ولدت سيمون دي بوفوار في 9/1/ 1908 م في باريس ، وانتمت لأسرة كاثوليكية غنية ، وتلقت تعليمها في مدارس خاصة بباريس ، كما التحقت بمعهد ديني راقي وهي في السادسة من عمرها ، ولكن في الرابعة عشر من عمرها انسحبت بعد تغير فكرها إلى اليسارية .

قام والدها بوصفها أنها تفكر مثل الرجال ، وتمكنت من دراسة الفلسفة بجامعة السوربون بعد دراستها للرياضيات ، وتضمنت رسالتها ” عالم الرياضيات والألماني غوتفريد لايبنتس” .

حصلت سيمون على شهادة الأستاذية بالفلسفة في عام 1929 م ، وتعرفت على الفيلسوف جان سارتر قبلها بثلاثة سنوات ، وتم تعينها أستاذة لتعليم الفلسفة ، ولكنها قدمت استقالتها عام 1943 م ، لتقوم بالعديد من الرحلات بعدها ، حتى توفيت عن عمر يناهز 78 عام وذلك في عام 1986 م .

اهتمت الفيلسوفة سيمون دي بوفوار بشئون الدفاع عن المرأة منذ بداية حياتها ، كما طالبت بحقوق المرأة في اتخاذ القرار و التخلص من الأوضاع الإجتماعية التي تقيدها ، ودعمت أيضا حركات تحرير المرأة في جميع أنحاء العالم ، وشاركت في مؤتمر ” حركة السلام ” الذي عقد في مدينة “هلسنكي” .

أعمال سيمون دي بوفوار
أصدرت سيمون أولى رواياتها عام 1943 ، وأصبحت في أول لجنة لإصدار مجلة “الأزمنة الحديثة ” عام 1945م ، والتي كان الفيلسوف جان سارتر رئيسا لتحريرها ، وخلال هذه الأعوام من 1943 حتى 1946 م ، أصدرت عددا من الروايات وهي كالتالي : العنيفة ، أنت لتبقى ، دم الآخرين ، أفواه ، الجنس الآخر ، وتتناول جميع هذه الروايات قضية الحريات بالمقارنة مع مواجهة المسئولية ، والتمكن من التضحية الحقيقية لتحقيق الصالح العام ، بالإضافة إلى مكانة المرأة في العصر الحديث ، وجدير بالذكر أن رواية “الجنس الآخر ” قد أثارت جدلا كبيرا وقتها .

وقامت سيمون بكتابة سيرتها الذاتية خلال الأعوام من 1958 إلى 1974 م ، وتتكون من أربعة أجزاء ، وأول جزء يحمل إسم ” مذكرات أبلة مطيعة ” عام 1958 ، “ربيع الحياة ” عام 1960 م ، “قوة الظروف ” ، وأخيرا ” كل شيء قيل ” عام 1974 ، وكانت سيمون تعمل لمدة ثلاثين عاما في تأريخ الحياة الفكرية بفرنسا .

استطاعت سيمون دي بوفوار القيام برحلات كثيرة إلى أوروبا ، الصين ، الاتحاد السوفيتي ، البرازيل والولايات المتحدة ، وارتبطت سيمون بالأديب الأمريكي نيلسون الفرين حتى انقطعت علاقتها بالفيلسوف الوجودي سارتر .

في عام 1926 تعرفت سيمون دي بورفوار بالفيلسوف جان بول سارتر ، في جامعة السوربون ، ونشأ بينهما تواصل فكري ، فكانا يقضيان الكثير من الأوقات في مناقشات وحوارات فلسفية ، وتوطت العلاقة بينهما لتتحول من الصداقة إلى قصة حب ، والتي انتهت بوفاتهما ، وكانت العلاقة بينهما سرية ولم تعرف إلا بعد وفاتهما أيضا .

