رمز الحب الأسطوري العربي، وقصة الحب التي تضاهي قصة روميو وجوليت، إنها قصة قيس وليلى، قيس إبن الملوح الذي أحب إبنة عمه ليلى العامرية وراح ينشد الشعر ويتغنى بحبها، ربما لم يعرف العالم قصة تشبه قصة قيس وليلى، وربما لم يحب محبوب محبوبته مثلما أحب قيس ليلى، ولكن لم يكن لهما نصيب من أن يتذوقا سعادة الحب وهنائه، فلم يكن لهما سوى نصيبهما من شقاء الحب وعنائه، فنهاية قصتهما تشبه الكثير من القصص الأسطورية التي خلدها التاريخ، عن جنون المحبين وفراقهم، حيث أن حكايتهما لم تكلل بالنهاية السعيدة التي يجب أن تنتهى بها كل القصص المماثلة، فقد كانت نهاية قصتهما مأساوية وذلك بعد أن تزوجت ليلى من شخص آخر غير قيس بالإكراه، فهام قيس على وجهه في البيداء حتى لقب بمجنون ليلى، وربما لو إنتهت قصة قيس وليلى بتلك النهاية السعيدة التي تمناها لهما كل المحبين لما كنا سمعنا بقصة حب قيس وليلى، ولما خلد التاريخ سيرتهم، ولربما أصبح قيس رجلاً روتينياً بعد الزواج، ولأنجبت ليلى حفنة من الأبناء وإنشلغت بهم، ولما كانت هذه القصة التي نعرفها، وتمثل رمز الحب والوله بين المحبين والعاشقين.
أنشد قيس العديد والعديد من القصائد التي تنم عن حبه الجم لليلى ومن أشهر قصائده قصيد جبل التوباد التي أنشدها للمكان الذي شهد قصة حبهما منذ البداية، وكذلك خلال مراحلها المختلفة.
قصة قصيدة جبل التوباد
تربى أبناء العمومة قيس وليلى في البادية سوياً بقرية الغيل والتي تمركزت بها قبيلة بني عامر التي ينتمي إليها قيس وليلى، ومثلهم مثل أبناء البدو في ذلك الحين فقد عملا برعاية الأغنام، وحيث أن قيس كان يكبر ليلى بأربعة أعوام، فقد نشأ الحب بينهما منذ الطفولة المبكرة، فقاما قيس وليلى برعاية الأغنام وذلك بمنطقة جبل التوباد، والتي تقع بمحافظة الأفلاج، وعلى بعد 350كم من الرياض، وتعد أشهر المعالم السياحية بالمملكة، حيث يزورها آلاف السائحين كل عام، وبالجبل يوجد هناك غار قيس وليلى الشهير الذي قيل أن العاشقين لطالما إلتقوا فيه، وقصيدة جبل التوباد تحكي المراحل التي مرت بها قصة حب قيس وليلى، وفيما يلي نعرض سطوراً من قصيدة جبل التوباد للشاعر العربي قيس بن الملوح.
سطور من شعر قيس لليلى
بعد أن ذاع صيت علاقة الحب التي تربط قيس بليلى منعها والدها من رؤيته وخاطب الخليفة الأموي مروان بن عبدالحكم الذي أمر بإهدار دم قيس إذا حاول رؤية ليلى مرة أخرى، وتم حجبهما عن بعضهما البعض فأنشد قيساً السطور التالية:
ألا حجبت عنه ليلى والى أميرها ….. عليّ يمنياً جاهلاً لا ازورها
وأوعدني فيها رجال أبوهم ….. أبي وأبوها خثنت لي صدورها
على غير شيء غير أني أحبها ….. وإن فؤادي عند ليلى أسيرها
وإني إذا حنّت إلى الالف إلفها ….. همّا بفؤادي حيث حنت سحورها
وقد مر قيس بجبل التوباد والذي شهد على قصة حبه لليلى بعد أن تم منعه عنها فكتب هذه الأبيات
وأجهشت للتوباد حيـن رأيتـه….وكبـر للرحمـن حيـن رآنـي
وأذرفت دمع العين لما عرفتـه …. ونادى بأعلى صوتـه فدعانـي
فقلت له أيـن الذيـن عهدتهـم ….. حواليك في خصب وطيب زمان
فقال مضوا واستودعوني بلادهم ….. ومن ذا الذي يبقى من الحدثـان
وإني لأبكي اليوم من حذري غداً ….. فراقـك والحـيـان مؤتلـفـان
إن قصائد قيس وليلى هى تخليداً لذكرى هذا الحب العذري الذي ذاع صيته بين القبائل العربية، كما أنها مصدر من مصادر ثراء الشعر والأدب العربي ، ومصدراً للوحي والإلهام لكل من أراد أن يكتب أو يقرأ عن الحب العذري الصادق، وستبقى خالدة على مر السنين لتؤرخ لهذه القصة الأسطورية.