أسدل الستار على انتخابات الفيفا الخامسة والستين ، والتي عقدت في مدينة زيورخ السويسرية ، بفوز جوزيف بلاتر Joseph Blatter للمرة الخامسة على التوالي ، بالرغم من انتشار فضائح الفساد التي أدت إلى حملة اعتقالات واسعة لقيادات هامة في الفيفا ، وجاء هذا الفوز بعد انسحاب المرشح المنافس الثاني ” الأمير علي بن الحسين ” في الجولة الثانية بعد أن تقرر تمديد فترة التصويت لجولة ثانية لعدم كفاية عدد الأصوات لأحد المرشحين حيث يفترض أن يحصل كل مرشح على ثلثي الأصوات المطلوبة لتحديد من هو الفائز ، إلا أن الأمير علي بن الحسين قرر في اللحظة الأخيرة الانسحاب من الجولة الثانية وبالتالي حصل الرئيس الحالي للفيفا جوزيف بلاتر البالغ من العمر التاسعة والسبعين على الرئاسة .
الأصوات :
حصل بلاتر على 133 صوت مقابل حصول الأمير علي على 73 صوت ، حيث تم احتساب 206 صوت صالح من أصل 209 أصوات وذلك في الجولة الأولى من الانتخابات وقد تم تمديدها لأن كل مرشح من المرشحين يجب أن يحصل على ثلثي الأصوات على الأقل للفوز بالانتخابات ، فتقرر تمديدها للجولة الثانية إلا أن الأمير علي اتخذ قراره بالانسحاب قبل بدء الجولة الثانية وتم الإعلان عن فوز بلاتر في انتخابات الفيفا للفترة الخامسة .
الاتحادات المؤيدة لبلاتر :
حصل بلاتر على نصيب الأسد من الأصوات نتيجة لمصالح مشتركة بينه وبين الاتحادات التي صوتت له ، فقد حصل على دعم كبير من قبل القارة الأفريقية حيث أصدرت اتحادات الكاف المكونة من 54 اتحاد أعلنت في بيان لها تأييدها الكامل لبلاتر ، وهذا جاء بتصريح من رئيس الكاف عيسى حياتو ، والموقف ذاته تشهده اتحادات القارة الآسيوية المتمثلة في 11 اتحاد والتي صوتت لصالح بلاتر ، كما حصل أيضا على تأييد شامل من قبل 11 اتحاد من المحيط الأطلسي ، وأعلن حوالي 35 اتحاد من شمال ووسط القارة الأمريكية والكراييب الدعم الكامل لبلاتر . وكذلك هو الحال بالنسبة للاتحادات التابعة لكونفدرالية أمريكا الجنوبية والمكونة من 10 اتحادات أيدت أصواتها لصالح بلاتر . ومن ضمن الاتحادات العربية المؤيدة لبلاتر ( قطر ، الكويت ، موريتانيا ، المغرب ، ليبيا وغيرهم العديد)
الاتحادات المؤيدة للأمير علي بن الحسين :
أما الاتحادات التي أدلت بأصواتها للأمير علي بن الحسين فهي الاتحاد الأسترالي الذي أعلن منذ البداية دعمه للأمير حسن ، والاتحاد النيوزيلاندي ، والاتحاد الأمريكي أيضا صوت للأمير علي ، الاتحاد الأوروبي بأكمله والمكون من 53 اتحاد جميعهم أيدوا أصواتهم للأمير عالي ، بالإضافة إلى بعض الاتحادات العربية مثل (مصر ، البحرين ، الجزائر ، اليمن ، تونس ، الامارات)
لماذا انسحب الأمير علي من الانتخابات ؟
في البداية ، تلقى الأمير علي دعما كبيرا من قبل معظم الاتحادات القارية بعد فضيحة الفساد التي اتهم بها 14 مسئولا بالفيفا الأربعاء الماضي ، وقد توجهت أصابع الاتهام بنشر الفساد والسكوت عنه إلى جوزيف بلاتر باعتباره المسؤول الأول إلى ما توصل إليه حال الفيفا ، ولهذا السبب أعلنت عددا من الاتحادات القارية والمحلية سحب دعمها لبلاتر ، والاتجاه نحو دعم المرشح الآخر وهو الأمير علي بن الحسين ، وقد خلق هذا الدعم شعورا لدى الأمير علي وكل من يدعمه بأن نتائج الانتخابات ستكون في صفه واقترابه من كرسي الرئاسة بات وشيكا ، إلى أن ظهرت النتائج بعكس التوقعات بعد إعلان نتيجة يوم الجمعة المتمثلة في فوز بلاتر بفارق كبير من الأصوات !
