قصة شاب تائب إلى الله قصة يرويها إبان بن صالح بن عمير بن عبيد القرشي [60 115 ه]، خادم أنس بن مالك خادم رسول الله صل الله عليه وسلم، عن جنازة تتبعها إبان لما رأى فيها من العجب، فقرر أن يذهب ورائها ويستفسر عن صاحبها، وقد وردت القصة في كتاب ألف قصة وقصة من نوادر الصالحين وحياة الزاهدين لمؤلفه هاني الحاج.
قصة شاب تائب إلى الله:
قال إبان بن صالح: خرجت يومًا من عند أنس بن مالك نتمشى فلما كنت بسوق البصرة إذا أنا بأربعة من الرجال يحملون جنازة، فقلت: واعجبا أسواق البصرة عامرة مشتكة بالناس، ولم يصحب هذه الجنازة غير أربعة من الرجال، لأكونن خامسهم ، فسرت معهم حتى أتوا إلى الجبانة، فقلت لهم: يا قوم أيكم ولي هذا الميت فليصل عليه؟ فقالوا: كلنا فيه سواء فتقدم أنت فصل عليه، فصليت عليه وواريناه التراب، فقلت لهم: بالله عليكم ألا ما صدقتموني بخبر هذا الميت.
فقالوا: ما منا من يعلم خبرًا غير أن هذه المرأة اكترتنا لحمله فالتفت إليها وإذا أنا بامرأة مقبلة، فجاءت حتى جلست عند القبر ساعة ثم قامت وهي تضحك، فقلت لها: ياله من عجب، امرأة تضحك على قبر ميتها؟، ثم قلت لها: بالله عليكم، ألا ما أخبرتني مما ضحكت؟
فقالت: يا هذا، ما لك وما لا يعنيك؟ قلت لها: أخبريني، فإني إبان خادم أنس بن مالك خادم رسول الله، فقالت: يا إبان، لو لم تكن ذاك ما أخبرتك بحديث أبدا، اعلم أن هذا الميت ولدي، وكان مسرفًا على نفسه، فلما كان البارحة اشتد الأمر به، فنادى: يا أماه، فأجبته فقال: سألتك بالله إلا ما فعلتي بي ما آمرك به، فقلت له: قل ما بدا لك.
فقال: إذا أنا مت فلا تعلمي بي أحدا من جيراني، وخذي خاتمي هذا، وانقشي عليه: لا إله إلا الله محمد رسول الله ، واجعليه بين جلدي وكفني، فإذا وضعت في قبري فضعي يدك على ضفيرة شعرك وارفعيها إلى الله واضرعي إليه أن يغفر لي، وقولي: إلهي ، قد رضيت عنه فارض عنه، ثم قال: يا أماه قومي ثم ضعي رجلك اليمنى على حر وجهي، وقولي : هذا جزاء من عصى الله عز وجل.
فقمت والله يا إبان ووضعت رجلي هذه المشؤومة على حر وجهه، وجعلت أنادي: هذا جزاء من عصى الله عز وجل، فما رفعتها من على وجهه حتى مات، فاکتریت هؤلاء الأربعة فغسلوه وكفنوه وحملوه إلى قبره وواروه كما رأیت، فلما انصرفوا جعلت شعري في يدي كما قال، ورفعته إلى الله، وقل : يا أرحم الراحمين يا أكرم الأكرمين يا خير منزول به قد علمت منا السر والعلن، واطلعت على ما ظهر وبطن، وقد توسل ولدي العاصي المذنب الخاطئ إليك برضا والدته المسكينة الذليلة وقد رضيت عنه، فارض عنه، فسمعت صوتًا من داخل القبر يقول: انصرفي يا أماه فقد قدمت على رب کریم، وقد غفر لي ذنوبي، فهذا الذي أضحكني، ثم ولت وهي مسرورة .
المستفاد من القصة:
مهما عظمت الذنوب فباب التوبة موجود فلا تيأس ولا تقنط من رحمة الله، والجأ إليه دائمًا فهو المعين على النفس وشرها يعلم مستقرها ومستودعها. فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له.