سورة البقرة هي أطول سورة في القرآن الكريم ، حيث أن عدد آياتها 286 آية ، كما أنها أول سورة في المصحف بعد سورة الفاتحة ، وهي مدنية ، كما تعتبر أول سورة نزلت في المدينة ماعدا الآية التالية : (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ) ، فهي آية مكية ، نزلت في حجة الوداع ، وتتميز سورة البقرة بفضل كبير وثواب عظيم .
تضم سورة البقرة العديد من الأحكام ، والتشريع الإسلامي المنظم لحياة المسلمين شأنها كباقي السور الأخرى ، حيث توضح الكثير من العبادات والمعاملات ، والحدود الواجب الإلتزام بها في حياة الفرد والمجتمع ، كما تناولت السورة العظيمة أحوال وصفات المنافقين ، وبالمثل الكفار .
تحتوي سورة البقرة في ثناياها على أطول آية في القرآن الكريم وهي آية الدين التي وضحت أحكام الدين في الإسلام ، وأعظم آيات القرآن وهي آية الكرسي ، وسميت سورة البقرة بفسطاط القرآن ، نظرا لكثرة الأحكام والمواعظ بها .
وردت سورة البقرة في كثير من الأحاديث النبوية الشريفة :
– قال رسول الله عليه الصّلاة والسّلام: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة).
– قال رسول الله عليه الصّلاة والسّلام: (اقْرَؤوا القرآنَ؛ فإنه يأتي يومَ القيامةِ شفيعًا لأصحابه. اقرَؤوا الزَّهرَاوَين: البقرةَ وسورةَ آلِ عمرانَ؛ فإنهما تأتِيان يومَ القيامةِ كأنهما غَمامتانِ، أو كأنهما غَيايتانِ، أو كأنهما فِرْقانِ من طيرٍ صوافَّ تُحاجّان عن أصحابهما. اقرَؤوا سورةَ البقرةِ؛ فإنَّ أَخْذَها بركةٌ، وتركَها حسرةٌ، ولا يستطيعُها البَطَلَةُ. قال معاويةُ: بلغني أنَّ البطلَةَ السحرةُ).
– عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله عليه الصّلاة والسّلام: (إنَّ لكلِّ شيءٍ سَنامًا وإنَّ سَنامَ القُرآنِ سورةُ البقرةِ مَن قرَأها في بيتِه ليلًا لَمْ يدخُلِ الشَّيطانُ بيتَه ثلاثَ ليالٍ ومَن قرَأها نهارًا لَمْ يدخُلِ الشَّيطانُ بيتَه ثلاثةَ أيَّامٍ).
سبب تسمية سورة البقرة بهذا الإسم :
ترجع هذه التسمية إلى احتوائها على قصة البقرة ، التي أمر الله بذبحها بني إسرائيل ، وذلك حتى يتبينوا من قاتل أحدهم ، حيث قاموا بضرب الميت بجزء منها ليحيا ، ويقول لهم من قاتله ، وهذه الآية تسرد هذه القصة : (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّه يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللّه أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنَ لَّنَا مَا هِي قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ * قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَآءُ فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ * قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِىَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَآءَ اللّه لَمُهْتَدُونَ * قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الاَْرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ * وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَرَأْتُمْ فِيهَا وَاللّه مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللّه الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ). ولم ترد قصة بقرة بني إسرائيل إلأ في هذه الآية من السورة .
شرح لقصة بني إسرائيل :
قيل أن رجلا قتل من بني إسرائيل ، فلم يعلم من القاتل وإختلف القوم حول ذلك ، وأوحي إلى سيدنا موسى حتى يستدلوا على القاتل ، فأمرهم الله سبحانه وتعالى أن يذبحوا بقرة ، ولم يحدد عز وجل مميزات لهذه البقرة ليخفف عليهم ، ثم قاموا بضرب القتيل بجزء منها ، ليتكلم ويخبرهم بالقاتل الحقيقي ، فقام سيدنا موسى بالفعل باخبارهم بهذا الأمر ، فقال الله عز وجل في كتابه الكريم : (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) ، وجاءت بقره في هذه الآية نكرة ، ليخفف الله عنهم ولكنهم صعبوا الأمر على أنفسهم فقالوا (قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ ) ، ويقصد من هذا السؤال ما سنها ، وجاءت الإجابة بانها ليست كبيرة في السن ولا صغيرة في قوله تعالى (قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ) .
ولكنهم صعبوا على أنفسهم مجددا بالسؤال عن لون هذه البقرة ، ثم عن وصفها (قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا)؛ (قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ * قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ): ، فكانت الإجابة كما توضح الآيات أنها لم تذل في السقاية والحراثة ، فلا يوجد بها عيب ولا يشوبها لون آخر غير الأصفر ، وحينما فعلوا ما امرهم الله به أنطق الله القتل بقدرته وعظمته باسم القاتل ، فإنكشف كذبهم وقتلهم لهذه النفس بغير الحق .