وبالطبع حدث مثل هذا جعل من المحللين يتساءلون عن سبب خسارة الأمير علي بن الحسين بالرغم من الدعم الذي تلقاه عالميا وليس عربيا إن صح التعبير ، فبعض المحللين فسر هذا بأن قارتي أفريقيا وآسيا التي تشكل نسبة 48% من أصوات الفيفا حيث أفريقيا تمتلك 54 صوت من أصوات الفيفا و آسيا تمتلك حوالي 46 صوت وبذلك يصبح الإجمالي 100 صوت ، بينما كان لهم دورا بارزا في فوز بلاتر بسبب دعمهم الكامل له بينما تلقى الأمير علي دعمه في الغالب من الاتحاد الأوروبي الذي يشكل فقط 25% من أصوات الفيفا ، بالإضافة إلى أصوات متفرقة من عدة دول من ثلاث اتحادات أخرى .
ويرى المحللون بأن بلاتر يقدم دعما ماديا للكثير من الاتحادات المحلية التابعة لقارتي أفريقيا وآسيا ، وقد سبق لبلاتر أن وعد الاتحاد الأفريقي واتحاد دول الكونكا كاف بزيادة أعداد منتخباتهم في بطولات كأس العالم القادمة ، ونظرا لحاجة هذه الاتحادات للدعم المادي فقد جاء قرارها بالتصويت لبلاتر .
أما فيما يتعلق بدعم قطر لبلاتر فيعود السبب بالطبع لخوفها من سحب استضافة كأس العالم 2022 وبالتالي فالاتحادات التي لديها مصالح وعلاقات قوية مع دولة قطر اضطروا إلى الوقوف إلى جانبها ودعم من تدعمه . وكذلك هو الحال لروسيا فهي أيضا من المقرر أن تستضيف بطولة كأس العالم في 2018 وبالتالي واجهت تهديدا إلى جانب قطر من سحب قرار الاستضافة إذا لم يتم التصويت لبلاتر .
ولإسرائيل دورا كبيرا في جعل معظم الدول العربية تتجه نحو دعم بلاتر بدلا من الأمير علي بن الحسين ، فقد حلل المراقبين بأن إسرائيل وعدت بدعمها لبلاتر مقابل أن يتم تجميد طلب سحب عضويتها من الاتحاد الدولي ، وهذا ما يفسر تراجع رئيس الاتحاد الفلسطيني جبريل الرجوب وسحبه لمقترح تجميد عضوية إسرائيل قبل دقائق من التصويت عليه حيث ذكر بأن هناك دول عربية وأفريقية وأوروبية طالبته بأن يقوم بسحب الطلب على تجميد العضوية الإسرائيلية .
وبطبع هذه الخطوة تصب في صالح بلاتر ، فلا شك بأن الدول العربية التي لديها مصالح لدى إسرائيل قد أيدت بلاتر لأجل عيونها ، وهذا لا يعتبر بالمفاجأة فنحن معتادون على تخاذل دولنا العربية في وقوفها بصف بعضها لبعض .
ردود الأفعال :
أثارت نتيجة التصويت على انتخابات الفيفا وانسحاب الأمير علي بن الحسين من الانتخابات موجة كبيرة من ردود الأفعال الغاضبة في الأوساط الرياضية وفي مواقع التواصل الاجتماعي ، حيث انتشرت التعليقات والتغريدات بشكل كبير منددة بالنتيجة وتخاذل الاتحادات العربية لعدم التصويت للأمير علي بن الحسين الذي يفترض أن تكون له الأولوية في التصويت لصالحه كونه عربي من جهة ولارتباط بلاتر بقضايا فساد كبيرة في عهده ، وبالرغم من ذلك فالكثير من الاتحادات العربية أيدت بلاتر رغم الفساد ورغم أن الأمير علي يمتلك المؤهلات والصلاحيات التي تجعله رئيسا مثاليا قادرا على تحمل هذا المنصب .
وفيما يلي ردود الأفعال المتباينة ما بين معارض ومؤيد :-
• أعلن رئيس الاتحاد القطري بأن بلاتر هو رجل المرحلة ، والأمير علي بن الحسين لم يستشر الاتحاد القطري قبل إعلان ترشحه وإذا استشار الاتحاد لنصحه بعدم الترشح .
• أعرب الشيخ سلمان بن إبراهيم ال خليفة رئيس الاتحاد البحرين عن سعادته فوز بلاتر في انتخابات للمرة الخامسة مؤكدا على دعم الاتحاد الآسيوي له من أجل تحقيق مزيدا من التطور لكرة القدم الآسيوية والعالمية .
• وزير الرياضة الروسي فيتالي موتكو عبر عن سعادته بإعادة انتخاب بلاتر داعيا إلى إجراء تعديلات في المنظمة الدولية .
