تتعدد أنواع البحوث المستخدمة في جمع معلومات وبيانات والتوصل لحقائق واحصائيات صالحة للاستخدام والاعتراف بها وتسيير شؤون البشرية، ومن أحد أشهر أنواع البحوث تلك، نجد ما يسمى بالبحث الإجرائي، وهي بحوث شائعة لها خطوات ومراحل ونظريات خاصة بها، ويجب على من يريد انتهاجها من الباحثين والمفكرين ان يتعرف على ضوابطها جيدًا، وهو ما نوضحه فيما يلي:
تعريف البحث الاجرائي
هو أحد أهم أنواع البحث العلمي والأكاديمي الذي يقوم على الأمور الاجرائية، ويعتمد في الغالب على أسلوبين فقط، وهما التفكير الذاتي، وتفاعل الافراد على هيئة مجموعة أو عدد من المجموعات؛ وذلك بهدف التوصل لحل مشكلة محددة أو بهدف التطوير في نظام ما، كما أن هنالك نوعين مهمين من الأبحاث الإجرائية، وهي الأبحاث الإجرائية التشاركية، والأبحاث الإجرائية التطبيقية، ويقول “دينكوم” إن هدف استراتيجية البحث الإجرائي هو التوصل لحل مشكلة معينة وتوجيه لأفراد لأفضل الممارسات.
ويعتبر “كورت لوين” أول من وضع مصطلح “بحث اجرائي” باللغة الانكليزية (action research) وكان أحد الباحثين في معهد ماساتشوستس للتقنية عام 1944 وحينها توصل إلى هذا النوع من البحث عندما كان يبحث حول شروط وتأثيرات عوامل اجتماعية إجرائية والذي أدي به في النهاية إلى تغيير في هذه الاجراءات بعد أن اعتمد على خطوات لولبية تصاعدية، وكانت كل خطوة على شكل دائرة تشمل التخطيط، ثم التنفيذ، ثم تقييم النتائج، ومن ثَمَّ اعادة الخطوات الدائرية على مستوى أعلى.
الاستعانة بالبحث الإجرائي
غالبًا ما يتم الاستعانة بالبحث الاجرائي في المؤسسات والتنظيمات الكبرى التي ترغب في التطوير والتقدم، ودائمًا ما تكون عمليات التطوير تلك في حاجة لدراسات ومشورة وخيارات عديدة؛ الأمر الذي يتطلب اللجوء لبحوث إجرائية بهدف جمع مختلف الآراء والاقتراحات ودراسة مدى إمكانية تطبيقها على أرض الواقع، وغالبًا ما تلجأ الشركات والمؤسسات لمكاتب بحوث كبرى مختصة في تحسين استراتيجيات المؤسسة وممارساتها، وهذا يضمن الوقوف على النشاط المهني الأكاديمي الأمثل.
والحقيقة أن البحث الإجرائي من أكثر الأساليب نجاحًا؛ حيث يحقق تفاعل وتوازن كبير بين أسلوبي استعمال التقييم العلمي المعتمد على الحقائق، وبين أسلوب التفاعل التضافري المعتمد على التفكير بين الأشخاص بهدف الوقوف على أسباب المشكلات، ومن ثَمَّ التوصل للحلول العملية لتلك المشكلات وإتاحة الفرصة لإمكانية تصور التغييرات المستقبلية المطلوبة للمؤسسات وللفراد على حد سواء، وضمان عدم الرجوع والتقهقر في مشكلات الأمس.
خطوات البحث الإجرائي
1- تحديد المشكلة: وهي الخطو الأولي في البحث، حيث يجب التعرف على سبب الأزمة بشكل محدد لضمان وضع الحلول المناسبة له دونما أي خلط في الأمور، وتعد تلك هي الخطوة التي يتم فيها تحديد المجال الذي بحاجة لاستكشافه، وكذا الحرص على أن يكون المجال يسمح بالتغيير والتعديل لضمان السيطرة عليه، عند وضع الانتقال لمرحلة وضع الحلول.
2- تنظيم خطة العمل: وهي خطوة أساسية في البحث الإجرائي يتم خلالها تحديد المعلومات والبيانات التي بحاجة لها لضمان فهم المشكلة، وبالتالي تحديد استراتيجية أو نهج جديد لمعالجة المشكلة بشكل نظامي.
3- جمع البيانات: وفي تلك الخطوة يتم جمع وتقصي البيانات والمعلومات المختلفة التي تم تنظيم جدولتها بترتيب الحاجة لها، ويجب الحرص على أن تكون مصادر جمع تلك المعلومات مختلفة لضمان زيادة المصداقية في الاستنتاجات.
4- تحليل البيانات: في تلك الخطوة وبعد جمع المعلومات والبيانات والحقائق المختلفة، يتم تحليلها وتصنيفها بشكل أكاديمي وتلخيصها واستخراج النتائج منها، كما يمكن تحليلها وتنظيمها باستخدام رسومات بيانية، أو جداول، أو ملفات، أو أرقام.
5- التخطيط للعمل المستقبلي: بعد أن قام الباحث بتحليل البيانات وتنظيمها في إطار مناسب، يتم النظر فيها والتأكد من مدى صحتها وهل هي مقنعة أم لا، وهل تتفق مع توقعات الباحثين من قبل أم لا، وهي عليها انتقادات أو اعتراضات مع الواقع والمجتمع أم يمكن استخدامها وتطبيقها بكل أريحية، ثم يجب نشر النتائج السليمة لعامة الباحثين ولعمل على تطوير تلك النتائج أكثر وأكثر.
نظريات البحث الإجرائي
1- نظرية علوم الاجرءات: يقول “آرغيريس” أن البحوث الإجرائية تعتمد في الغالب على مجموعة متغيرات تتحكم في الوضع وفي أسلوب البحث وكيفية التعامل مع المتغيرات، وهذه المتغيرات أيضًا هي ما تحدد مدى إمكانية الاعتماد على باحث فردي أو مجموعة باحثين.
2- نظرية التحقيق التعاوني: تشير تلك النظرية التي ابتدعها البحث الإجرائي إلى إمكانية التعاون عند إجراء البحوث، بمعنى أنه يمكن الاعتماد على (البحث مع الناس) بدلًا من (البحث عن الناس).
3- نظرية البحث الاجرائي التشاركي: تشير تلك النظرية إلى ضرورة أن يكون الباحث قادر على تغيير الواقع من حوله والنهوض به وليس مجرد بحثه من على بعد، فعندما يُسْمَح للباحث بأن يتابع الواقع ويشارك فيه وفي أحداثه وتحركاته، يمكنه دراسته بشكل أكبر وأكثر دقة.