شهدت العلاقات السعودية التركية تطورا ملحوظا في الأيام الأخيرة الماضية ، فتعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والوفد المرافق معه من كبار المسئولين إلى المملكة العربية السعودية ، من أهم الزيارات التي أقيمت بين البلدين ، فمكانة المملكة العربية السعودية البارزة على مستوى العالم الإسلامي والعربي وحتى العالمي ، ومكانة الجمهورية التركية كمنطقة مركزية لها قيمتها في العالم الإسلامي والشرق أوسطي ، يساعد على تحقيق العديد من الأعمال الاستراتيجية بين البلدين ، لها قيمة كبيرة تصب في صالح البلدين أولا ثم البلدان الإسلامية والعربية ثانيا .

مجلس التعاون الاستراتيجي :
وقد تحقق بالفعل هذا التعاون الاستراتيجي على أرض الواقع ، بعد لقاء القمة الذي انعقد بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيسي التركي رجب طيب أردوغان ، والمؤتمر الصحفي الذي انعقد بين وزير الخارجية عادل الجبير مع نظيره التركي ” جاويش اوغلو ” ، والذي أثمر على الإعلان عن قيام مجلس اتعاون الاستراتيجي بين السعودية وتركيا ، وقد شهدت أعمال القمة الأخيرة هذه عدة لقاءات جمعت بين كبار المسئولين من كلا البلدين للاتفاق على أهم بنود المجلس الاستراتيجي التعاوني في جميع المجالات سواء كانت الداخلية أو الخارجية ، والتي من شأنها أن تزيد من آلية تعميق العلاقات بين البلدين .

أهداف مجلس التعاون الاستراتيجي :
في مؤتمر صحفي كان قد عقد مع وزير الخارجية ” عادل الجبير ” حول إنشاء مجلس التعاون الاستراتيجي بين المملكة وتركيا ، كان قد أعلن خلال المؤتمر أن الهدف الرئيسي لإقامة مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين يكمن في أهمية التنسيق بينهما من جميع الجوانب الأمنية والعسكرية والاقتصادية والمالية والتعليمية ، وتعزيز العلاقات الثنائية والمصالح المشتركة بين البلدين من أجل المصلحة العامة والمصلحة الخاصة للشعبين السعودي والتركي .

يأتي الملف السوري من أهم الملفات الشائكة التي تعد من أهداف مجلس التعاون الاستراتيجي بين السعودية وتركيا ، حيث أصبحت المملكة العربية السعودية الوحيدة بين الدول العربية التي تقف في المرصاد للداعمين للنظام الأسدي ، فوحدها التي تدافع عن حقوق الشعب السوري ، وتحاول جاهدة تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وتخليص الشعب من هذا النظام المستبد ، وقد أدركت تركيا بأن التحالف مع دولة مثل السعودية لها مكانتها بين الدول العربية ، سيزيد من فرص تحقيق الأمن والاستقرار في تركيا ، التي ترتبط بشكل وثيق بسوريا ، ووحدة سوريا واستقرارها يصب في مصلحة تركيا ويؤمن استقرارها كذلك . ولهذا ، فقد انطلق هذا المجلس ليزيد من أواصر التعاون بين الدولتين ، باعتبارهما دولتين شقيقتين لسوريا وتربطهما علاقات قوية مع الشعب السوري .

فمن أهداف المجلس الرئيسية هو تكوين حلف قوي بين السعودية وتركيا يقف بالمرصاد أمام الحلف الروسي والإيراني ، ومن خلاله تتمكن الدولتان بفعل مكانتهما السياسية والاستراتيجية في المنطقة من الضغط على روسيا وإيران اللتان لهما دورا بارزا في دعم النظام السوري الحالي ، وللضغط عليهما وإضعاف قوتهما وسيطرتهما على المنطقة ، والتنسيق بين البلدين وتوافق الرأي في الأزمة السورية ، والعمل على إيجاد حل مناسب لإنهاء الأزمة من خلال المفاوضات والمباحثات التي ستجرى في هذا العام حول مستقبل سوريا والنظام الحالي .

ومن أهداف المجلس الهامة أيضا هي مواجهة الإرهاب في كافة أنواعه وإنهاء الأزمة اليمنية وتمرد الحوثيين الذين يحاولون فرض سيطرتهم على اليمن ونزع الشرعية اليمنية من شعبها .

ولن يخلو التعاون المشترك والاستراتيجي بين البلدين من التعاون الاقتصادي ، فبعد إسقاط الطائرة الروسية من قبل تركيا تزعزعت العلاقات التركية والروسية بل تكاد تكون انقطعت ، وهذا بلا شك أثر بشكل أو بآخر على الاقتصاد التركي وبالأخص فيما يتعلق في مصادر الطاقة ، ومن جهة أخرى فقد أثر انخفاض أسعار النفط في المملكة العربية السعودية على الاقتصاد السعودي وهذا ما أدى إلى النظر حول الاعتماد على مجالات أخرى غير مصادر الطاقة لتطوير الاقتصاد في المملكة مثل الاستثمارات والعقارات والبناء وغيرها من المجالات ، والتعاون السعودي التركي سيعزز من تحقيق هذه الأهداف بشكل كبير وسيؤدي التبادل التجاري بين البلدين إلى تحقيق العديد من الأرباح التي تدر في مصلحة الشعبين .