عادةً ما يجذبنا تغريد الطيور بصوتهم العذب الحنون ، و لكن هل يمكن تصديق أن غناء بعض أنواع الطيور قد ساعدها في حماية نفسها من الانقراض ، ففي هذا المقال سوف نعرض دراسة حديثة تؤكد أن طائر الكوكاكو يُغني ليحمي نفسه من الانقراض.
دراسة على تغريد طائر الكوكاكو:
هناك العديد من العوامل التي تساهم في انقراض نوعية معينة من الحيوانات أو مجموعة كبيرة ، و لطالما كان الأمر الوحيد الذي يُنقذ تلك الحيوانات من قدرها المحتوم هو أن ينقرض عدوها ، أو تتغير البيئة لمصلحتها ، أو يحدث تغير وراثي ناجح و مفيد لصالحها ، و في هذا الشأن قامت مجلة الجمعية البريطانية لعلوم البيئة بنشر دراسة حديثة تؤكد على أن تغريد الطيور و نوعية صوتها ممكن أن يكون عاملاً هاماً في الحماية من الانقراض ، قام أحد علماء البيئة في نيوزلندا بدراسة أحد أنواع الطيور المهددة بالانقراض و هو نوع (كوكاكو) ، الذي يعيش في جزر نيوزلندا الشمالية.
و يُعرف هذا الطائر بقدرته على الغناء لمدة طويلة جدًا على الجزيرة ، و قد تم اختيار هذا النوع من الطيور خصيصًا لأنه أحد الأنواع المهددة بالانقراض ، و يرجع سبب انقراضه إلى فقدان الغابات و الافتراس من قبل الجرذان ، و طبقًأ لآخر احصائية تم إجراؤها على طائر الكوكاكو فقد وصل عدده إلى 400زوج من هذه الطيور يعيشون على هذه الجزيرة ، في بداية التجربة تم تقسيم هذا النوع إلى ثلاث مجموعات و تم نقله إلى أماكن مختلفة جغرافيا ، و بعد ذلك قام العلماء بتسجيل أغاني هذه الطيور بشكل دائم ، و عملوا على دراسة تلك الأغاني فوجدوا حدوث اختلاف كبير بين المجموعات ، و قد جاءت النتيجة مذهلة للجميع.
نتائج الدراسة:
اكتشف الباحثون أن أغاني هذه الطيور اختلفت إلى حد كبير عن الطيور التي تعيش في جزر نيوزلندا الشمالية ، فقد أصبح التغريد أقصر و النبرة أعلى و اللحن مختلف ، و استمرت تلك التجربة لفترة طويلة من الزمن و كلما كانت الفترة أطول ؛ يتبع ذلك تغيُر في نبرة الصوت و طريقة الغناء و أصبح لحن تلك الطيور مختلفًا تمامًا ، كما لاحظ العلماء أن الطيور الكبيرة تقوم بتعليم أبنائها اللحن الجديد ، و هؤلاء الأبناء يقومون بدورهم في تعليم صغارهم هذا اللحن الجديد أيضًا.
و بالتالي فإن الطيور تناقلت ألحانها عبر الأجيال و لم يتغير شكلها و لم يتغير سلوكها عن المجموعة الأصلية ، كما اكتشف العلماء أن النشاط الجنسي لهذا النوع من الطيور التي تغني بشكل مختلف أصبح أفضل بشكل ملحوظ ، و بدأ هذا النوع بحماية نفسه من الانقراض فقد ارتفع عدد الأزواج إلى 800 زوج خلال فترة الدراسة ، كما لاحظ العلماء أن هذا الجيل الجديد من الطيور لا يتفاهم مع طيور من نفس نوعه السابق و التي تغني بشكل مختلف ، كما أنه لم يعد يعتبرهم من عائلته و تركهم لمصيرهم المحتوم بالانقراض.
و في وقتنا الحالي يقوم الباحثون بعمل المزيد من الدراسات و الاستكشافات حول هذا الحيوان لمعرفة التأثير البيئي و البيولوجي على هذه الطيور ، فمن الواضح من الدراسة السابقة أن التغير الوراثي و الجسمي بالشكل لهذه الطيور لم يحدث ، و التغير البيئي لم يحدث أيضا ، و العوامل البيئية الخارجية متماثلة للمجموعات ، و لكن الشئ الوحيد الذي اختلف هو الغناء و طريقة التغريد.