تُعرف سرعة الضوء عبر الفراغ بأنها ثابت فيزيائي، يرمز له بالرمز c وتساوي قيمته بدقة 299، 792، 458 متر لكل ثانية، وهو ما يعادل بعد التقريب 300.000 كيلومتر في الثانية، أو حوالي مليار كيلومتر لكل ساعة، وسرعة الضوء هي أقصى سرعة تستطيع أن تسافر بها كل أشكال الطاقة، أو المادة في الفضاء .
لمحة تاريخية :
أشار إمپدوقليس إلى محدودية سرعة الضوء لذلك يأخذ وقتاً في انتقاله، بينما رأى أرسطو أن الضوء هو تعبير عن شيء موجود إلا أنه ليس بحركة، واقترح إقليدس نظرية الإشعاع في الابصار، والتي تري أن الضوء ينبعث من العين، وطور هيرون السكندري من نظرية محدودية الضوء، وقال أن الأجرام البعيدة كالنجوم تظهر فوراً بمجرد أن نفتح أعيننا .
وافق فلاسفة مسلمون المبكرون على مقولة أرسطو، لكن في عام 1021، نشر الفيزيائي الحسن بن الهيثم، كتاب البصريات، وفيه استخدم تجارب لدعم نظرية الولوج في الإبصار، حيث ينتقل الضوء من جرم إلى العين، واقترح ابن الهيثم أن الضوء له سرعة محددة، وتتغير حيث تقل في الأجسام الأكثر كثافة، كما طرح فكرة أن الضوء مادة محسوسة، يتطلب انتشارها وقتاً “حتى لو كان مخفياً عن حواسنا “.
في القرن الحادي عشر، وافق أبو الريحان البيروني على أن الضوء له سرعة محددة ولاحظ أن سرعة الضوء تكون أعلى من سرعة الصوت، ثم توالت من بعد البيروني العديد من النظريات التي بحث في انتقال الضوء وسرعته الفعلية، وفي بدايات القرن السابع عشر، توصل يوهانس كپلر، وفرانسيس بيكون، و رينيه ديكارت، إلى أن سرعة الضوء غير محدودة .
مكتشف سرعة الضوء :
ثبت تاريخياً أن القياس الحقيقي الأول لسرعة الضوء كان في عام 1676م، من قبل عالم الفلك الدنماركيّ ” أولي رومر “، الذي كان يعمل في مرصد باريس، وتوصل نتيجة دراسة منهجية كان يعمل عليها عن ( آيو ) أحد أقمار المشتري، حيث وجد رومر طوال عدة أشهر أن كسوف ( آيو ) يتأخر عن زمن وصوله المتوقع له مع مرور الوقت، ثم يعود بعد ذلك لوقته المحدد .
وتوقع رومر أن كسوف ( آيو ) سيتأخر في التاسع من نوفمبر لمدة عشر دقائق عن موعده المحدد، وكان توقّعه صحيحاً، ثم كشف عالم الفلك الدنماركي عن أن المسافة بين الأرض وكوكب المشتري تختلف عند تحرك الأرض والمشتري في مداراتهما، وأن ضوء ( آيو ) المنعكس من أشعة الشمس استغرق وقتاً حتى يصل إلى الأرض، ويستغرق وقت أطول عندما تكون الأرض بعيدة جداً عنه، لذلك تأخر كسوف قمر ( أيو ) عن الوقت المحدد عندما كانت الأرض أبعد عن المشتري .
مقدار سرعة الضوء :
معتمدا على أرصاد العالم والفلكي الدنماركي رومر، قدر الفيزيائي والفلكي الهولندي هويجنس سرعة الضوء لتكون 2.3×108م/ث، ولأن العلم تراكمي كانت أهمية هذا الاكتشاف أثبات أن سرعة الضوء محدودة .
وفى نقلة نوعية تم استخدام تقنية الليزر بعد عام 1970 لإعادة قياس سرعة الضوء بدقة أكبر، في عام 1973قام العالم إيفانسون بقياس سرعة الضوء، وحصل على قيمة دقيقة جداً وهي 299792457.4 م/ث، وكانت نسبة الخطأ في هذه القيمة ±1 م/ث .
تمت الاستعانة بالليزر لإعطاء سرعة الضوء قيمة ثابتة ومطلقة، وأقر المجتمع العلمي الدولي بالإجماع أن سرعة الضوء الثابتة والمطلقة :هي 299792458م/ث، وهي ثابتة في الفراغ .
أهمية سرعة الضوء :
تعد سرعة الضوء كونها سرعة وحيدة ومقيدة في الكون بأنها الحد الأعلى لسرعة انتشار الإشارات وجميع الجسيمات المادية، والتي تنطبق عليها المعادلة النسبية الشهيرة: E=mc² .