عندما يحرم الله سبحانه وتعالي نعمة من نعمه فهذا لا يعني أبدا فقدان الأمل واليأس من روح الله، فلقد أعطانا الله نعما كثيرة لا تعد ولا تحصى، ولا نشعر بها إلا عندما نرى غيرنا قد حرم منها، فنعمة العقل والبصر والسمع والشم وغيرها من النعم قد يحرم الإنسان منها، فهو اختبار من عند الله عز وجل وعلى الإنسان أن يتحمل ويحاول قدر الإمكان اكتشاف الحواس الأخرى التي قد منحها الله له ليستخدمها فينا ينفع الناس، فالبصر نعمة عظيمة جدا بها يكشف الإنسان كل شيء، ومن المؤلم جدا أن يرى الإنسان غيره محروم من البصر، ولكن الله سبحانه وتعالى قد عوض الكفيف نعمة البصيرة وهي النعمة التي يستخدمها الكفيف لكي يتعايش مع غيره من المبصرين، وعليه أن يستخدمها الاستخدام الأمثل، وهذا ما فعلته أول محامية في المملكة وهي ” ليلى القبي” التي استطاعت أن تتحدى إعاقتها وتصبح من أنجح المحاميات، فما قصة ليلى القبي وتحديها لإعاقتها؟هذا ما سوف نورده في هذا المقال.
ليلى القبي أول محامية كفيفة بالمملكة
المحامية ليلى القبي هي أول محامية ضريرة في المملكة والتي استطاعت أن تتحدى إعاقتها البصرية، فهي شابة تبلغ من العمر 24 عاما وقد أصرت على مواجهة التحديات التي واجهتها خلال حياتها، خاصة من بعد إكمال مرحلتها الجامعية، فقد أغلق الجميع أبوابهم أمامها نظرا لأنها ببساطة كفيفة ولا يوجد لها أي مكان للعمل، ولكن بفضل من الله أولا ثم نعمة البصرة وتحديها لظروفها وقدرتها على تغيير واقعها الأليم استطاعت أن تنضم إلى قائمة المحاميات السعوديات والتي تضم 102 محامية لتبدأ أولى خطوات نجاحها.
فالمحامية ليلى القبي التي تخرجت من جامعة الملك عبد العزيز استطاعت أن تخلق لنفسها جوا آخر من الثقافة والتطور عن طريق متابعة دراستها عن طريق الكتب المسموعة والقراءة بطرية برايل وهي الطريقة المعروفة لأصحاب الإعاقة البصرية، وقد رأت أن الإعاقة البصرية لن تمنعها أبدا من ممارسة عملها مثل باقي الزميلات، فقد نجحت في تحدي إعاقتها وعدم السماح لها بأن تقهقرها للوراء، وقد عبرت عن رأيها لموقع العربية. نت
التحديات التي واجهتها
لم تصل ليلى القبي إلى ما وصلت إليه من نجاح وتفرد من فراغ، بل من المؤكد أنها قد واجهت بعض التحديات خلال مشوار حياتها كأي إنسانة عادية، وقد ذكرت أن التحديات التي واجهتها كانت خاصة بالتدريب العملي والتي تفتقدها الكثير من المجتمعات لتدريب ذوي الإعاقة البصرية، وفي نفس الوقت فإن المعدات التي تؤهل الكفيف للقراءة والكتابة هي معدات باهظة الثمن ومن الممكن أن تصل إلى 25 ألف ريال سعودي، وهنا حاولت أن تتحدى ذلك من خلال اقتراضها لبعض هذه الأجهزة لأنها لم تستطع شرائها ، وكانت تتمنى أن تشتريها ولكنها بكل تفاؤل تتمنى أن تقدر على شرائها في يوم من الأيام.
شكر واجب لوزارة العدل
لم تنسى المحامية ليلى القبي أن تقدم شكرها وعرفانها لوزارة العدل وللشركة التي وفرت لها التدريب ومنحتها الفرصة لتحقيق هدفها، في وقت قد غلقت أبواب العمل في مكاتب المحاماة نظرا لإعاقتها البصرية والتي يراها البعض إعاقة ويرفضون فكرة إسناد العمل لشخص ضرير.
وقالت القبي: “الحمد الله الذي لا يخذلني أبداً، فأنا لم أكن أتصور أن أحصل على رخصة مزاولة المحاماة. أشعر بالتفاؤل لتحقيق أحلامي”، موجهة النصح لكل إنسان لديه طموح “أن يصدق نفسه ولا يتراجع أبداً”، وعبرت عن سعادتها بأول قضية قد تولتها وهي قضية مالية على الرغم أن معظم المحاميات يتولين قضايا أحوال شخصية.
ومن الجدير بالذكر أن الحكومة قد منحت الحكومة رخص مزاولة المهنة لـ39 محامية هذا العام، وهو أكبر عدد تمنحه الحكومة للمحاميات السعوديات. وقد أصدرت الحكومة القرار بمنح المحاميات السعوديات رخص مزاولة المهنة عام 2012، ودخل القرار حيز التنفيذ في عام 2013 عندما حصلت المحامية السعودية بيان زهران على أول رخصة لتصبح بذلك أول محامية في المملكة، وهناك 102 محامية بالمملكة إلى الآن، آخرهم المحامية ليلى محمد القبي التي حصلت على شهادة تدريب لمزاولة مهنة المحاماة اعتباراً من هذا الأسبوع لمدة عام، بعد توفر الشروط النظامية المطلوبة.وأعربت المحامية القبي عن شكرها لمن وقفوا معها في مشوارها الطويل، مؤكدة أنها سعيدة بمشوار الألف ميل الذي يبدأ بخطوة.