الحب قدر أم قرار، كل أمور حياتنا تبدأ بالقدر والحب من أمور الحياة، ولكن نتحمل ألم البعد ونتخيل قرب الحبيب وننظر إلى الأطلال ونبكي ليلاً ولا ننام، وحيناً نشعر أن ما نفعله ما هو إلا تخيل وشعاع من نور سرعان ما يختفي، وان كل البيوت ما هي إلا رمال على شاطئ البحر ولا تتعدى الأوهام، كل هذا يحدث بسبب الحب وبعد الحبيب ولكن هل الحب قدر أو قرار؟.
ما معنى الحب
الحب علاقة فطرية جميلة بين الأنثى والرجل وتحمل هذه العلاقة التوافق والمشاعر والتفاهم والانسجام والحنان واللقاء الروحي والفكري، وكل من المحبين يريد إسعاد الأخر وتذليل كل سبل الراحة والطمأنينة أمامه، ويريد كل من الطرفين التضحية بسعادته وبذاته في سبيل إسعاد الحبيب.
والحب بهذا المفهوم العام يعد ضرورة من ضرورات الإنسانية وهو القوة المحيطة بالمحبين من خلال التفاني والتوحد مع الحبيب، ويعد الحب حاجة ملحة وقيمة وشعور لابد من احترامه وعدم تجاهله لأن تجاهل الحب يساوي تجاهل الإنسانية.
يرى القرطبي أن الحب ” ميل النفس لتكميل ذاتها بما ينقصها وتستمر بوجوده “، ويرى الغزالي أن الحب ” الحب ميل إلى ما فيه لذة وانجذاب “، وفي التعريفين اعتراف بأن الحب هو حب التملك لما يقصنا.
ما هي أنواع القدر
أولاً القدر الثابت أو المحتوم
اللوح المحفوظ عند المولى عز وجل مكتوب فيه الميلاد والموت والعمر والرزق ولا يمكن تغيير المكتوب والمعلوم بعلمه سبحانه وتعالى، وهذا هو القدر الثابت.
ثانياً القدر المقيد
كتب الملائكة يحث التغيير فيها بسبب ما يفعله الإنسان أو يهمس فيه بدعائه ويأتي الحب ضمن هذا التغيير، ومن هذا نفهم أن الحب قدر ولكنه غير ثابت ويمكن تعديله.
متى يكون الحب قدر
الوقوع في الحب يحدث دون تخطيط ودون معرفة أو إدراك من المحب فهو قدر وأمر لا يمكن تغيره، ولا يعرف الشخص المحب بأنه أحب إلا بعد فترة من الزمن لأنه مساق وراء قلبه ولا يتفهم أو يدرك تصرفاته، وكل المحيطين يستغربون أفعاله وينتقدون تقربه من شخص ما لأنه من نظرهم مليء بالعيوب ولا يصلح أن يكون صديق أو حبيب، ولكن المحب لا يدرك مشاعره إلا في وقت لاحق.
متى يكون الحب قرار
الزواج أو الخطوبة المفروضة على الشخص فقد يكون الزوج/ الزوجة من الأقارب أو من العائلة فيتم زواج الصالونات التقليدي، ولا يشعر الطرفان بأي عاطفة تجاه الأخر ولكن مع العشرة وبحكم العادة يتم الحب بقرار من الطرفين وقد يكون أفضل بكثير من الحب القدري.
الحب هنا يقع تحت القدر لأن الزواج أو الخطوبة ما هما إلا قدر ويأتي القرار بالحب من الطرفين ومن ثم يكبر ويكون مساره طبيعي، أو يعتذر طرف للأخر لكونه لا يستطيع إكمال الزيجة لأن القلب مهما كان لا يستطيع السيطرة على إرادة الأشخاص.
الحب عند علماء النفس والفلاسفة
تطرق علماء النفس إلى تعريف الحب ولكن في المجمل يروا أن الحب هو دافع لتلبية دوافع الإنسان ورغباته، فهو المبرر الإنساني لممارسة ما بعد الحب، وقال فرويد ” أن الحب مجرد غاية تظهر بدافع فردي واحتياج نفسي ينزع للإشباع من خلال الممارسة الجنسية، فلا وجود فعلي للحب وإنما هو الحاجة للعلاقة الجنسية التي تظهر كغريزة مختبئة بصورة انفعال إيجابي مستقل يدعى الحب “.
ويرى أريك فروم أن ما قاله فرويد كلام صحيح وأن الحب متعلق بالغريزة الجنسية ولا وجود للعاطفة وقال ” أن الحب يتمثل في حاجة الإنسان إلى الانتماء والاندماج “، والإنسان يحتاج للحب المتمثل في الجنس بهدف التكامل والتكاثر وبالتالي تحقيق التماسك المجتمعي ما بين الفرد والأسرة والمجتمع.
أما عن الفلاسفة فقد قال سقراط ” أن الحب خيال وتصور لا يمكن تحقيقه في دنيا الماديات “، وتحدث عن الحب من خلال الحزن والألم ورفع عنه صفة السرور والسعادة.
بينما ذهب الفيلسوف اليوناني يوزانياس إلى تقسيم الحب إلى الحب الأرضي والحب السماوي، وعن أفلاطون فقال ” الحب عمل هادف يسعى للخير وهو من أسمى الأعمال التي يقوم بها الإنسان وأن الحب يتحقق بالإدراك والتعمق بالحقائق “.