يتوافد الحجاج إلى مكة المكرمة في شهر ذي الحجة من كل عام سعيًا وراء تأدية مناسك الحج بكل سهولة ويسر، حيث يقوم الحجاج بأداء أركان الحج بقلوب خاشعة لله، فهم يقيمون في مِنى والذي يُعد من الأماكن المقدسة ويقع بين مكة المكرمة والمزدلفة، وتبعد عن الكعبة مسافة سبعة كيلو متر، ويقيمون أيضًا في المزدلفة ويؤدون بها الصلاة، وتعتبر الإقامة من منى ومزدلفة من أهم أركان الحج، وتقترب المسافة بينهما وبين المسجد الحرام وعرفات.
المسافة بين مزدلفة ومنى
تقع مزدلفة بين مشعر منى وعرفات وتُقدر مساحتها الإجمالية ب 9.63 كليو متر مربع، يحدها من الغرب ضفة وادي مُحسر الشرقية والذي يكون عبارة عن وادٍ صغير يمر بين منى ومزدلفة، وهو ما يمر فيه الحاج على الطريق بين منى ومزدلفة، ويكون هذا الوادي فاصل بينها وبين منى، كما يحدها من الشرق عرفات ومن الشمال الجبل، ويقال عنه جبل مزدلفة.
تُقدر المسافة بين مكة والمدينة المنورة في حدود الأربعمائة وخمسين كيلو متر، وتقع منى ومزدلفة وعرفة كلها في مكة، حيث أن منى ومزدلفة داخل حدود الحرم وعرفات خارج الحرم، أي أن المسافة بين عرفة ومنى ومزدلفة بضع كيلو مترات، وأبعدها عرفة ثم مزدلفة ثم منى، حيث :
تبعد منى عن المسجد الحرام سبعة كيلو مترات تقريبًا.
تبعد مزدلفة عن المسجد الحرام 10 كيلو مترات تقريبًا.
تبعد عرفات عن المسجد الحرام 20 كيلو متر تقريبًا.
المسافة بين عرفات ومزدلفة 7 كيلو متر تقريبًا.
معلومات عن مزدلفة
تُعرف مزدلفة بأنها المشعر الحرام وسميّت بذلك لأن الناس يقتربون فيها من منى، ويسمى هذا القرب ازدلافًا، وقال المفسرين أيضًا أن السبب وراء التسمية أن الحجاج يجتمعون في هذا الموضع في وقت الليل، ويسمى هذا الاجتماع بالازدلاف، فالحجاج يزدلفون إلى الله ويتقربون إليه من خلال وقوفهم في عرفة وازدلافهم منها إلى منى، ويُطلق عليها أيضًا اسم جمعًا لأنه يتم فيها جمع النسك بين صلاة المغرب والعشاء.
الإفاضة إلى مزدلفة
تقع مزدلفة بين عرفات ومنى، وتتم الإفاضة إلى مزدلفة بإتباع عدد من الخطوات والمناسك، وهي :
الذهاب إلى مزدلفة بين غروب الشمس والجمع بين صلاتي المغرب والعشاء عند الوصول إليها جمعًا وقصرًا وبآذان واحد وإقامتين.
يجب الصلاة في مزدلفة قبل جمع الحصى، وقبل حط الرحال.
ثم يأتي المبيت في مزدلفة، ويعتبر من الواجبات المفروضة على الحاج حتى طلوع الفجر، ومن الأفضل وقت الإسفار، يجوز على الضعفاء من النساء والرجال المغادرة بعد غياب القمر، لتجنب تعرضهم للازدحام.
إلتقاط سبع حصوات من أي مكان لرمي جمرة العقبة الأولى.
الذهاب إلى منى قبل طلوع الشمس.
الإكثار من قول ” اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار”، وقال الله تعالى ” فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ”.
مدة البقاء في مزدلفة
اختلفت آراء المذاهب الإسلامية حول المدة الواجب على الحاجة المكوث فيها بمزدلفة، وجاءت كالتالي :
يرى المذهب الشافعي أن على الحاج أن يمضي بها نصف الليل.
المذهب الأوسط بين الحنفي والمالكي يرى أن الإنطلاق من مزدلفة لابد أن يكون بعد منتصف الليل.
المذهب المالكي يرى أنه لابد من إمضاء جزء من الليل فيها.
المذهب الحنفي يكون البقاء بمزدلفة معظم الليل.
وهذا يعني أنه من الأفضل للحاج مع عائلته أن يكون الإنطلاق من مزدلفة بعد أداء صلاتي المغرب والعشاء جمع تأخير، والتقاط حصيات جمرة العقبة ويكون ذلك بعد منتصف الليل.
لماذا سميت مِنى بهذا الاسم
سميت مِنى بهذا الاسم بسبب أن سيدنا آدم عليه السلام عندما كان في هذا المكان تمنى أن يرجع إلى الجنة، وتمنى أن يرى حواء التي نزلت إلى الأرض ولم يدري أين هي، ومِنى هي مشعر مقدس، كما أنها المكان الذي يمنى فيه الدماء ويراق فيه، فيقوم الحجاج في صباح يوم عيد الأضحى المبارك بذبح أضحيتهم ونظرًا لكثرة عدد الحجاج تراق بها الدماء في هذا اليوم، وعندما رأى سيدنا إبراهيم عليه السلام أنه يذبح إبنه اسماعيل عليه السلام كان ذلك في مِنى وأنزل الله تعالى الكبش فداءًا له، ويقوم الحجاج بذبح الأضاحي في مِنى أسوة بالنبي إبراهيم.
تزدهر مِنى بالحجاج وخاصة في يومي الثامن والعاشر من شهر ذي الحجة وأيام التشريق عند الذهاب إلى جبل عرفة وعند رمي الجمرات وذبح الأضاحي في تلك الأيام، تقام الخيام في مِنى ويقيم بها الحجاج الثلاث أيام الأولى من عيد الأضحى المبارك استعدادًا لرمي الجمرات، وهي المكان الذي بايع فيها الأنصار سيدنا محمد صلّ الله عليه وسلم البيعتين، ونزلت بها آخر سورة على سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام في حجته الأخيرة حجة الوداع.
بنى الخليفة المنصور العباسي مسجدًا عُرف باسم مسجد البيعة سنة 144 هجريًا، وأعاد عمارته بعد ذلك المستنصر العباسي، وهو يبعد حوالي 300 متر من جمرة العقبة على يمين الجسر النازل من منى إلى مكة المكرمة، ومن أشهر الأماكن في مشعر عرفة وادي محسر، وسٌمي بهذا الاسم لأن فيل أبرهة الحبشي حسر فيه أي توقف عن الذهاب، وأهلك في هذا المكان.