شمل القرآن الكريم عدد كبير من أوجه الإعجاز العلمي ، تلك الآيات التي تم اثباتها بعد سنوات طويلة من نزول القرآن ، فكان من بينها ظاهرة البرزخ الموجودة في البحر .
ظاهرة البرزخ
من بين الظواهر الكونية العجيبة ، تلك الظاهرة التي تمتاز باندماج البحر المالح مع المياه العذبة دون اختلاط كليهما ، ظاهرة عجيبة اكتشفها العلماء في نهاية القرن التاسع عشر ، ربما تكون ظاهرة أشبه بالإعجاز العلمي ، تلك التي تتمثل في شكل حاجز يعيق اختلاط المياه العذبة و المالحة على الرغم من التقائهما ، و ليس اللقاء فقط هو وجه الإعجاز ، إنما الجدير بالذكر أن هذه المنطقة تشهد ارتفاع لمستوى المياه العذبة.
و على الرغم من ذلك لا يمكنها الطغيان على المياه المالحة ، تلك الظاهرة التي ذكرت في عدد من المواقع في القرآن الكريم ، و منها قوله تعالى وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا (53) ( سورة الفرقان ) ، كذلك قوله تعالى مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ (20) ( سورة الرحمن ) ، و كذلك قوله أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61) ( سورة النمل ) .
التفسير العلمي للبرزخ
– ذهب العلماء إلى العديد من التفاسير ، و التي استقرت على وجود حاجز يتواجد بين البحرين ، و قد وجد البعض أن هذا الحاجز هو كيان مادي يمكن رؤيته بوضوح ، و هذا الكيان هو الذي يحول بين اختلاط المياه ، فيما وجد الفريق الآخر أن هذا البرزخ ليس إلا حاجز معنوي ، و ذلك لأن التفسير الأول يتعارض مع تفسير الآية .
– انتقل بعض المفسرين أيضا إلى كلمة مرج ، تلك الكلمة التي تعني في اللغة العربة الخلط ، و عند التوقف عند هذا التفسير يكون من الطبيعي أن هناك أمر خارق للعقل ، فكيف يكون هناك دمج و كيف يتم الحفاظ على البحرين دون اختلاط .
– عندما حاول العلماء البحث في طبيعة منسوب المياه المالحة و العذبة على سطح هذه الأرض ، تبين أن كلا منهما موجود على الأرض بقدر ، بل و بكثافة معينة لا تختل مهما بلغت عمليات التكثف و الأمطار و غيرها من العمليات الطبيعية ، و هذا الأمر هو ما يحفظ حياة الكائن الحي .
تفسيرات للحاجز المائي
– حاول علماء الجيولوجيا البحث في طبيعة الفاصل بين الماء المالح و العذب ، و تبين أن هناك حاجز يمنع دخول جزيئات الملح في المياه العذبة ، هذا الحاجز هو نفسه القانون الذي يمنع اختلاط جزيئات مادة في وسط غير مناسب لها ، حيث أن هناك فارق بين تركيز الماء العذب و المالح يتسبب في تكوين هذا الحاجز دون اختلال .
– بالنسبة للكائنات البحرية الموجودة في كلا المنطقتين ، فكلا منهما تحتفظ بكائناتها البحرية دون أي خلل ، و بالنسبة للمنطقة الوسطى فتمتاز هذه المنطقة بهبوط تركيز الملح بشكل تدريجي ، و الجدير بالذكر أن هذه المنطقة يعيش فيها عدد من الكائنات البحرية ، التي تختلف عن كلا من المنطقتين الآخرين ، و يطلق على هذه المنطقة الماء الآسن أو الماء الكريم ، و هذه المنطقة المذكورة هي التي تحدث عنها القرآن الكريم بمنتهى الدقة .
– تحدث العلماء أيضا عن ماهية البرزخ ، فقالوا أن هذا البرزخ عبارة عن كيان أوسط يحفظ مستوى كثافة المياه ، و قالوا أن البرزخ يحول دون اختلاط المياه بشكل مطلق ، على الرغم من ارتفاع احداهما عن الأخرى ، و هي منطقة غريبة لا زالت مبهمة حتى اليوم ، على الرغم من الأبحاث العلمية الواسعة ، و على الرغم من ذلك فهي مطابقة للوصف القرآني .