حظيت المرأة بمكانة مرموقة في الدين الإسلامي بعد أن كانت مكانتها مهملة ومسلوبة الحقوق في المجتمع الجاهلي، وانطلقت النساء بعد مجئ الإسلام للعمل وأخذ مكانهن بميادين متنوعة، فلمع بعضهن في عدة مجالات، وظهرت براعتهن في الكثير من المهن، وبرز منهن أول طبيبة في العالم الإسلامي .
رفيدة الأسلمية أول طبيبة في الإسلام
لعبت الصحابيات – رضي الله عنهن – دورًا بارزًا في خدمة الدعوة الإسلامية، والعمل على رقي المجتمع الإسلامي، وإمداده بكل ما يحتاج إليه من أعمال وخبرات مختلفة، ومن بين تلك المجالات مجال الطب والتمريض، والذي ساهم فيه العديد من الصحابيات الكرمات من خلال إتقانهن للطبابة والتمريض، وقد ظهر دورهن بوضوح خلال الغزوات والمعارك التي خاضها المسلمون، فقد كانوا يقومون بمداواة وعناية الجرحى المسلمين، ومن أبرز الصحابيات اللاتي قمن بممارسة هذا العمل هي رفيدة بنت سعد الأسلمية والتي كانت أول طبيبة في الإسلام .
قامت رفيدة بنت سعد بمبايعة النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام واعتنقته بعد الهجرة النبوية، وقد خاضت مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة الخندق وغزوة خيبر، وقد عُرف عنها إجادة القراءة والكتابة وامتلاك العلم الغزير، وكانت صاحبة مال وجاه، فوهبت مالها للعمل في التطبيب والتمريض، وسخرّت جهوداتها في سبيل الله تعالى وخدمة المرضى والجرحى من المسلمين .
خيمة رفيدة الأسلمية لمداواة المسلمين
امتلكت رفيدة رضي الله عنها خيمة طبية بالمسجد، حيث كان يتم نقل جرحى المسلمين إلى تلك الخيمة لتقوم هي بمداواتهم وعلاجهم، وقد كانت تعد تلك الخيمة بمثابة أول مستشفى ميداني في الإسلام، وقد ذكر الصحابي الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه أنه عندما أصيب في غزوة الخندق، أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتم حمل سعد إلى خيمة رفيدة لمعالجته ومداواته، حيث جاء في الرواية :
” لمّا أُصيبَ أَكحُلُ سعدٍ يومَ الخندقِ فثقُل حوَّلوه عند امرأةٍ يُقال لها: رُفَيدةُ، وكانت تُداوي الجَرحى، فكان النبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- إذا مرَّ به يقول: كيف أمسيتَ؟ وإذا أصبحَ قال: كيف أصبحتَ؟ ” .
وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم لرفيدة رضي الله عنها جزءًا من غنائم غزوة خيبر، وذلك نظرًا لدورها العظيم في مداواة جرحي المسلمين، حيث خصص النبي صلى الله عليه وسلم لها سهمًا كما سهم المقاتل من الغنيمة، إقرارًا منه بدورها الذي تعدى نفعه المجاهدين وعامة المسلمين .
أبرز الصحابيات الفاضلات
برزت العديد من الصحابيات الأخريات اللاتي قمن بالكثير من المجهودات في سبيل نشر رسالة الإسلام، ومساندة النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته إليها، ومن أبرز تلك الصحابيات :
خديجة بنت خويلد
كانت خديجة بنت خويلد رضي الله عنها أولى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وقد آمنت برسالته وقامت بمواساته والتخفيف عنه في أصعب أوقاته، وساندته بمالها ومكانتها، وقد كان له منها أبناء .
وشهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها كانت خير نساء زمانها وأفضل نساء الجنة، وأحبها الرسول كثيرًا وكان بارًا لها في حياتها وبعد وفاتها، وقد كان ذلك دليلاً قويًا على عظم منزلة أم المؤمنين في قلب النبي صلى الله عليه وسلم ومكانتها لديه .
روى عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: ” أفضلُ نساءِ أهلِ الجنةِ خديجةُ بنتُ خُويلدٍ، وفاطمةُ بنتُ محمدٍ، ومريمُ بنتُ عمرانَ، وآسيةُ بنتُ مُزاحمٍ امرأةُ فرعونَ ” .
عائشة بنت أبي بكر
اتصفت عائشة بنت الصديق أبي بكر رضي الله عنهما – زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم – بالكثير من الخصال الحميدة والمناقب الجليلة، وقد كان من أبرز وأهم تلك الصفات هي بلوغها درجة عالية من العلم والفقه، فقد كانت أفقه نساء المؤمنين .
كانت عائشة رضي الله عنها من أكثر الصحابة الأجلاء – رضوان الله عليهم – رواية لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان بعض الصحابة والتابعين يأخذون من علمها وما قامت بروايته من الأحاديث وما حفظته عن النبي صلى الله عليه وسلم .
كان لعائشة رضي الله عنها مكانة خاصة في قلب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان يظهر ذلك الحب ولا يخفيه، حتى إن عمرو بن العاض رضي الله عنه قام بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس أحب إليك يا رسول الله ؟ قال : عائشة . قال : فمن : الرجال ؟ قال : أبوها .