ذكر الإمام ابن كثير رحم الله أن ابن سيدنا سليمان علية السلام تولى من بعده الملك 17 عام ثم بعد موته تفرق بنو إسرائيل وتنازعوا على المُلك وفسد أمرهم ورجعوا إلى العصيان والشرك بالله وفي هذه الفترة من بعد نبي الله سليمان إلى نبي الله زكريا عليه السلام فترة حدث فيها الكثير من التغير والفساد ، ذكرها هذه الأحداث في القرآن الكريم في أول سورة الإسراء فقال جل وعلا {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مّفْعُولاً ، ثُمّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً} الآية 4-6
نبي الله دانيال عليه السلام
لما أفسد بنو إسرائيل سلط الله عليه ملك يُدعى بختنصر وأهلكهم وسبا نسائهم وكان أكثر الضراري من نسل نبي الله يعقوب عليه الصلاة والسلام ، وكان من بينهم نبي من أنبياء بنو إسرائيل وهو نبي الله دانيال عليه الصلاة والسلام ، وعلم الملك بختنصر أن ذلك النبي من أنبياء بنو إسرائيل فكلمه وقال له من الذي سلطني على قومك فقال دانيال ” عظم خطئتك وظلم قومي لأنفسهم ” .
فأراد بختنصر الذي يبطش ويهلك فأراد أن يبطش بهذا النبي كما ذكر ابن كثير رحمه الله أنه جاء بأسد ولبوه وجعلهم في بئر حتى جاعا ثم أخذ بالنبي دانيال عليه السلام وألقاه في البئر على الأسدين وإذا بالأسدين يلحسانه ويعنقانه ولم يضروه بأي شيء فتعجب من ذلك بختنصر وأيضًا أبقاه مسجون خاف أن يبطش به فيهلكه الله تعالى .
يقال كما ذكر ابن كثير أنه كان يُسجن ويجوع بالسجن فاشتهى طعامًا فأوحى الله تعالى لنبيه أرميا وهو ببلاد الشام أن نبي الله دانيال يشتهي كذا وكذا من الطعام وإذا بأرميا يأتي بهذا الطعام له وبدأ يذكر الله تعالى ويقول ” الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره ، الحمد الذي يجيب من رجاه ، الحمد لله من وثق به لن يكله الله تعالى إلى أحد من خلقه ” .
النبي دانيال وعمربن الخطاب
ومما جاء أيضًا في قصة نبي الله دانيال أن الصحابة رضوان الله عليهم وجدوا في بيت رجل نائم على سرير فقيل لهم هذا نبي الله دانيال وقد ثبت عن أبي العالية أحد التابعين رحمهم الله تعالى أنه لم يتغير من جسده شيء لأن الله تعالى رحم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء والصالحين وكانوا في ذلك الزمان يتباركون به ، فأرسل الصحابة رضي الله عنهم إلى سيدنا عمر بن الخطاب فأرسلوا إلية ماذا يصنعون فأشار إليه بأن يدفنوه وأن يغيبوا قبره عن الناس ، فحفر الصحابة رضي الله عنهم ثلاث عشرة قبرًا في النهار ثم دفنوه ليلًا في أحدها وهكذا أخفوا جميع القبور وهو من تمام نُصح الصحابة رضوان الله عليهم .
لأن النبي صلّ الله عليه وسلم حذر من فتنة القبور ، يقول لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ، فكان يحذر ما صنعوا ، فحتى لا يغلو الناس بهذا النبي الصالح وحتى لا يعبدونه أخفوا الصحابة قبره عن الناس ، مما ذُكر أيضًا أنه لما رأه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه وأخذ من يده خاتم كذكرى له وظل هذا الخاتم عند ابن أبي موسى الأشعري ، وكان عليه صورة أسدين عليهما رجل إشار إلى ما وقع له والله أعلم بتلك الأخبار ..