یُعتبر الدعاء أفضل العبادات التي تمد الإنسان بطاقة إيجابية روحانية لها تأثير كبير على حياته ، كما أنه من نعم الله سبحانه وتعالى ، فالدعاء هو وسيلة إتصال بين العبد وربّه ، و قد قال لنا الله فى قرآنه الكريم أنه دائماً على مقربة من عباده ، يقول تعالى (إِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) ، فإذا لجأ العبد إلى ربّه فى وقت الضيق والحزن سينعكس ذلك بشكل كبير على نفسه ، فسرعان ما سيجد السكينة والراحة تغمر قلبه ، كما أن الدعاء ليس مجرد كلام نُردده ، بل هو يمتد ليكون شعور بداخلنا نرسله إلى الله تعالى ، فليس شرطاً أن يكون دعائنا بكلمات مسموعة كما يظن البعض ، فالله يعلم ما فى قلوبنا من قبل أن تنطق به ألسنتنا ، وبالرغم من أن الدعاء من فضائل الله علينا ، إلا أنه أيضاً جعل عليه أجراً وثواباً كبيراً ، ليكون بذلك خيراً لنا فى الدنيا وفى الآخرة.

الدعاء

أسباب استجابة الدعاء :
عندما يدعو الإنسان ربّه فإنه يتمنّى أن تستجاب دعوته بسرعة ، وأن يتحقق ما يتمناه ويزول عنه الهم والحزن ، و هناك بعض النقاط الهامة التى يجب على الإنسان معرفتها جيداً والعمل بها حيث أنها تُعد أسباب رئيسية لسرعة استجابة الدعاء وهى :

– الإيمان الحقيقي :  فالإنسان يجب أن يتحلّى بإيمان قوى وقناعة حقيقية بأن الله سبحانه وتعالى سيحقق له ما يتمنّاه ، وأنه قادر على حل أى مشكلة يواجهها العبد مهما كانت كبيرة ، و إزالة العقبات من طريقه فى لمح البصر ، فعليه أن لا يتشائم بل يملأ قلبه بالأمل والثقة بالله عز وجل. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلا يَقُولُ : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ، إِنْ ظَنَّ خَيْرًا فَلَهُ ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ ).

– ذكر أسماء الله الحسني : فالله تعالي يحب أن يتلفّظ العبد بأسمائه ، و يشعر بعظمتها كالرحمن والرحيم والجبار و القوي وغيرها ، وكذلك الإكثار من استخدام لفظ الجلالة ” يا الله” .

– إختيار الوقت المناسب للدعاء : حتماً الله – سبحانه وتعالى – اذا أراد فإنه سيفتح أبواب السماء  لعباده فى كل وقت و زمان ، ولكن من الجدير بالذكر أن هناك أوقاتاً يكون الدعاء فيها مستحب وسريع الإستجابة ، وتكون الملائكة متواجدة لتحمل الدعاء لله -تعالي- ومن أفضل هذه الأوقات هى وقت الفجر ، الثلث الآخير من الليل وهو دعاء جوف الليل ، وبعد كل صلاة ، و الوقت الذى يكون بين الأذان والإقامة ، وفى شهر رمضان المبارك حيث يكون للصائم دعوة لا ترد ، وفى أوقات الحج ،كذلك وقت نزول المطر وعند السجود. وأيضاً يُفضل أن يكون الشخص صافي الذهن وخالي البال عند الدعاء وذلك لكي يكون فى حالة خشوع مع الله تعالي.

– عدم الإستعجال بالإجابة : على الإنسان أن يتحلّى بالصبر ، وأن لا يتحسّر ويمل من الدعاء ، بل عليه أن يكثر من الدعاء ويلح فى طلبه ، وأن يعلم أنه إذا كانت إستجابة هذا الدعاء خيراً له ، فسوف يحققه الله له ، أما إذا كانت شراً فلن يتحقق ، فالله – تعالى – له حكمة فى كل شئ فهو العليم الحكيم.

– بداية الدعاء بحمد الله : قبل أن يبدأ الشخص بالدعاء ، عليه أولاً كثرة الحمد والثناء على الله تعالى ، وأيضا الصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن المستحب ترديد دعوة ” لا إله إلا الله سبحانك إنى كنت من الظالمين “، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ، إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، إِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ بِهَا “.

– إقتصار الدعاء على الخير : يجب على المسلم أن يكون دعائه بالخير فقط وليس بتمنّي الشر للغير و الدعاء بالقطيعة والضرر ، فعلى الإنسان أن يتحلّى بنفسٍ مؤمنة و نقيّة وأن يعلم أن الله تعالي بيده إنصاف العبد و توزيع الحقوق.

– الإعتراف بالذنوب وطلب المغفرة : في بداية الدعاء يجب يعترف المسلم بأى ذنب اقترفه ويطلب من الله تعالى العفو والغفران بالاستغفار، فالله يحب العبد المستغفر التائب ويغفر الذنوب لمن يشاء فقد قال سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ).