كان هناك رجلا صياد مر بالغابة فأحس بالجوع فقرر أن يصطاد صيدًا يد جوعه ويملئ بطنه فظل يترصد للطيور هنا وهناك حتى صاد قنبرة – نوع من أنواع العصافير – فلما صارت في يده، علم أنه حصل على صيد ثمين ولعلها تكون غداؤه هي وإحدى أخواتها ولما هم بأن يصطاد الثانية، قالت له: ما تريد أن تصنع بي ؟ قال الصياد : سوف أذبحك وأكلك فأنت وجبة لذيذة سهلة الهضم، قالت له: يا مسكين أحزنتني على ما أصابك وخيبتك في فأنا لا أشفي من قرم ولا أشبع من جوع، ولكن لدي ما هو أفضل من أكلي.
القنبرة تقايض الصياد :
سكت الصياد قليلًا ثم قال لها: هاتي ما عندك بشرط إن لم يعجبني كلامك سوف أذبحك فورًا، قالت له: اتفقنا سوف أعلمك ثلاث خصال خير لك من أكلي، أما واحدة: أعلمك إياها وأنا في يدك، وأما الثانية فأعلمك إياها وأنا على الشجرة، والثالثة لا أقولها أبدًا إلا وأنا على الجبل، فكر الصياد قليلًا في ذلك العرض الذي تقدمه القنبرة ثم قال في نفسه لعلها ترشدني إلى ما هو أفضل فعلًا من أكلها فمتى سمعنا أن العصافير تكذب!!!.
ثلاث خصال فيها النجاة :
فقال لها: هات الواحدة الأولى قالت له: لا تلهفن على ما فاتك أي لا تحزن على ما ضيعت، قال لها: والثانية؟ ثم أفرج عنها وأطلق سراحها من يده، فلما صارت على الشجرة ، ثم قال لها: هات الثانية ، قالت له: لا تصدق بما لا يكون أن يكون، فسكت قليلًا وهو لا يفهم ماذا تقصد من الخصلتان فنظر إليها وهي تطير فلما صارت على الجبل قالت له : يا شقي! لو ذبحتني أخرجت من حوصلتي درتين في كل واحدة عشرون مثقالًا.
وهنا لمعت عين الصياد وفرغ فاهه وهو غير مصدق لما ضيع، فقال لها وهو يعض على شفتيه ويتلهف: هات الثالثة أيتها المخادعة، قالت القنبرة وهي تضحك : أنت قد نسيت اثنين، فكيف لي أن أحدثك بالثالثة ؟ ألم أقل لك لا تلهفن على ما فاتك، ولا تصدق بما لا يكون أن يكون، وأنا وريشي ولحمي لا يمكن أن أكون أبدًا عشرين مثقالًا أيها الغبي، وتركته وطارت.
المستفاد من القصة :
خدعت العصفورة الصغيرة ذلك الصياد الماهر الذي يفوق حجمها أضعافًا مضاعفة فقط عندما استخدمت عقلها واستطاعت بالعقل أن تلقنه درسًا لن ينساه طوال حياته وذلك من خلال خصلتان أولهم بأن لا يحزن على ما فاته وما ضيعه، فما مضى قد مضى والمستقبل أمامك حتى تصلح ما أفسدته بالأمس، وأن لا تصدق بما لا يكون أن يكون أي لا تنجرف وراء الشائعات والأقاويل حتى تتأكد أنها حقائق، ولوكان الصياد استمع لهذه النصائح وعقلها لما طارت منه القنبرة وأصبح خاوي البطن جوعان.