مع التطور الهائل الذي لحق بنا في كافة المجالات أصبح من الصعب اكتشاف الأضرار التي من الممكن أن تنتج من وراء استخدام كل ما في حياتنا حتى التقنيات والأدوات الحديثة، حيث أن انتشرت الكثير من الأمراض التي لم تكن موجودة من قبل، وفي المقابل تزايدت حدة الأمراض الخطيرة أيضا التي تودي بحياة الملايين للأسف الشديد، وأبرزها أمراض السرطان القاتلة التي أصبحت من الأمراض المنتشرة داخل محيط كل أسرة بشكل مخيف جدا، ولكن في الحقيقة عند الدراسة والبحث من الممكن أن نجد مسببات تلك الأمراض موجودة بالفعل وتهدد حياتنا بشكل أو بآخر، فكان هناك القاتل الصامت الذي لا طعم له ولا رائحة والذي يهدد حياة أكثر من 5.7 مليون من سكان المملكة بالإصابة ببعض الأمراض كالسرطان ومشكلات الغدة الدرقية، فما هو هذا القاتل الصامت؟ هذا ما سوف نورده في هذا المقال
ما هو القاتل الصامت ؟
القاتل الصامت الذي لا لون ولا طعم ولا رائحة له هو غاز ” الرادون ” وهو الغاز السام الذي يدخل في تركيب المساكن وينتشر كثيرا في البيئة الصخرية والآبار الجوفية، وهو الغاز الذي يصيب عند التعرض له لفترات طويلة مرض السرطان ومشكلات بالغدة الدرقية، كما ينبئ انبعاثه في الأماكن المتصدعة حدوث الزلازل، وقد ذكرت الهيئة الدولية للحماية الإشعاعية أن معدل تركيز غاز الرادون خارج المساكن يعادل ربع تركيزه داخلها، وعدد الساعات التي يقضيها الفرد داخل المباني تقدر بسبعة ألاف في السنة، ويقضي 1.760 ساعة خارجها، كما أكدت أيضا وفقا لصحيفة الحياة “التعرض الطويل للتركيزات المرتفعة من الرادون يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بسرطان الرئة، في الوقت الذي تحوي فيه ملايين من المباني في العالم تركيزات مرتفعة من هذا الغاز من دون علم سكانها”
وقد استند تقرير مخاطر الإصابة بسرطان الرئة إلى استنشاق غاز الرادون ومشتقاته إلى دراسة ظهور المرض بين عمال مناجم اليورانيوم في كندا والولايات المتحدة الأمريكية، وظهوره أيضا في مناجم الحديد في السويد، وغيرها من المناجم والتي يرتفع فيها وجود هذا الغاز القاتل
غاز الرادون بالمملكة
أجرى فريق بحثي سعودي من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في الظهران دراسة حول وجود غاز الرادون في المملكة وتحديدا في سبع مدن بالمنطقة الشرقية وهي الدمام والخبر والقطيف والاحساء وحفر الباطن والخفجي وبقيق، إضافة إلى المدينة المنورة والطائف، وقد أكدت بيانات الهيئة العامة للإحصاء الصادرة في عام 2010 أن عدد سكان المدن السابقة يبلغ حوالي خمسة ملايين و767 ألفاً و672 شخصاً.
وقد أفادت هذه الدراسة أن تركيز غاز الرادون يكون في مساكن ومدارس المدن المعرضة إلى التلوث به، وذلك بأن يتولد مصادر الإشعاع الذري الطبيعي في سلسلة تحلل اليورانيوم 238 وهو المعدن الوحيد الذي يكون في حالة غازية والمعروف عنه أنه أثقل من الهواء سبعة أضعاف وموجود في كل مكان.
مصادر غاز الرادون
أوضحت هذه الدراسة أيضا مصادر غاز الرادون حيث أشارت إلى مصادر غاز الرادون الثلاثة وهي كالتالي:
1- تربة الأرض وصخورها القريبة من السطح وهي المصدر الرئيسي والذي يتشكل المتولد منه نتيجة للتحلل الإشعاعي لليورانيوم 80 في المائة على الأقل .
2- الرادون المذاب في المياه الجوفية .
3- مواد البناء المستخدمة في المساكن والذي يطلق نتيجة التحلل الإشعاعي للراديوم الذي تحتويه، والذي يختلف بشكل كبير في كل منطقة من هذه المناطق .
ومن الجدير بالذكر أن الخرسانة الموجودة في الأبنية هي من أهم مصادر الرادون والتي تتواجد في المواد الإنشائية بالإضافة إلى أنواع الجرانيت التي تطلق كمية كبيرة منه لأنه يحتوي على مادة الراديوم.
وقد علق على ذلك فهد تركستاني أستاذ الكيمياء في جامعة أم القرى والخبير المحكم البيئي في مجلس التعاون الخليجي لصحيفة الحياة قائلا “إن التلوث البيئي داخل المنازل أكبر وأشد خطورة منه في الخارج”، وقد أوضح أن العوامل البيئية الخطرة داخل المنازل متعددة، من أبرزها سوء التهوية، ومشكلة انتشار «الرادون» المسبب لمشاكل الغدة الدرقية.