى، لعله يجد من يستطيع فهم واستيعاب مشكلته، إلا أنه أثناء سفره يقع في يده عن طريق الصدفة ملف أخضر اللون، ليقرأ فيه عن شخص آخر لديه هموم أكبر منه وأخطر بكثير، لكنه لم يهرب مثله بل ظل على موقفه ودافع عن وجوده، وقام بتدوين كل ما حدث له، وكل ما يتعلق بقضيته ومشكلته لكي تكون ذكرى ودرس لا ينساه .

الروائي يوسف المحيميد
ولد يوسف المحيميد في الرياض في 31 يناير عام 1964 الموافق 17 رمضان عام 1383، وقد ولد في منزل طيني يقع في حي الشميسي القديم، وقد استبشرت عائلته بقدومه لأنه ذكر بعد 7 بنات مات أول ثلاثة منهن، وعندما بلغ سنة واحدة من العمر انتقلت أسرته إلى حي عليشة الجديد، فعاش المحيميد طفولته وشبابه هناك، وقد تربى على كتب وروايات وأساطير كان يقرأها بعد أن تحضرها له أخته من المكتبة العربية التي تقع في شارع الشميسي الجديد، لاسيما حكايات ألف ليلة وليلة، سيرة عنترة بن شداد، سيرة سيف بن ذي يزن، الزير سالم، وسلسلة المكتبة الخضراء للأطفال .

وكذلك أوليفر تويست للكاتب الإنجليزي تشارلز ديكنز، وبائعة الخبز للفرنسي كزافيه دي مونتابين، وغيرهم، وفي العاشرة من عمره حصل على جائزة عن لوحته ” يوم الأم ” وهي جائزة دولية تمنحها اليابان لرسومات الأطفال، وللمحيميد العديد من الأعمال مثل : رجفة أثوابها البيض، لغط موتى، النخيل والقرميد، أخي يفتش عن رامبو، الحمام لا يطير في بريدة، وغيرهم .

مضمون الرواية
تدور الرواية عن أربعة أشخاص تعتقد في البداية أن كلا منهم منفصل عن الآخر، إلا أنك تكتشف فيما بعد أنهم متشابكين بطريقة ما، الشخصية الأولى هي شخصية طراد وهو لص وقواد يعيش على سرقة القبائل، وفي يوم أوقعته رائحة الإبل فريسة في يد إحدى القبائل أثناء سرقته لها، فقاموا بقطع أذنه، أما الشخصية الثانية فهي تدعى ” عم توفيق ” السوداني الذي فقد عضوه الحساس بسبب اختطاف الجلابة له وبيعه في سوق الرقيق، حيث أن سوق الرقيق قص عضو ذكورته قبل أن يبيعه عبدا، ليعمل بعدها في منازل الأثرياء ثم سائقا، وبعد أن ألغي الرقيق أصبح منبوذ لا يمتلك عملا ولا مكان .

أما الشخصية الثالثة في الرواية فهي شخصية ناصر، وهو لقيط تركته والدته عند مولده في صندوق بالشارع، وذلك بعد أن تسببت رائحتها في جذب سائق لينتج عن هذا طفل تركته في الشارع خوفا من الفضيحة، تكاد القطط تلتهمه وتفقده عينه اليسرى، ويقضي سنواته الأولى في دار حضانة اجتماعية، تبنته بعدها سيدة نبيلة انتقل معها إلى قصرها الذي كان يعمل فيه العم توفيق سائقا، لكن لمخالفته تعاليم القصر عاد إلى الدار مرة أخرى، كونه تبول في الحديقة ونسي أن له حمام خاص به، والشخصية الرابعة هي شخصية تدعى نهار، وهو رفيق طريد قاطع طريق في الصحراء، أصبحوا رفقاء بعد صراع عنيف بينهم على نهب قوافل المسافرين، لقى نهار حتفه بعد فشله وطريد في اعتراض قافلة الحجاج، وتم توثيقه بالجبال لتأكله الذئاب .

اقتباسات من الرواية
– أنا لا أبحث عن الجنة ولا عن فردوس أو نعيم، أريد فقط مكانا يحترمني لا يذلني ولا يعاملني كالكلاب .
– لن أتجه إلى مقعدي سأذهب فورا إلى مكتب التذاكر، وإن سألني الموظفإلى أين ؟ أقول له إلى جهنم .
– هل الرائحة الزكية النبيلة الفاتنة ذات الخيوط الطويلة المتشابكة الدائرية الشبيهة بخيوط العناكب، هي التي أوقعت هؤلاء كما الذباب ؟