تعرف النية في اللغة بأنها هي الإرادة ، و المقصد ، و النية محلها القلب ، و ليس اللسان ، و قد أشير أن لها فائدتان هامتان ، و هما تمييز العادات المختلفة عن بعضها البعض مثال الفرق بين الزكاة ، و سداد الدين بالعلاوة إلى تمييز العادات التي يفعلها الإنسان عن العبادات .

و من أمثلتها الغسل للطهارة ، و الذي يكون بهدف أداء العبادات ، و الغسل الذي يكون الهدف منه التخلص من حرارة الجو ، و الرغبة في التبريد ، و للنية في الدين الإسلامي مكانة كبيرة فهي التي على أساسها يتحدد هدف العمل الذي يعمله العبد.

و هل هذا العمل لله وحده أم لغيره علاوة على أن النية معياراً رئيسياً لتصحيح الأعمال فحيث صلحت النية صلح العمل ، و حيث فسدت النية فسد العمل .

النية ، و دورها في حياة المسلم
النيات ، و المقاصد محل نظر المولى عز وجل من الأساس ، و هي من الأعمال بمثابة الروح من الجسد فكيف يكون حال الجسد إذا نزعت منه الروح أو كيف يكون حال شجرة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار .

إذ أن كل عبادة يفعلها العبد المسلم لم تقم على نية صالحة ، و مقصد شرعي صحيح فإنها في الميزان الإلهي عبارة عن هباء تذروه الرياح بل ، و شراباً إذا طلبه صاحبه لم يجده شيئاً ، و من أجل هذه الأهمية الكبرى للنية جاء اهتمام الشرع بها ، و ورد في ذلك الكثير من النصوص في الكتاب ، و السنة.

و من بينها الحديث الذي ورد في الصحيحين عن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمريء ما نوى فمن كانت هجرته لله ورسوله فهجرته لله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) .

و لهذا الحديث أهمية كبيرة يدور عليها الدين الإسلامي ، و بناءا على هذه الأهمية صدر به أهل العلم كتبهم بل ، و ابتدؤوا به مصنفاتهم فقد قال الإمام الشافعي رحمه الله (هذا الحديث ثلث العلم ، و يدخل في سبعين باباً من أبواب الفقه ، و ما ترك لمبطل ، ولا مضار ، ولا محتال حجة إلى لقاء الله تعالى).

و يتبين لنا في كل هذا أن النية هي القصد الرئيسي المحرك ، و الدافع للعمل ، و مقاصد العباد تختلف اختلافاً كبيراً ، و ذلك بناءا على ما يكون مستقراً في قلوبهم فقوله صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات) هو قولاً يعني أمرين ، و هما :-
الأمر الأول :- أن الجزاء على العمل لا يكون إلا بصلاح النية فكل عمل يقوم به العبد لابد له من نية محركة عليه .
الأمر الثاني :- و هو ذلك الأمر الذي يؤكد على أن صحة الأعمال أو فسادها ، و قبولها من المولى جل شأنه ، و الجزاء عليها سواء بالثواب أو بعدمه لا يكون إلا بناءا على النية الصالحة لله عز وجل أما من كانت نيته هي رياء الناس أو اكتساب السمعة ، و الصيت الطيب بينهم فإن عمله سيحبط ، و يرد ، و لن يكسب شيئاً منه أي لم يثاب عليه .

أهم الفوائد الواردة في الحديث الشريف
يوجد عدداً من الفوائد المكتسبة ، و الواردة في الحديث النبوي الشريف ، و هي :-
1- النية محلها القلب ، و اللفظ أي قولها باللسان فقط من دون نية حقيقة محلها القلب ، و مرادها هو المولى جل شأنه هي بدعة .
2- الثواب على الأعمال يكون على أساس النيات سواء من ناحية صحتها أو فسادها بالإضافة إلى كمالها أو نقصانها .
3- يشير الحديث إلى أن من أراد الغنيمة صحح العزيمة ، و من أراد المواهب ، و المنح فإن عليه إخلاص النية .
4- الأمور بمقاصدها .
5- الفرق بين العبادة ، و العادة يتحدد على أساس النية .
6- أن نية العبد المؤمن تبلغ إلى حيث يبلغ عمله .
7- أن العبد المسلم يعطيه المولى جل شأنه على نيته ما لا يعطى على عمله .