أرسل الله عز وجل هود عليه السلام إلى قوم عاد الذين سكنوا الأحقاف واتصفوا بالأجسام القوية والبنيان الشديد، وكان عليه السلام يدعوهم لترك عبادة الأصنام التي يعبدونها من دون الله، وما كان منهم إلا أن رفضوا رسالة نبي الله ولكنه استمر في رسالته، وهو ما سنوضحه في السطور التالية.
من هم قوم عاد
سيدنا هود عليه السلام هو هود بن رباح بن عاد بن عوض بن سام بن نوح، وقوم عاد سكنوا اليمن وبالأخص الأحقاف ( جبل الرمل )، وكانوا قوم عابدين لله ولا يشركون به شيئاً وأعطاهم الله من فضله ومنحهم الخيرات بأموالهم وأعمالهم وأجسادهم وأصبحوا أصحاب الخلافة بالأرض بعد قوم نوح عليه السلام ” واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح “.
ومنحهم الله من متاع الدنيا الكثير حيث بناء المصانع وتربية المواشي ” ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد “، وما كان العطاء إلا اختبار من الله ليعلم خالقهم هل يرجعوا الفضل والقدرة له؟ أم لأنفسهم؟ وبالفعل رجعوا عن عبادته وانحرفوا عن الطريق القويم والعقيدة السليمة وعبدوا الأصنام.
وبالفعل بدأ سيدنا هود في دعوة قومه مبرراً أن الأحجار التي يسجدون لها لا نفع منها وعليهم العودة إلى عبادة ربهم الخالق الواحد المحي المميت، واستكمل هود قائلاً أن الاستغفار والتوبة جزائهم من الله زيادة في الخيرات والأمطار والقوة والعزة بين الخلق.
يذكر التاريخ أن قوم عاد أول قوم عبدوا الأصنام بعد قوم نوح عليه السلام وسخروا من نبي الله هود وكذبوا دعوته وما كان منه إلا أن خاطبهم بالصبر واللين وقال الله تعالى ” أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطه “
معجزة هود عليه السلام في قومه
نبي الله هود دعا قوم أقوياء شداد منحهم الله كل متاع الدنيا، ولكنهم لم يستطيعوا إيذاءه على الرغم من مقدرتهم، ولم ينزل على نبيه كتاب كالتوراة والإنجيل والقرآن الكريم ، ويرى العلماء أن ذلك إعجاز لكون هود منفرد بين قوم جبابرة يريقون الدماء وهو يحقر ما يعبدون ويدعوهم إلى عبادة الله، ولكنهم كفروا وسبوا واتهموا النبي هود ولكن لم يتعرضوا له بالإيذاء ” قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين “.
موقف الملأ من دعوة هود
تواجد الملأ بكل قصص الأنبياء أمر غير مستغرب لأنهم يتحدثون من موقع الترف والغنى ” وأترفناهم في الحياة الدنيا ” والحرص على المصالح الخاصة وإغفال مصالح الأفراد العاديين، لأن الرياسة تولد الكبرياء ويقولون فيما بينهم كيف نولي علينا من هو أفقر منا؟ وكيف نولي علينا من يشرب ويأكل أقل منا؟ كيف نطيع بشر مثلناً بل هو أقل منا؟.
وهذا الأمر نراه إلى يومنا هذا أصحاب المصالح لا يريدون الخير لمن حولهم وهو ما يفسد المجتمعات ويجعل الخلق طبقتين طبقة عليا وطبقة أدنى مما نتخيل في الفقر والقهر والجهل، وبمجرد ظهور شخص مصلح ومجاهد بالمجتمع نجد الحرب شبت حوله وربما تم الفتك به.
هلاك قوم عاد
حذر النبي هود قومه متوكلاً في كل كلمة يلفظ بها على الذي خلقه وأدرك أن العذاب أتي لا محالة لأنها سنه الله يعذب الذين كفروا مهما كانت قوتهم وكثرة أموالهم، مبدأ الجفاف في الأرض وامتنعت السماء عن المطر وسأل قوم عاد ما هذا الجفاف يا هود؟ فقال الخالق غاضب عليكم فسخروا منه وازداد كفرهم وعنادهم.
أصفرت الأشجار ومات الزرع وظهرت سحاب بالسماء فرح بها قوم عاد ظناً منهم أنها مؤشر الأمطار ” هذا عارض ممطرنا ” ولكن هيهات لأنه جزاء ما فعلوا وبدأ الجو يتغير من درجات الحرارة العالية ألى أقصى انخفاض والرياح كانت شديدة لا تبقي شيئاً بدون رعشة الرجال والنساء والنخيل والأشجار، واستمر الحال لمدة سبع ليال وثمانية أيام والرياح تمزق كل شيء الخيام والأغطية وحتى الأجساد وجعلت قوم عاد كالرميم.
لم يبقى منهم سوى نبي الله هود ومن أمن معه وأصبح الجبابرة الأقوياء الأغنياء مجرد غلاف فقط يتطاير بالهواء إذا لمسته يد.
ولمن يريد الاطلاع على معجزة هلاك قوم عاد يقرأ الآيات التالية بالمصحف الشريف ( الحاقة من الآية 6-8 )، ( الأحقاف من الآية 24-25 )، ( سورة هود الآية 58 )، ( سورة فصلت الآية 16 )، ( سورة الأعراف الآية 72 ).