نظرية الميازما هي نظرية اعتقد فيها الأطباء قديما، لكن مع تقدم العلم اكتشفوا أنها خاطئة، فقبل ظهور نظرية جرثومية المرض كان يعتقد العلماء والأطباء أن السبب من ظهور بعض الأمراض مثل الطاعون ” الموت الأسود ” والكوليرا والكلاميديا وغيرهم سببه الميازما miasma أي ” الجو الملوث “، ووفقا لهذه النظرية فإن هذه الأوبئة سببها هو الهواء السيئ المعبأ بالملوثات التي تنبعث من المواد العضوية المتعفنة .
نظرية الميازما
انتشرت نظرية الميازما في العصور القديمة في أوروبا، وقد لاقت انتشار وقبول واسع في كلا من : أوروبا والصين وجنوب شرق آسيا، وأعتقد العلماء في هذه النظرية أن البخار السام الذي كان يحمل جزئيات المادة المتحللة المتعفنة هو السبب في ظهور بعض الأمراض، وظل الاعتقاد بهذه النظرية لوقت طويل حتى عام 1876، عندما جاء أطباء مثل جون سنو وفيليبو باتشيني حيث دحضوا هذه النظرية تماما، ثم أثبت روبرت كوخ أن بكتيريا Bacillus anthracis تسبب مرض الجمرة الخبيثة، وبهذه الطريقة ظهرت نظرية جرثومية المرض واشتهرت جدا .
تاريخ نظرية الميازما
نشأت نظرية الميازما في العصور الوسطى، وقد استمرت النظرية لعدة قرون، واعتقدت النظرية أن مرض مثل الملاريا القاتل سببه هو تلوث الهواء، وكانت نظرية الميازما منطقية جدا بالنسبة للإصلاحيين الصحيين في القرن التاسع عشر في إنجلترا، حيث أن إنشاء العديد من المدن الفقيرة في هذا الوقت وانتشار التلوث والروائح الكريهة كان سبب محوري في انتشار الأمراض والأوبئة، وعندما تطورت المرافق الصحية والنظافة العامة في هذه المناطق قلت الأمراض، وهذا ما أدى لتثبيت النظرية لعدة قرون قبل أن يتم دحضها .
وقد ظهرت نظرية جرثومية المرض التي دحضت نظرية الميازما في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وتم استبدالها تدريجيا بها .
نظرية الميازما في الصين
الميازما في الصين عبارة عن مفهوم قديم للمرض، استخدمها الصينيين القدماء على نطاق واسع في شرح الأمراض، وللميازما العديد من التفسيرات في الثقافة الصينية، لكن معظم التفسيرات تشير إلى أن الميازما نوع من الغاز السام الذي يسبب ظهور الأمراض، واعتقد الصينيون القدماء أن الميازما مرتبطة بالبيئة وأنها منتشرة في أجزاء من جنوب الصين، حيث اعتقدوا أن السبب في ظهورها هو الحرارة، الرطوبة، الهواء السيئ الذي يوجد في جبال الصين الجنوبية، واعتقدوا أيضا أن النفايات تلوث الهواء وأن الضباب والمياه الملوثة والغابات الصغيرة تعد بيئة مناسبة للميازما .
وكان وصف المسافرين القدماء لظاهرة الميازما غالبا ما يتم فيه ذكر الضباب أو الغبار أو الغاز السام، وقالوا أن الميازما قد سببت العديد من الأمراض مثل الأنفلونزا والبرد وارتفاع الحرارة والملاريا والزحار والتسمم، وهذا لأنهم لم يكونوا يعرفون سببا لهذه الأمراض، على الرغم من هذا كان الأمر في جنوب الصين أكثر تطورا لاسيما في أسرتي مينغ وتشينغ بعد القرن التاسع عشر لأن البيئة تغيرت بسرعة، حيث أنه بعد انقضاء القرن التاسع عشر ودخول القرن العشرين دخلت العديد من العلوم الغربية للصين، وعرف الناس معلومات عن الأمراض وكيفية التفاعل معها، وبدأت الميازما بالتلاشي تدريجيا بسبب تقدم الطب الصيني .
وقد كان هواء الليل قبل أواخر القرن التاسع عشر يعد خطر كبير في معظم الثقافات الغربية، حيث انقسم المجتمع الطبي حول تفسير نظرية انتشار الأمراض خلال القرن التاسع عشر إلى جانبين، الجانب الأول كان يرى أن العدوى هي من تسببت في ظهور المرض، أي أن الاتصال الجسدي بين الأشخاص هو من ينقل العدوى، أما الجانب الآخر فاعتقد أن المرض موجود بسبب تلوث الهواء، لذا يمكنه إصابتك من دون اتصال جسدي، وهذه هي الميازما، أما النظرية الجرثومية التي توجد حاليا فهي تقول أن المرض ينتشر عن طريق كلا من الاتصال الجسدي المباشر والغير مباشر على حد السواء .