الإنسان واحد من الكائنات المعروف عنه بأنه كائن اجتماعي إلا أنه يمكن أن يتصرف بما يناقض تلك الطبيعية وهو ما يعرف بالسلوك الانعزالي، وكثيرًا ما حذر العلماء من العزلة وقد قيل عنها بأنها تمثل نوعًا من القاتل الصامت أو المدمر للصحة سواء الجسدية أو النفسية ، حيث أثبتت الدراسات الحديثة أنه توجد علاقة بين العزلة والأمراض والتغيرات الجينية التي تصيب الناس، حيث اثبتت تلك الدراسات بأن هؤلاء الذين يعانون من العزلة يمتلكون جهاز مناعي ضعيف وبضعف هذا الجهاز يصبح الإنسان أكثر عرضة للإصابة بالامراض، وذلك بخلاف الآثار النفسية والاجتماعية التي تترتب على هذه العزلة.
ما هى العزلة الاجتماعية عند الأطفال
تعني العزلة الاجتماعية عامة او عند الأطفال الانفصال عن الأشخاص أو الابتعاد عن الأشخاص المحيطين بنا، والذي يمكن أن يحدث وأنت مدرك لذلك أو غير مدرك له، ويقصد بهذا الانعزال أن يقوم الإنسان أو الطفل بقضاء أغلب أو كل وقته مع نفسه دون التعامل أو التواجد مع الناس، ويمكن أن يكون هذا الانقطاع في التواصل مع الناس كامل أو شبه كامل.
أسباب العزلة الاجتماعية عند الأطفال
هناك عدد من الأسباب التي تؤدي إلى العزلة الاجتماعية عند الأطفال تتمثل في:
الغياب الكثير للأبوين وعدم التواصل بالقدر الكافي مع الطفل مما قد ينمي إحساس لدى الطفل بأنه غير مرغوب فيه ولا يمثل أهمية لدى أحد.
المعاملة السيئة من الأهل للطفل وتعرضه للتوبيخ أو الضرب لأتفه الأسباب، وخاصة عندما يتعرض الطفل لهذه المعاملة أمام الغرباء، مما ينمي لديه الإحساس بالدونية، كما يمكن أن يتعرض الطفل للمعاملة السيئة السخرية من قبل المعلمين أو الأقران.
عدم ترك مساحة للطفل للتعبير عن نفسه.
الخوف من الرفض حيث أن بعض الأطفال قد يمتلكون بعض السلوكيات أو العادات التي يرفضها الآخرين ولكن يحبها الطفل، فخوفًا من أن يرفضه المحيطين يتجه للعزلة للمحافظة على سلوكه الذي يحبه
التكنولوجيا الحديثة حيث يرتبط بعض الأطفال بالوسائل التكنولوجيا الحديثة مثل الكمبيوتر وأجهزة الألعاب الإلكترونية ارتباطا مبالغ فيه مما يشغل وقته ويبعده عن المحيط الاجتماعي الموجود حوله حتى يفقد قدرات ومهارات التواصل مع من حوله.
الأسرة والخوف حيث نجد بعض الأسر التي يسيطر عليها الإحساس بالخوف من كل ما يحيط بالطفل، مما يدفعهم إلى عزله ومنعه من الاختلاط بالبيئة المحيطة به وما تحويه، مما يؤثر على قدرات الطفل الاجتماعية ويدفعه إلى العزلة حتى في مراحل عمره الكبيرة إن لم يتم التغلب على تلك العزلة.
المشكلات الأسرية التي تحيط بالطفل مثل الخلافات الدائمة بين الأبوين والشجار.
بعض الإصابات أو الخلل العضوي الذي يمكن أن يكون الطفل مصاب بها، مثل ضعف السمع أو الخلل في الجهاز العصبي والعقلي وكذلك الإصابات النفسية أو العضوية التي تؤدي إلى التخلف أو التأخر.
كما توجد بعض الأسباب التي يمكن أن تنطبق على الأطفال والكبار منها:
الخطأ والصواب وفيه نجد أن المنعزل يرى بأنه هو من على الصواب ومن يحيطون به على خطأ فيفضل أو يميل إلى الانعزال عنهم والاحتفاظ بآرائه ومعتقداته.
الانتقالات العمرية فعادة ما يرتبط الانتقال من مرحلة إلى أخرى عدد من التغيرات الجسمانية والفكرية، والتي يمكن أن يصاحبها نوع من الخجل من هذه التغيرات وبخاصة التغيرات الجسمانية مما يدفع الطفل إلى الانعزال وبخاصة تلك المرحلة التي ترتبط بالبلوغ.
الخوف والقلق إذ يعاني البعض من القلق بشكل مستمر ومنه القلق من الاختلاط بالمحيطين وإقامة العلاقات معهم.
كيف تعالج أو تخلص الطفل من العزلة الاجتماعية
لعلاج مشكلة العزلة الاجتماعية عند الأطفال وكذلك الوقاية منها يمكن إتباع بعض الأجراءات التي تساعد في ذلك.
معروف أن مرحلة الطفولة هى مرحلة البناء لأغلب السلوكيات والعادات وواحد من ضمنها السلوك الاجتماعي للطفل وتعلم كيفية بناء الروابط الإجتماعية ولذا يجب أن يتعرض الطفل لبعض العلاقات الاجتماعية الجيدة والايجابية، مما يوجد لديه خبرات تفاعل جيدة ايجابية، وهنا يجب مراعاة نوعية التفاعلات التي يتعرض لها الطفل بحيث تكون مناسبة لعمره العقلي، وأيضًا إخضاع تلك التفاعلات للرقابة.
تعريف الطفل على بعض نماذج التفاعل الاجتماعي الإيجابية التي من خلالها يتعرف الطفل على سلوكيات الطفل المحبوب اجتماعيًا والسلوكيات السلبية التى تجعل الطفل غير مرغوب به، فمن المعروف أن تعرف الطفل أو رؤيته لنماذج أو أمثلة لما يتم تعليمه هو واحدة من وسائل التعليم الناجحة.
الاحترام الذي يجب إظهاره للطفل وتقبله بكل ما فيه مع نشر روح من التقبل والدفء من الوالدين للطفل وكذلك الأقران والمعلمين، ويجب أن يتم ذلك بالأفعال وليس فقط بالأقوال، وتبدأ في الأساس من داخل الأسرة فمن لا يشعر بالانتماء والاحترام في الأسرة الخاصة به سيعاني من مشكلة الانتماء والتواصل مع المجتمع الخارجي.
تنمية المهارات والمواهب لدي الطفل مما يساعد على بناء الثقة بالنفس ويفضل أن يتم ذلك قي إطار جماعي وتشاركي، وتعلم مهارات جديدة وتمثل المهارات الرياضية أو ممارسة الرياضة رقم واحد في تلك المهارات.
الأسرة تمثل العامل الأهم والأول المتسبب في العزلة الاجتماعية عند الأطفال بسبب المعاملة الخاطئة والسيئة للطفل وإحاطته بجو مشحون بالخلافات والمشكلات والنزاع وإشعار الطفل بعدم الاحترام وعدم الأهمية، وهى أيضًا الوسيلة الأولى والأهم في علاج تلك المشكلة من خلال بث الأمان والدفئ في علاقة الطفل، وكذلك توفير أول نماذج التفاعل الاجتماعي الإيجابية التي تمثل بوابة الطفل للتخلص من العزلة.