كثيراً ما يلتقي الإنسان بأناس يتحدّثون بموضوعٍ معيّن فإذا هم يذكرون ما يظنّونه أنّه حديث عن رسول الله عليه الصّلاة والسّلام بقولهم ألم يقل الرّسول عليه الصّلاة والسّلام كذا وكذا، والحقيقة أنّ هذه المسألة في غاية الحساسيّة ذلك أنّ المسلم مأمورٌ بالاقتداء بنبيّه الكريم، والاقتداء يكون باتّباع سنّته التي وردت عن طريق كتب الحديث الشّريف كصحيح البخاري ومسلم وغيرهم، فإذا اعتقد المسلم بأنّ الحديث الذي يرويه وقد لا يكون له أصل هو حديث صحيح فهذا يعني أنّه سوف يقتدي بتوجيهات هذا الحديث وبالتّالي يبني عليه عمله وقوله وإذا تيّقن أنّ هذا الحديث خاطىء ولا أصل له فهذا يعني احتماليّة وقوع الإنسان في الخطأ أو الميل عن سنّة الرّسول عليه الصّلاة والسّلام إلا أقوال ابتدعها البشر من أنفسهم .

التأكد من صحة الأحاديث النبوية

اعتنى علماء المسلمين على مدار مراحل التاريخ المختلفة بجمع الأحاديث النبوية الشريفة وتصنيفها وفقاً لعدة معايير ، وذلك من أجل إخراج كتباً موثوقة ومعتمدة تعد مرجعاً للمسلمين في كل زمان ومكان . وعلى كل مسلم أن يدرك مدى أهمية التأكد من صدق الأحاديث الشريفة باعتبارها مصدر تشريع من بعد القرآن و أركان الإسلام الخمس التي جاءت في أحد الأحاديث النبوية الصحيحة :

فمن حديث عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال ” سمعت رسول الله يقول : بُني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والحج، وصوم رمضان ” أخرجه الإمام البخاري .

وبشكل عام يمكنك التأكد من صحة الأحاديث وفقاً لما لتصنيف العلماء على النحو التالي:

الحديث القدسي

هو ما نقله الرسول صلَ الله عليه وسلم على لسان الله سبحانه وتعالى ، أي أن معناه منسوب إلى الله ، ولكنه مع ذلك لا يعد جزاءً من القرآن  مثل اية الكرسي على سبيل المثال أو غير ذلك من الآيات المحفوظة ، لأنه لم يأتي بإعجازٍ كإعجاز القرآن الكريم ، كما إنه لا ينقل بالتواتر كالقرآن لذا فإنه قابل للتحريف . ويرجح العلماء هذا الحديث لأنه الأقرب للصواب بما أن لفظه جاء من نبينا الكريم صلّ الله عليه وسلم.

الحديث الصحيح

إن الحديث الصحيح هو الحديث الذي نقل عن الرسول صلَ الله عليه وسلم وفقاً لسند صحيح لا يشيبه خطأً أو شذوذ ، أي إنه نقل عن أصحاب النبي عبر أهل التقوى والصلاح ، إلى جانب أنه لا يخالف ما جاء في القرآن الكريم . ويعد كل من صحيح البخاري ، صحيح مسلم ، صحيح الموطأ من أهم الأمثلة على هذا النوع من الأحاديث ، لذا يجب قراءتهم بعناية والالتزام بما جاء فيهم من تشريع.

الحديث الحسن

وهو ما ورد أيضاً عن النبي صلّ الله عليه وسلم وفق سند صحيح ، ولكن بضبط يعد أقلاً من ضبط الحديث الصحيح ، ولعل أبرز الأمثلة على هذا النوع من الأحاديث هي أحاديث الجامع والمسند والسنن ، وهذه الأحاديث لا تقل بالطبع عن الأحاديث الصحيحة من حيث التشريع لأنها تحمل المعنى نفسه.

الحديث الحسن لغيره

وهو حديث جاء من راوي لا يمكن وصفه بالكاذب ، فقد يكون راويه غير معروف من الأساس ، أو يكون الحديث نفسه قد جاء بعدة روايات مختلفة وسند غير كامل.

الحديث الضعيف

هو حديث لا يشمل أي شرط من شروط الحديث الصحيح ، أي أنه مقطوع السند ، وغير مضبوط بشكل سليم ، كما أنه منافي لكل من الحديث الصحيح والحديث الحسن . وبذلك فلا يمكنك الأخذ به أو اعتباره كمصدر من مصادر التشريع الإسلامي ، خاصة وأن ناقله غالباً ما يكون مجهول الهوية.

