كان راكان بن فلاح بن مانع بن حثلين العجمي من فرسان وأمراء قبيلة العجمان ، وقد ولد في عام 1230 هجري ، وأصبح زعيمًا لقبيلة العجمان وهو في سن السادسة والأربعين من عمره ، وقد ظل شيخًا للقبيلة حتى وفاته عام 1310 هجري ، وقد عرفت قبيلة عجمان بأنها أقوى وأشد القبائل بأسًا وقوة بالحروب ، كما أنها من أهم القبائل الواقعة في جهتي المملكة الشرقية والجنوبية .
زواج راكان
كان راكان يكن حبًا شديدًا لبنت عامر بن جفن بن آل سفران ، مما دفعه لكتابة قصيدة عند رؤية أهلها يرتحلون في فصل الربيع إلى مكان آخر ، فقال :
الـلـه مـن قـلـب غـدا فـيه تـــفريق يـتـلي ضـعـون مـبـعـديـن الـمـنـاحـي
قسم بـتـغريب وقـسم بـتـشــريـق والقـسم الآخـر مـا ادري ويـن راحـي
لي صاحـب مـا فتق البيت بي ويق ولا عـذبـه طـرد الـهـوى والـطـمـاحـي
والله يا لولا افـاهـق الصبـر تـفـهيق وارجي عسى دربه يجيلي سماحي
أبوي يـا حامي عـقـاب المـشافيق لا طــيــر الــذلان ضـــرب الــمـلاحـي
راعي الـدلال بـل وصـايـف غـرانيق الدلال فـيـهـن أشـقـر الـبـن فــاحــي
وحامي حدور الخيل وقت التزاهيق وكـريـم سـبـلى في ا لليال اشـحاحـي
ذبـاح حـيـل عـلـقـن بـل مـشـانيق حـيل الغنم مـع مسـمـنـات الـقـاحـي
سوقوبها شـقح البكار المـلاهيــق مـثـل الـقـنوف اللي بـها البرق لاحـي
ترى لها رجال قرومن مطاليق كسابت العليا الطيور الفلاحي
وحينما سمع والده تلك الأبيات علم بحبه لبنت عامر بن جفن ، فقام بإحضار كبار القوم وطلب منهم أن يذهبوا إلى عامر بن جفن من أجل طلب ابنته لراكان ، وعند وصول المبعوثون إلى عامر قام بإكرامهم ، ثم طلبوا منه أن يسمح لابنته بالزواج من الشيخ راكان فوافق ، وتزوج راكان من بنت عامر ، ورُزق منها بطفل اسمه فلاح بن راكان .
القبض على راكان
كان يفرض راكان على الدولة العثمانية خرجية لكي يوفر الأمان لقوافلها التجارية التي كانت تسير بين القبائل العربية ، إلا أن هذا الأمر تسبب في إزعاج القادة العثمانيين ، لذلك فقد خططوا مع ابن عودة الذي كان مسؤولاً عن تسليم الخرجية لراكان ، لكي يقوموا بالقبض عليه .
في إحدى السنوات رحلت قبيلة عجمان إلى البر وحينما استقروا ، اصطحب راكان ستة آخرين وذهبوا إلى ابن عودة من أجل الاتفاق على استلام الخرجية ، وعند وصول راكان عنده ، ألح عليه ابن عودة بالبقاء وقام بتقديم الضيافة له ، وفي خلال هذا الوقت أرسل رسالة للقائد العثماني أخبره فيها بتواجد راكان عنده .
وما إن وصلت الرسالة للقائد العثماني حتى أرسل من يقبض عليه وعلى من معه ، حيث قاموا بتكبيل راكان وأرسلوه عن طريق البحر إلى إسطنبول ، وقد تم سجنه هناك بإحدى القلاع لمدة لا تقل عن سبعة سنوات .
نبذة من خواطر راكان بالسجن
في أحد الأيام أثناء تواجد الشيخ راجان بسجنه في إسطنبول ، لمح طيرا يحوم حول السجن وجال بخاطره أن يخبر الطير قصيدة لكي يقوم بإيصالها إلى قومه لكثرة اشتياقه إليهم وحنينه إلى موطنه ، وقال :
لاواهني يــا طير من هـو مـعـك حــام ولا أنـت تـنـقل لي حمايض علومي
إن كان لا من حمت وجهك على الشام بيسر مـعـيـب سهيل تبغي تحومي
بـكـتـب مـعـك مـكـتـوب ســــر ولا لام مــلـفـاه ربـع كـل ابـوهـم اقـرومـي
سـلـم عـلـى ربـع تـنـشـد بـالأعــــلام لا واهـني مـن شـافـهم ربـع يومي
ومن سايلك مني فأنـا مـن بـنـي يــام من لا بــة بـالضيق تقضي اللزومي
ربـــعـي ورا الصــمــان وأنـــا بــالأروام من دونـهـم يـزمي بـعيد الـرجـومي
ومـــن دونـهـم حـوران ضـلـع بـعـد زام دار أهـلـهـا مـــا تـعـرف السـلـومي
حال البـحـر مـن دونـهـم لـه تـلـيـطـام ومـن دونـهـم مـايـات مـوج تـعومي
من عـقب ما سيفي على الضد حطام اليوم سيفي جادعه كـنـه شـومي
صـارت سـوالـفـنـا مـعـي مثل الآحلام مـالـي جـدا يـكـون عــد الـنـجـومي
لا مـن ذكـرت رمـوس عــصـر لـنـا دام قـمـت أتـملـمـل والـخـلايق أنيومي
يااللـه ياللي طا لـبه مـا هو يضــام تـفـرج لـشخـص لاجي عـند قومي
الله مـن عـين لها سـبعة أعــــوام تـسهـر وتـبكي من كـثيـر الهمومي
الــحـال بـاد وباقـي جـسـم وعـظام كـــنـه مـريض واقـع ومـحـمــومي
وقـعـت أنـا فـي ديره ما بها إسـلام والـبـن الأشقـر مـا يــدار مـعـدومي
سـجـيـن سـجـن ولاجـي عـنـد ظـلام ودوني بحـور وبـالحـديـد مـحـزومي
والجـفن يـسهر تالي الليل مـا نــام ومن جملة الكيفات صرت محرومي
وعـزي لـمـن مـثـلـي عليه الدهر هام مـقـصـور رجـل ولا جزع ما يشومي
وصـلاة ربـي عـد مـن يـلـبـس إحــرام وإعـداد مـا تـذرى ذواري سـمـومي
عـلى نـبي خـصــه ا لـلـه بـالإكــــرام عـلى جـميع الخلق صار محشومي
خروج راكان من السجن
أثناء وجود راكان في السجن كان هناك معركة بين الصرب والعثمانين ، وقد كانت هناك فارس أسود اللون وضخم بين جيش الصرب ، كما كان هناك حاجز ضخم عبارة عن حفرة بين الجيشين ، وقد كان هذا الفارس يقوم بالقفز بالخيل للجهة المقابلة فيقتل من العثمانين بقدر ما يستطيع ، وقد ظل على هذا الحال لمدة أربعة أيام .
كان راكان يرى تلك المعركة من سطح السجن ، فقام بمناداة السجان وأخبره أنه في إمكانه أن يقتل هذا الفارس ، وبالرغم من عدم موافقتهم على مبارزته في البداية إلا أنهم في النهاية سمحوا له بذلك ، وبالفعل استطاع راكان أن يهزم الفارس مما اكسبه مكانة كبيرة عند الوالي التركي وتم إطلاق سراحه وإعطائه الكثير من الهدايا والأموال .