عُرفت الأميرة الأكدية إنخيدوانا بكونها أول شاعرة و كاتبة عرفها التاريخ، ولدت في بلاد الرافدين بالعراق ، و اشتهرت بالعديد من الأشعار الأدبية التي كتبتها عن الإلهة إنانا و الآلهة السوميرية ، و قد شغلت إنخيدوانا منصب كبيرة الكهنة أثناء حكم أبيها الملك السومري سرجون الأول ، و قد عُرف عنها الذكاء الشديد كما كان لديها دور سياسي قوي .
حياة الشاعرة إنخيدوانا :
الأميرة إنخيدوانا هي ابنة الملك سرجون الأكدي الذي قام بتأسيس الامبراطورية الأكدية و قد ولدت قبل حوالي 2300 سنة ، و شغلت منصب الكاهنة العظمى لألهة القمر نانا و كانت تسترشد بسيرة جدتها لفترة طويلة من الزمن ، أما إسم أنخيدوانا أو أنهيدوانا فهو يعني في اللغة العربية زينة الكاهنة العليا للآلهة نانا .
رجّح العلماء أن والدها قام بوضعها في ذلك المنصب لكي يحكم من سيطرته على الشعب الذي تمرد عليه في الجنوب السومري من الامبراطورية ، فقد قام بجعل ابنته الأكدية تعمل على خدمة الآلهة السومرية و قد كان يكمن خلف هذا الأمر أسباب سياسية و ليس دينية ، و في الأغلب فإن معظم قصائدها التي كتبتها أيضاً كانت لأغراض سياسية .
تحلت إنخيدوانا بمكانة غير مسبوقة فهي لم تكن كاتبة عادية تقوم بنسخ كتب ، بل كانت مؤلفة عظيمة كتبت أعمالها باللغة السومرية و دونتها بالخط المسماري ، و قد دعمها والدها كثيراً ، و بالإضافة إلى كتاباتها فقد كانت كاهنة ذات دور مؤثر و استمرت في هذا العمل لأكثر من 40 عام حتى توفت ، و ذلك خلال حكم ابن اخيها ، و حتى بعد وفاتها ظل تأثيرها موجوداً بين الناس من خلال أشعارها .
معلومات عن آثار الشاعرة إنخيدوانا :
تم اكتشاف ثلاث قصائد كتبتها إنخيدوانا لنانا إله القمر ، و ثلاث قصائد للإلهه إنانا إلهة الحب ، كما كتبت حوالي 42 تسبيحة و تسمى هذه التسابيح بتراتيل المعبد السومرية ، و بالرغم من شهرة إنخيدوانا بأنها شاعرة الجنس و الحب ، إلا أنها جعلت أشعارها للغزل الالهي و التسابيح و التراتيل .
أشتهرت إنخيدوانا بكونها أول إمرأة في التاريخ تُعرف بكتابة الشعر ، فقد سبقت الشاعر اليوناني هوميروس بما يقرب بـ 11 قرن ، و قد تم اكتشاف أعمالها الأدبية مدونه على قرص كلسي يقع في معبد أله القمر نانا ، حيث ظهر على ذلك القرص صورة كاهنة و بعض الكتابات خلفه تشير إلى إسم إنخيدوانا و منصبها و مكانتها .
حصلت إنخيدوانا على صفات متعددة و هي : زوجة نانا و ذلك لأنها كانت الكاهنة العظمى ، أما ثاني صفة فهي مخلوق فانٍ و ذلك لكونها ابنة الملك سرجون ملك الجميع ، أما الصفة الثالثة فهي المحبة و المخلصة لإنانا ، و قد ظلت إنخيدوانا معروفة بتلك الصفات و التي تم اكتشافها من خلال الآثار التي عُثر عليها .
مقتطفات من أشعار إنخيدوانا لإنانا :
مليكتي ، أنتِ الافتراس كله في قوتك ، و ظللت تهاجمين مثل ريح مهاجمة ، و ظللت تعولين أعلى من الريح المعولة ، و ظللت ترعدين أعلى من الرعد ، قدماك لا يمكن أن يصيبهما الإعياء ، و جعلت الولولة تُعزف على قيثارة النحيب ، أيتها الملكة ، يا سعيدة الروح ، يا فرحة القلب ، يا من لا يمكن تهدئة غضبها ، من قدم ولاءً كافياً لك ! .
أنا الكاهنة إنخيدوانا ، حاملة سلة البخور أنشد ترنيمتك السعيدة ، لكنني الآن لم أعد أسكن المعبد المقدس الذي شيدته يداك ، أتى النهار و جلدتني الشمس ، و أتى ظل الليل و أغرقتني الريح الجنوبية ، صوتي الرخيم الحلو كالعسل صار نشازاً ، وكل ما أعطاني المتعة تحول إلى غبار ، أه ، أيتها الملكة التي ابتكرت النواح ، مركبُ النواح سيرسو في أرض معادية ، وهناك سأموت، أنشد الأغنية المقدسة .