الحديث الموضوع

هو حديث كاذب تماماً وليس له أي أساس من الصحة ، كما أنه يخالف سيرة النبي وما جاء في القرآن الكريم ، لذا يجب عدم الأخذ به أو تصديقه.

هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها التأكد من صحة الحديث النبوي، ومن أبرز هذه الطرق:

  • النظر إلى سند الحديث: ويقصد به سلسلة الرواة الذين نقلوا الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم إلى راويه الحالي. فإذا كان سند الحديث صحيحًا، أي أن الرواة في السند كانوا أتقياء، وحافظين للحديث، وغير متهمين بالكذب أو التدليس، فإن الحديث يكون صحيحًا.
  • النظر إلى متن الحديث: ويقصد به المحتوى اللفظي للحديث. فإذا كان متن الحديث لا يخالف القرآن الكريم، ولا يخالف ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أقوال وأفعال وتقريراته، فإن الحديث يكون صحيحًا.
  • النظر إلى علة الحديث: ويقصد بها أي عيب أو نقص في سند أو متن الحديث، قد يؤثر على صحته. فإذا كان الحديث خاليًا من العلل، فإن الحديث يكون صحيحًا.

وقد وضع العلماء العديد من القواعد والمعايير التي يمكن من خلالها التحقق من صحة الحديث النبوي، وقد تفرعت هذه القواعد والمعايير إلى العديد من العلوم المتخصصة، مثل علم الرجال، وعلم العلل، وعلم الحديث.

وفيما يلي شرح لطرق التأكد من صحة الحديث النبوي:

النظر إلى سند الحديث:

يعتمد التأكد من صحة الحديث النبوي على النظر إلى سند الحديث، وهو سلسلة الرواة الذين نقلوا الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم إلى راويه الحالي. فإذا كان سند الحديث صحيحًا، أي أن الرواة في السند كانوا أتقياء، وحافظين للحديث، وغير متهمين بالكذب أو التدليس، فإن الحديث يكون صحيحًا.

وقد وضع العلماء العديد من القواعد والمعايير التي يمكن من خلالها التحقق من صحة سند الحديث، ومن أبرز هذه القواعد والمعايير:

  • عدم وجود راو في السند متهم بالكذب أو التدليس.
  • عدم وجود راو في السند قد اختلط عليه الحديث.
  • عدم وجود راو في السند قد خالف غيره من الرواة في الحديث.

النظر إلى متن الحديث:

يعتمد التأكد من صحة الحديث النبوي أيضًا على النظر إلى متن الحديث، وهو المحتوى اللفظي للحديث. فإذا كان متن الحديث لا يخالف القرآن الكريم، ولا يخالف ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أقوال وأفعال وتقريراته، فإن الحديث يكون صحيحًا.

وهناك العديد من القواعد والمعايير التي يمكن من خلالها التحقق من صحة متن الحديث، ومن أبرز هذه القواعد والمعايير:

  • عدم مخالفة الحديث للقرآن الكريم.
  • عدم مخالفة الحديث لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أقوال وأفعال وتقريراته.
  • عدم وجود تناقض في متن الحديث.
  • عدم وجود مبالغة أو غرابة في متن الحديث.

النظر إلى علة الحديث:

قد يُصاب الحديث النبوي بعلة، وهي أي عيب أو نقص في سند أو متن الحديث، قد يؤثر على صحته. فإذا كان الحديث خاليًا من العلل، فإن الحديث يكون صحيحًا.

وهناك العديد من العلل التي قد تصيب الحديث النبوي، ومن أبرز هذه العلل:

  • الاضطراب: وهو اختلاف الرواة في سند أو متن الحديث.
  • الاختلاف: وهو اختلاف الرواة في متن الحديث دون اختلاف في سنده.
  • القذف: وهو أن ينسب أحد الرواة حديثًا إلى راو آخر، دون أن يكون له علم بذلك.
  • الوهم: وهو أن يخطئ الراوي في حفظ الحديث أو نقله.

وعلى المسلم أن يحرص على تعلم طرق التأكد من صحة الحديث النبوي، حتى يتمكن من التفريق بين الحديث الصحيح والحديث الضعيف أو الموضوع.