التسامح مصطلح يُستخدم في المجالات الاجتماعية والثقافيّة والدينيّة، والهدف منه وصف اتجاهات أو سلوكيّات تتصف بالتسامح والاحترام، إذ يعبّر هذا المصطلح عن التسامح الديني في المقام الأول الذي يتمثّل بين الطوائف والأقليات الدينية. وهناك ارتباط وثيق بين التسامح والحوار الصحيح والسليم، فبالحوار يتحقق الإثراء الفكري، وتترسّخ القيمة الأخلاقية بالتسامح بين الناس، وحب التعاون، إذ لا تقتصر الفائدة والحاجة للحوار على فك الخلافات والنزاعات، كما لا تقتصر على مستوى المجتمعات بل تتعدّى المنفعة لتصل لمستوى الأمم والشعوب.
تعريف التسامح الفكري
هو مصطلح يتم استخدامه في السياقات الدينية والاجتماعية والثقافية ؛ حيث أنه يصف مواقف تحمل صفة التسامح أو الاحترام غير المبالغ فيه لأفعال أو أشخاص تم نبذهم من الغالبية العظمى من المجتمع ، أو بمعنى أبسط يشير إلى أنه احترام للمواقف المخالفة والابتعاد عن التعصب لفكرة معينة وتقبل آراء الآخرين باحترام وأدب ، وهو أحد المفاهيم المثيرة للجدل ، وذلك قد يكون لأنه لا يصل لأسلوب المعاملة بالمثل ، وقد ورد عن رأي ابن منظور الذي يشير إليه في كتاب لسان العرب حول التسامح كمفهوم بأنه مرادف للتساهل.
أمثلة على التسامح الفكري
هناك شخصيات تاريخية قد طبقت هذا المفهوم لتترك أمثلة تعبر عن فكرة التسامح الفكري ، ومنهم نيلسون مانديلا الذي كان زعيمًا بجنوب أفريقيا ، وقد سُجن لمدة سبعة وعشرين عامًا ، ليقود فيما بعد مقاومة سلمية ضد التمييز العنصري فاتحًا ذراعيه للتسامح والوئام في جنوب أفريقيا ، ومن الأمثلة أيضًا على هذا التسامح ما فعله المهاتما غاندي وهو زعيمًا هنديًا ؛ حيث أنه قام بالتعبير عن هذا المفهوم عن طريق رسالة وردت من داخل سجنه ، والتي يقول فيها “لا أحب التسامح ، غير أنني لم أجد أفضل منه كي أعبر عما أقصده”.
لقد تمكن غاندي من هزيمة أكبر امبراطورية آنذاك وهي بريطانيا العظمى ، وذلك من خلال إيمانه بالتسامح وعدم اللجوء إلى العنف ، وبذلك استطاع أن يقوم بتأسيس نموذجًا مميزًا من خلال علاقته السامية مع شعبه ؛ حيث أنه ضرب مثالًا مختلفًا عن وسائل المقاومة التي خرجت في صورة التسامح وعدم استخدام العنف ، ومن ثَم القدرة على الوصول إلى الحقوق المشروعة من خلال تلك المقاومة السلمية ، وهي الصورة الحقيقية التي قد تجمع الأمة على قلب رجل واحد ؛ حيث أن تجاوز الصراعات والأزمات من الضروريات لبناء الدولة وتطويرها.
وقد وضع ابن تيمية أحد القواعد الرئيسية للتسامح في حياته سواءًا كانت العملية أو الحياتية السلوكية ، والتي تلخصت في مقولته الشهيرة التي يقول فيها “أحللت كل مسلم عن إيذائه لي” ؛ حيث أنه كان ينظر إلى أعدائه بعين الصفح لا بعين الكراهية أو الغضب ، وهو ما جعله يعفو عن كل من كدر صفو حياته ؛ بل إنه كان يدعو له الله بصلاح الحال.
أهمية التسامح
إن التسامح هو أحد أبواب الرفق والرحمة بالآخرين ، ولذلك فإن له مميزات عديدة للغاية ، منها ما يلي :
التسامح هو امتثال لأمر الله عزّ وجل ، وذلك لأنه أمر بالرحمة والعفو عند المقدرة
يُعتبر التسامح سمة رئيسية تشير إلى تقوى المتسامح ؛ حيث يقول الله تعالى “وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ”
يمنح التسامح الشعور بالسكينة والاطمئنان والراحة النفسية والسلام الداخلي
يُعد العفو والتسامح أحد أسباب الحصول على العزة ، حيث يقول الرسول صلّ الله عليه وسلم “وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا”.