شریح بن الحارث بن قيس بن الجهم هو قاضي المسلمين الأول في الكوفة لمدة ستين عام ، و قد ولد في اليمن و أعلن إسلامه بفضل على بن ابي طالب رضي الله عنه عندما كان في اليمن لدعوة الناس لدخول الإسلام ، و قد ظل شريح بن الحارث في مهنة القضاء لفترة طويلة من حياته و لم يتركها إلا قبل سنة واحدة من وفاته ، و قد شهد له الجميع بعدله و نزاهته .
شريح بن الحارث في طفولته :
تعرض شريح بن الحارث لموقف أثناء طفولته كان له أثر كبير فيما بعد على شخصيته ، فعندما كان في سن الخامسة ذهب مع والده في قافلة ، وقد أراد أن يلعب مع باقي الأطفال لكنهم رفضوا اللعب معه مما دفعه إلى أن يلعب وحده بعيداً عن القافلة ، فعندما رآه والده نهره و أمره أن لا يبتعد عن القافله خوفاً من أن يصيبه مكروه .
ضحك الأطفال على هذا الموقف و قرروا التآمر عليه فأقنعوه أنهم سيلعبون معه و تركوه في مكانه ، ثم أخبروا والده أنه عصى أمره ، و عندما علم أبوه بهذا الأمر ذهب إليه و أخذ يضربه بشده ، و لم يستطع شريح الدفاع عن نفسه لذلك كان لهذا الحادث تأثير كبير في نفسه حيث رأى أن أحياناً يكون المظلوم في حاجة إلى الإنصاف إذا لم يكن هناك دليلاً على تعرضه للظلم .
دخول شريح بن الحارث في الإسلام :
دخل شريح بن الحارث في الاسلام قبل وفاة النبي صلى الله عليه و سلم بخمسة سنوات ، أما عن قصة إسلامه فقد حدثت عندما بعث الرسول صلى الله عليه و سلم سيدنا على رضي الله عنه إلى اليمن لكي يدعوا أهلها إلى الإسلام و هناك قابل شريح بن الحارث .
عندما التقى شريح بن الحارث بسيدنا على أخذ يسأله عن تعاليم الإسلام ، و عن الأشياء التي يدعوا إليها دين الإسلام و أعجب بن الحارث بدين الإسلام كثيراً لما وجد به من آيات تدعوا لتحقيق العدل بين الناس و هو ما كان يسعى إليه مما دفعه للدخول في الإسلام .
تولي بن الحارث منصب قاضي الكوفة :
أصبح شريح بن الحارث قاضياً للكوفة في زمن سيدنا عمر بن الخطاب ، و يرجع السبب في ذلك هو أنه في يوم ما قام سيدنا عمر بشراء فرس و بعد ذلك وجد أنه يعرج لذلك أراد أن يعيده للبائع مرة أخرى و لكن البائع رفض ، فطلب سيدنا عمر من البائع أن يحضر شخصاً ليحكم بينهما ، فأتى بشريح بن الحارث .
قال شريح بن الحارث لسيدنا عمر ” خذ ما ابتعت أو رد ما اشتريت ” ، فأعجب سيدنا عمر بهذا الرد السديد و عندما سأله كيف تعلم العدل فأجابه بن الحارث أنه قد تعلمه من القرآن الكريم من سورة ص ، و قام عمر بعدها بعمل دار قضاء مستقلة في الكوفة و ولاه قاضياً هناك ، و ظل قاضياً لمدة ستين عاماً .
المنهج العادل لابن الحارث في القضاء :
كان شريح بن الحارث يحرص على تقييم الشهود و التأكد من عدم كذبهم من خلال السؤال عنهم في السوق ، و كان يرفض التعامل مع الاشخاص الذين يقضي بينهم حتى تنتهي فترة الحكم ، كما أنه كان يهتم بالابعاد النفسية للمتخاصمين و خاصة لدى النساء ، و قد كان هدفه الاول هو تحقيق العدل للناس .
أقوال شريح بن الحارث :
– عدل يوم أفضل من عبادة ستين سنة .
– قوله للشاهدين : إنما يقضي على هذا الرجل أنتما و إني لمتق بكما فاتقيا .
– إني لأصاب بالمصيبة فأحمد الله عليها أربع مرات ، أحمد إذ لم يكن أعظم منها و أحمد إذ رزقني الصبر عليها ، و أحمد إذ وفقني للاسترجاع لما أرجو من الثواب و أحمد إذ وفقني للاسترجاع لما أرجو من الثواب ، و أحمد إذ لم يجعلها في ديني .