قصة صاحب الجرة هي قصة من الهدي النبوي حكاها رسول الله صل الله عليه وسلم  تحدثنا عن رجل راقب الله عز وجل في تصرفاته، وعلم أن من يتقي الله يجعل له مخرجا، وأن خيانة الأمانة خسارة فادحة لمن قام بالإقدام عليها تجعله يخسر رضا ربه الذي يتبعه خسارة نفسه فالعبرة أن الأمانة كنز حقيقي لا يفنى.

قصة صاحب الجرة

يحدثنا رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، عن رجل رغب في شراء عقار، فما كان منه إلا أن انطلق إلى رجل وقام بشراء مزرعته، وبعد أن اشتراها جعل يجري فيها بعض الإصلاحات اللازمة، كالردم والحفر وغيرها من الأمور التي تهيأ له بناء مسكن وتمهد له العيش بها، وبينما هو يحفر فيها، اصطدم فأسه بشيء داخل الأرض، اندهش الرجل من ذلك وجعل يحفر حتى وجده صندوق تم وضعه داخل الأرض، فقام بفتح هذا الصندوق فوقد به كنز ثمين، كالذهب واللؤلؤ، وغيرها.

كنز الذهب واللؤلؤ

حمل هذا الرجل الصندوق وذهب به على الفور إلى الرجل الذي قد اشترى منه هذه الأرض، ثم وضع هذا الكنز بين يديه وقال له هذا الكنز لك، تعجب صاحب الأرض من قول الرجل، وقال له ما هذا الكنز لماذا أعطيته لي،  فأخبره الرجل الذي قد اشترى الأرض بالقصة، وقال له لقد اشتريت منك الأرض فقط ولكني لم أشتري منك ما بداخلها، لم يسعد صاحب الأرض بما سمع منه، ولكنه قال له لن أخذ هذا الكنز، فهو من حقك أنت، فلقد أعطيتك الأرض وما فيها من حقك أنت، ولكن الرجل لم يقبل بذلك لرؤيته بأن ما وجده بداخل الأرض هو من حق صاحب الأرض الأول وليس من حقه هو، وجعل الرجال يلقيان بالكنز على بعضهما، وكلا منهما يأبى أن يأخذ هذا الكنز، لرؤيته بأنه من حق الأخر.

عند القاضي

وبعد محاولات عدة، قرر الاثنان  فض هذا النزاع بأن يذهبا إلى القاضي ليشاوراه في الأمر، وبالفعل ذهب الرجلان إلى القاضي، وروا له القصة، كان القاضي ذو حكمة، وعقل فطن، فسأل صاحب الأرض هل لديك أبناء، قال له  صاحب الأرض لدي ابنة وحيدة، ثم سأل الرجل الذي قد اشترى الأرض هل لديك أبناء، قال له نعم، لدي ولد وحيد، فكر القاضي، وبعدها لم يجد أمامه سوى حل واحد بإمكانه، أن يحل تلك المشكلة، فأشار على الرجلان أن يقوما بتزويج الولد والبنت لبعضهما، وأن يعطي الرجلان هذا الكنز للولد والفتاة ليعيشا منه، وافق الرجلان على هذا الحل، وقاما بتنفيذ ما أشار عليهم به القاضي.

الأمانة كنز لا يفنى

ويتضح لنا العبرة من تلك القصة، ومدى أمانة هذان الرجلان، ومدى مراعاتهما، لربهما عز وجل، فكان باستطاعة الرجل الذي قام بشراء الأرض أن يأخذ الكنز، لأنه قد اشترى الأرض، وما بها هو من حقه، كما أنه حين وجد الكنز لم يراه أحد، سوى الخالق عز وجل، ولكنه خاف أن يرتكب أمر يغضب الله عليه، وشدة خشيته من الله، جعلته يتقن بشدة أن الحرام لا ينفع من يقدم عليه.

وأن الحلال وإن قل فهو يحمل داخله البركة،  كما كان باستطاعة صاحب الأرض أن يأخذ الكنز، خاصة أن من اشترى الأرض قد أعطاه إياه عن طيب خاطر، ولكنه أبى أيضا لشدة مراقبته لخالقه عز وجل، وخوفه من أن يأخذ شيء ربما هو ليس من حقه، وما فعله هاذان الرجال، هو من شيم الكرام، ويدل على مدى صدق إيمانهم الذي نتمنى من الله أن يعمر قلوب جميع المسلمين.