عديدة قصص الذين تركوا دياناتهم ودخلوا الدين الإسلامي، ولكل منهم حكاية بها العبر والعظات الكثيرة، لكن قصة الكاتبة الأمريكية مريم جميلة (مارغريت ماركوس سابقاً) المولودة في 23 مايو 1934م في مدينة نيويورك الأمريكية ، لأبوين يهوديين ألمانيين عاشا في نيويورك، لها مذاق مختلف تغلفه الرغبة في معرفة الحقيقة والبحث عن حلاوة الإيمان.
هذه المقالة تسلط الضوء على قصة إسلام الكاتبة الأمريكية مريم جميلة.
البدايات عند الكاتبة مريم جميلة
كانت الطفلة مارجريت ماركوس، التي تربت في كنف والدين يعتنقان اليهودية، على خلاف دائم لما تراه من تصرفات والديها، ليس بسبب أخلاقي فحسب إنما بسبب يعود إلى فطرتها السليمة، إذ كانت وهى طفلة تألم لمعاناة الفلسطينيين، أكثر من ألمها وهي تشاهد صور محرقة “الهولوكوست”، التي ينشرها الإعلام اليهودي ونجح في جعلها مقدس لا رفضه أو حتي نقده، يجب نقده، لكنها لم تكترث لتلك الدعاية، فقد كانت تتمنى تلك الطفلة زيارة فلسطين لرؤية العرب الفلسطينيين ” أولاد عمها ” بعد أن قال حاخاماً يهوديا بالمدرسة اليهودية التي كانت تدرس فيها أنَّ العرب واليهود هم ” أولاد الخليل ” إبراهيم.
كبرت مارجريت وكانت صبية ، وزاد وعيها الفطري بالحق والعدل، فرفضت مظاهر فرح والديها الاحتفالية بقرار تقسيم فلسطين إلى دولتين فلسطينية ويهودية سنة 1947م، و بانتصار اليهود في حرب 1948 على العرب، ورفضت الاستسلام لما يحدث، وأخذت تجادلهم والديها بقوة، بل وطالبتهم باحترام أحزان العرب.
أول ما قرأت عن الإسلام
كان لهذا العقل النقدي الذي يرفض المسلمات دون مناقشة أن يحاول التعرف على الاخر، وقررت مارجريت أن تقرأ عن الإسلام والمسلمين ، فكان الفتح الأكبر في حياتها أن بدأت المعرفة بالإسلام من خلال كتاب الله تعالى القرآن الكريم، فقد وصلت لها ترجمة القرآن الكريم للبريطاني المسلم محمد بيكتهول.
وبعد أن فرغت منه حاولت أن تعرف أكثر عن الإسلام فقرأت ترجمة إنجليزية لـ كتاب “مشكاة المصابيح” للتريزي الذي يجمع الأحاديث المشهورة ، أثناء دراستها في جامعة نيويورك للآداب عام 1953م، وبدأت مرحلة الاهتزاز بما تؤمن وخلخلة ما كان يعتقد أنها ثوابت، حيث جاءت الهداية إلى دين الإسلام الذي كان له الغلبة ، بعد أن قرأت في الحركة الإصلاحية اليهودية، والديانة اليهودية الأرثوذكسية والبهائية، وغيرها من ديانات ومذاهب، فلم يقنعها دين غير الإسلام كما لم يقنعها مذهب غير سنة الرسول عليه الصلاة والسلام.
عثرات ساهمت في قوة إيمانها
حفلت حياة الشابة مارغريت ماركوس، بالعديد من العثرات وإن كان الوصف دقيقا بالإبتلاءات ، فقد مرضت وساءت حالتها الصحية، وتغيبت عن الجامعة فلم تتمكن من إكمال دراستها، فساءت حالتها النفسية ودخلت مستشفى لتلقي العلاج، لكنها حين خرجت منها عام 1959م بدأ اهتمامها بالإسلام يتطور ويزداد، وبدا واضحا هذا الاهتمام بانخراطها في العديد من المنظمات الإسلامية ومراسلة شخصيات إسلامية مهمة، كانت تري أن لهم دورا في التجديد الإسلامي، إذ ظلت تراسلهم لعدة سنوات.
نقطة التحول الكبرى
شكل اعتناق مارجريت ماركوس للإسلام نقطة تحول كبرى في حياتها، فلم تعد مارجريت ماركوس لقد أصبحت مريم الجميلة، و كان اعتنقاها الإسلام في 24 مايو 1961م على يد داود فيصل إمام مسجد بروكلين في ” نيويورك “، وبعد إسلامها بعام لم يطب لها العيش في أمريكا فتركت نيويورك ورحلت إلى باكستان، وأقامت مع أسرة المودودي مدة عامين، ثم زوجها أحد أتباعه، وأنجبت ولدين وبنتين ولها منهم اثنا عشر حفيدًا.
أهم مؤلفاتها
ابدعت مريم جميلة خلال رحلتها في الإسلام التي استمرت أكثر من نصف قرن فكرا ينصف الإسلام والمسلمين ، فكتبت 25 مؤلفًا عن الإسلام أشهرها الإسلام في مواجهة الغرب و رحلتي من الكفر للإيمان والإسلام في النظرية والتطبيق والإسلام والتجدد وترجمت بعض هذه الكتب لعدة لغات بينها التركية والأردية والفارسية، وكان القاسم المشترك في كل هذه الكتابات هو تمجيد القيم الإسلامية وانتقادها بعنف للمجتمعات الغربية، إضافة لتصديها لحملات تشويه الإسلام.
توفيت مريم الجميلة في 31 أكتوبر 2012م بعد رحلة بلغت نصف قرن من العمر، توجت بالإسلام.