• في تغريدة للمحلل الرياضي منصور العبدالله ذكر فيها ” يبقى بلاتر الرجل الأقوى في عالم كرة القدم ويكفي أن يجلس على كرسي رئاسة الفيفا مدة 9852 يوما .. لم يزحزحه أحد! ” .
• صرح الشيخ أحمد الفهد الصباح رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم بأن بلاتر هو الشخص المناسب لهذا المنصب ويجب دعمه لأربع سنوات أخرى .
• وجه ملك الأردن عبدالله الثاني بن الحسين رسالة إلى أخيه الأمير علي بعد انسحابه من انتخابات الفيفا على صفحته على الفيسبوك قائلا ” ” عرفتك يا أخي العزيز، سمو الأمير علي، فارسا هاشميا حريصا على أداء الواجب، وتحمّل المسؤولية في شتى المجالات. ولقد تابعت ما بذلته من جهود خلال حملتك الانتخابية، ومدى التزامك بالعمل الجاد والدؤوب لإحداث نقلة نوعية في رياضة كرة القدم العالمية. إن خوضك غمار المنافسة بهذه القوة هو مصدر فخر واعتزاز أردني وعربي ودولي، كما أنه دليل على حرصك على تطوير هذه الرياضة الجماهيرية “.
• حالة من خيبة الأمل الكبيرة أصابت الشارع الأردني كأول رد فعل له ، وفي المقابل علق عضو الاتحاد الأردني سمير منصور بأنه فخور بشجاعة وجرأة الأمير علي بن الحسين ونزاهته حيث أنه غادر الانتخابات وهو مرفوع الرأس ، وأوضح بأن النتيجة كشفت وأكدت تخلي الدول العربية والآسيوية عن مرشح قارتها واعتبر الداعمين لبلاتر هم دعاة الفساد ومن الفاسدين يبحثون عن مصالحهم الشخصية . ومن جانب آخر ظهرت مجموعة كبيرة من المواطنين الأردنيين في مواكبة احتفالية بالأمير علي بن الحسين مرددين هتافات مؤيدة له منددين تخاذل غالبية الدول العربية والآسيوية .
• التزم البيت الأبيض بالصمت حيال انتخاب بلاتر ورفض التعليق على ذلك وترك الأمر على أعضاء الاتحاد الأمريكي الذي أعرب عن شعوره بخيبة الأمل لنتائج الانتخابات معربا عن محاولاته الكثيرة للضغط من أجل إجراء تغييرات جذرية في الفيفا مع مطالبته بقيادة رئاسية تكون أكثر مسئولية وشفافية عن قيادة بلاتر .
• المرشح البرتغالي لرئاسة الفيفا لويس فيغو غرد على حسابه في تويتر يقول بأن الفيفا اليوم خسر ، وكرة القدم خسرت وجميع الذين دعموا بلاتر أيضا خسروا . ويذكر أن فيغو انسحب هو والمرشح الهولندي ميكايل فان براغ لصالح الأمير علي بن الحسين .
• الاتحاد الأوروبي أعرب عن فخره بدفاعه ودعمه من أجل التغيير في الفيفا ، وقد صرح رئيس الاتحاد الأوروبي الفرنسي ميشيل بلاتيني بأنه كان يأمل بالتغيير المصيري للفيفا .
• غرد أحمد شوبير حارس مرمى المنتخب المصري سابقا بعد فوز بلاتر قائلا ” كالعادة !! سنتابع الفترة القادمة صراع بلاتر مع بلاتيني – أمريكا – الاتحاد والإعلام الإنجليزي ” .
• علق الإعلامي مصطفى الأغا عبر برنامجه صدى الملاعب على قناة ام بي سي قائلا ” بلاتر يتوج امبراطوريا ودكتاتوريا على عرش الفيفا بأصوات الغالبية والعرب من بينهم ، الأمير علي خسر الانتخابات وكسب قلوب الشعوب لا المصوتين ” .
• صرح رئيس الاتحاد الإنجليزي جريج داي قائلا ” نتيجة التصويت أظهرت تراجعا في تأييد بلاتر في الفيفا ، وقد شهد هذا الأسبوع أحداثا مأساوية في الفيفا ، لكني لا أرى أن الفيفا سيتمكن من إصلاح نفسه تحت قيادة بلاتر ، كان أمامه فرصة لمدة 16 عاما للإصلاح لكنه لم يفعل ” .
• جاء رد فعل رئيس الاتحاد الايرلندي جون ديلاني قائلا ” إن المعركة بدأت لتوها ، لكن أوروبا تحتاج إلى مساندة مناطق أخرى ، مازلت أعتقد أنها بداية النهاية لبلاتر ، ولا أتوقع أن يكمل الأربع سنوات القادمة ” .