تمتلك الأم مكانة خاصة في قلوب أبنائها وذلك لأنها أول من يقدم لهم الحب والرعاية ، فيصبح وجودها مرتبطاً بالشعور بالأمان والسعادة ، وتتحمل الأم الكثير من المتاعب بدءاً من الحمل وحتى الولادة ، ثم تأتي مرحلة الرضاعة ، وبعد ذلك تبدأ في تربية الطفل حتى يصبح شاباً معتمداً على نفسه ، لذلك من الواجب تقديرها والوفاء لجهودها ، والإسلام لم يغفل أبداً عن تكريم الأم والثناء على فضلها ، فقد اهتم ببر الوالدين وخص الأم بالذكر في أكثر من موضع ، مما يدل على وجوب طاعتها و الاعتراف بفضلها .
فضل الأم في الإسلام :
للأم مكانة عظيمة سواء في الأسرة أو في المجتمع بأكمله ، فهي تقوم بتعليم الابناء والاهتمام بهم وبصحتهم وتنشئهم على الاخلاق الحميدة وتعاليم الدين الإسلامي ، مما يجعلها مسؤولة عن اعداد أجيالاً تساعد في بناء مستقبل مشرق .
وقد أدرك الإسلام دور الأم القوي في المجتمع ، ولذلك قام رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، بتوعيتنا عن دور وفضل الأم ، وحث على طاعتها والبر بها و ذكرها في أكثر من حديث ، وسنتناول هذه الأحاديث تفصيلاً .
أحاديث عن فضل الأم :
الحديث الأول : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ” جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي قَالَ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أَبُوكَ “
دلالة الحديث : خصّ الرسول صلى الله عليه وسلم الأم بمكانة خاصة وعظيمة ، فقد كرر كلمة ” أمك ” ثلاث مرات للتأكيد ، مما يوضح لنا أنه يجب علينا أن نطيع الأم ونبرها ونوقرها ، وكذلك يكون الأمر مع الأب أيضاً .
الحديث الثاني : عَنْ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : ” أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنِّي أَشْتَهِي الْجِهَادَ وَلَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : هَلْ بَقِيَ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ ؟ قَالَ : أُمِّي ، قَالَ : فَأَبْلِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عُذْرًا فِي بِرِّهَا ، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَأَنْتَ حَاجٌّ وَمُعْتَمِرٌ وَمُجَاهدٌ إِذَا رَضِيَتْ عَنْكَ أُمُّكَ ، فَاتَّقِ اللَّهَ وَبَرَّهَا “
دلالة الحديث : يدل الحديث عن الثواب العظيم الذي يعود على الشخص من بر أمه ، فكأنه يعادل الحج والعمرة والجهاد في سبيل الله ، مما يدل على فضل الأم ومكانتها .
الحديث الثالث : حدثنا عبيد بن إسماعيل حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت ” قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ إِذْ عَاهَدَهُمْ فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ رَاغِبَةٌ ، أَفَأَصِلُ أُمِّي ؟ قَالَ : ” نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ “
دلالة الحديث : ففي هذا الحديث أمر الرسول بصلة الأم وبرها رغم أنها ليست على دين الإسلام ، والصلة هنا تعني الأذن لها بالدخول ، والإحسان إليها سواء بالقول أو الفعل أو المواساة .
الحديث الرابع : عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ” لا يَجزي ولدٌ والدًا، إلا أن يجده مملوكًا فيشتريه فيعتقه “
دلالة الحديث : يبين الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث مدى فضل الوالدين على الشخص ، فهو مهما فعل لن يستطع رد أفضالهم التي لا تحصى .
الحديث الخامس : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” رِضَا اللَّهِ فِي رِضَا الْوَالِدَيْنِ، وَسَخَطُ اللَّهِ فِي سَخَطِ الْوَالِدَيْنِ ” .
دلالة الحديث : يرشدنا الرسول صلى الله وعليه وسلم عن المكانة العظيمة التي وضعها الله للوالدين ، فقد جعل رضاهم من رضاه ، وسخطهم من سخطه .
الحديث السادس : ” رجلاً كان بالطّواف حاملاً أمّه يطوف بها، فسأل النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم هل أدّيتُ حقّها؟ قال : لا، ولا بزفرة واحدة ” أي من زفرات الطّلق والوضع ونحوها .
دلالة الحديث : يدل هذا الحديث على مدى فضل الأم العظيم على الأبن ، فكل ما يفعله من أجلها لا يضاهي زفرة واحدة من زفرات الوضع أو الطلق ولا تعبها وسهرها لرعايته .