إن اللعن محرم في الدين الإسلامي ولا يجوز، والشاهد على هذا العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، قال تعالى : ” مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ ق:18 ]، وقال: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ، كِرَامًا كَاتِبِينَ، يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ [الانفطار : 10 – 12 ]، حيث أمر الله سبحانه وتعالى الإنسان بحفظ لسانه لما هو محرم، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ” لعن المؤمن كقتله “، فشبه اللعن بالقتل، وقال أيضا : ” إن اللعانين لا يكونوا شهداء ولا شفعاء يوم القيامة “، وقال : ” ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء “، وقال صلى الله عليه وسلم : ” سباب المسلم وقتاله كفر ” .

المرء يحاسب على ما يقول

إن المرء يحاسب على ما ينطقه لسانه، فإما يكتب له به حسنة وإما يكتب له به سيئة، لذا فقد أمرنا الله بالتقوى قولا وعملا، حيث قال تعالى : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ” [ آل عمران : 102 ]، وقال تعالى : ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ” [ النساء : 1 ]، ويقول تعالى : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ” [ الأحزاب : 70 – 71 ] .

لذا أمر الله الإنسان بحفظ لسانه، ومراقبته، والتكلم في الحق فقط، وتجنب أذى الناس سواء قولا أو فعلا، قال الله تعالى : ” مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ” [ ق : 18 ]، وإذا نظرنا في ألسنة الناس في الوقت الحاضر نجد تساهلاً كثيرا فيما يقال، وهذه التساهلات نتج عنها مصائب دينية وأخلاقية خطيرة جدا، وإذا علم الإنسان ما يكتب له من ذنوب على ما يقول، لندم على ذلك، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ” ولا تكلم بكلام تعتذر منه غدا ” ( أخرجه ابن ماجة، والحاكم، وصححه الألباني ) .

حكم اللعن في الشرع

1- لعن المسلم لأخيه كبيرة من الكبائر

يعد لعن المسلم لأي شخص كبيرة من الكبائر، والدال على ذلك الحديث الشريف عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، قال : ” كنا إذا رأينا الرجل يلعن أخاه، رأينا أنه قد أتى بابًا من الكبائر “، وقد شبه الرسول الكريم لعن المؤمن مثل قتله، حيث قال صلى الله عليه وسلم : ” ولعن المؤمن كقتله، ومن رمى مؤمنًا بكفرٍ فهو كقتله، ومن ذبح نفسه بشيء، عُذِّب به يوم القيامة ” .

2- لعنة اللاعن ترد في صدره

إن اللعنة تعود لتصيب اللاعن نفسه، والدال على هذا في حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ” إن رجلًا نازعته الريح رداءه على عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم فلعنها، فقال النبيّ : لا تلعن الريح، فإنها مأمورة، وإنه من لعن شيئًا ليس له بأهل، رجعت اللعنة عليه ” .

3- يعاني اللعان من نقص في إيمانه

الشخص الذي يعتاد لسانه على اللعن يكون ناقص الإيمان، والدال على هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ” ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء ” .

4- لا يجب صداقة اللعان

إن اللعان لا يجب أن نتخذه صديقا، بدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله قال : ” لا ينبغي لصِدِّيقٍ أن يكون لعَّانًا ” .

5- اللعان محروم من الشهادة أو الشفاعة يوم القيامة

حرم الله على اللعان أن يكون شهيدا أو شفيعا يوم القيامة، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا يكون اللعانون شفعاء، ولا شهداء يوم القيامة ” .

لذا فالشاهد من الكلام أن اللعن حرام في الإسلام، وللأسف فإنه أصبح ظاهرة منتشرة بصورة كبيرة في هذا الزمن، إلا أن جمهور العلماء يجمع أنه حرام، لذا يجب على كل مسلم أن يحفظ لسانه عن قول الحرام، ويصون نفسه من العواقب الخطيرة المتعلقة باللعن، لأن هذا الأمر يختلط على بعض المسلمين، الذين يظنون أن اللعن محرم فقط في نهار رمضان أثناء الصيام، إلا أن الحقيقة أنه محرم في رمضان وغيره .