رسالة جان بول ساتر إلى سيمون دي بورفوار :

“أنا أحترفُ حُبِّي لكِ وأحوِّله لداخلي كجزء مُتأصِّل مني.”
، توجد قصص الحب مثل  التي بين الأزواج الذين يُمثِّلون القوى الفكريَّة والإبداعيَّة في التاريخ؛ مثل تلك بين فريدا كالو ودييغو ريفيرا، فرجينيا وولف وفيتا ساكفيل-ويست، جورجيا أوكييف وألفريد ستيغليتس، تشارلز وراي إيمز، وهنري ميلر وأنيس نين، كنت سعيدًا بإيجاد جوهرة من الفيسلوف الوجودي الفرنسي، الأسطورة، الروائي والناشط السياسي جان بول سارتر (21 حُزيران 1905 – 15 نيسان 1980)

فتاتي الصغيرة العزيزة،
لوقت طويل انتظرتُ أن أكتب لكِ، في المساء بعد واحدة من تلك النُزهات مع الأصدقاء التي سأصفها عن قريب في “هزيمة”، ذاك النوع حيث يكون العالم لنا، وقد أردتُ أن أُحضر لكِ فرحة المُنتصر وأضعها تحت قدميكِ كما فعلوا في عهد ملك الشمس، ولكنَّني عندما أتعبُ من الصراخ أذهب دائمًا للنوم، واليوم أنا أقوم بهذا لأشعر بلذَّة لا تعرفينها بعد، لذَّة التحوُّل فجأة من الصداقة للحُب، من القوَّة للرقَّة؛ هذه الليلة أُحبِّكِ بطريقة لم تعرفيها بي بعد، فأنا لستُ مُتعبًا من السفر ولا ملفوف برغبتي بحضورك، أنا أحترف حُبِّي لكِ وأحوِّلُه داخلي كجزء مُتأصِّل منِّي؛ يحدُث هذا أكثر بكثير مما أعترف به لكِ ولكن نادرًا وأنا أكتبُ إليكِ، حاولي أن تفهميني؛ أنا أُحبِّكِ بينما أنتبه للأشياء الخارجيَّة، أحببتكِ ببساطة في تولوز، والليلة أُحبُّكِ كمساء ربيعي، أُحبُّكِ والنافذة مفتوحة، فأنتِ لي والأشياء لي ولكنَّ حُبِّي لكِ يُعدِّل الأشياء حولي وتُعدِّل الأشياء حولي حُبِّي لكِ.

فتاتي الصغيرة العزيزة، أخبرتكِ ما ينقُصكِ في الصداقة، ولكن الآن وقتُ نصيحة عمليَّة أكثر، ألا تستطيعين إيجاد صديقة امرأة؟ كيف بإمكان تولتوز ألا تحتوي على امرأة مُفكِّرة واحدة تستحقكِ؟ ولكن ليس عليكِ أن تُحبيها، فأنتِ للأسف دائمًا مُستعِدَّة لتُعطي حُبَّك وهو أسهل ما يُمكن أخذه منك، وأنا لا أتحدَّث عن حُبِّكِ لي، والذي يتخطَى ذلك، ولكنَّكِ مُبذِّرة بمحبَّتكِ الثانويَّة، مثل تلك الليلة في تيافيريز عندما أحببتِ الفلَّاح الذي كان ينزل التل في الظلام مُصفِّرًا والذي اتضح أنَّه كان أنا. حاولي أن تعرفي الشعور الخالي من الرِّقة الذي يأتي من أن تكونا شخصين، إنَّ الأمر صعب لأنَّ كُل الصداقات حتى تلك التي بين رجلين بدم أحمر فيها لحظات من الحُب، فعلي أن أواسي صديقي الحزين فقط لأحبَّه، إنَّه شعور يضعُف بسهولة ويُشوَّه، ولكنَّكِ قادرة أن تشعري به ويجبُ عليكِ أن تُجربيه، ومع هذا ورُغم شعورك بكراهيَّة الناس، أتتخيَّلين كم ستكون تجربة جميلة أن تبحثي في تولوز عن امرأة تستحقك ولا تقعين في حُبِّها؟ لا تلتفتي للجانب الجسدي أو الاجتماعي للموقف، وابحثي عن الصدق وإن لم تجدي شيئًا فحوِّلي لهنري بون والذي لا تُحبينه بعد الآن إلى صديق.

أُحبُّكِ بكل قلبي وروحي