ليس من المستغرب أن يكون ألم الولادة هو أكبر مخاوف كل أم تحمل جنيناً داخل أحشائها ، فكما صورت وسائل الإعلام وتصور الأفلام أن ألم الولادة يتمثل فى الصراخ والعويل بشكل قوى ، مما يدفع النساء إلى إنفاق وقتهن فى القلق بشأن آلاك المخاض والكيفية التى سيتم التعامل معها ، حسناً ، فالشعور بالقلق حول أمر ألم الولادة أمراً طبيعياً ، ولكن فى الوقاع إذا راودتك تلك المخاوف ولم تتخلِ عنها قبل موعد الولادة سوف يكون الأمر أكثر سوءاً عند الولادة ، ونقدم لكِ سيدتى فى هذا المقال بعض القائق التى تجعلك تستقبلين هذا الألم بقدر من الإطمئنان ومعرفة طبيعته وكيف ينشأ بالإضافة إلى كيفية التعامل معه .
ما الذي يسبب الألم أثناء الولادة ؟
هناك طريقتان ينشأ الألم من خلالهما ، إما حدوث غصابة أو تغيير فى وظيفة جسدية ؛ فإذا قطعت إصبعك بالسكين يتلقى الدماغ رسالة أن الأنسجة أو الأعصاب قد تضررت ويفسر الدماغ المعلومات المتاحة (سكين، كمية النزيف، عمق القطع) وهنا تشعرين بالألم حسب حجم الإصابة فتشعرين بافحساس بالألم فى إصبعك. أما عملية الولادة تقوم بتغيير فى وظائف الجسم ، الرحم ، وهو عضلة كبيرة تتمدد وترتخى مع الانقباضات وقت حدوث المخاض ، ويتمدد عنق الرحم وينفتح ، وتتحرك مفاصل الحوض والأربطة وكذلك يعمل قاع الحوض ، تلك العملية برمتها تمثل تغييراً قوياً فى وظائف الجسم والذى يتسبب فى حدوث الألم .
عملية الولادة – المرحلة الأولى
عندما يبدأ المخاض يتم إطلاق سراح الأوكسيتوسين لتحفيز الرحم على الانقباض ، ثم يبدأ عنق الرحم فى الانفتاح والتمدد خلال مرحلة مبكرة جداً من الولادة فتشعرين ببعض الألم وعدم الراحة مع هذا التمدد ، كما تبدأ أنسجة عنق الرحم فى استقبال الضغط فى الأعصاب وتقوم بالإرسالها إلى الدماغ الذى يرد على تلك الإشارات بإطلاق المزيد من الأوكسيتوسين . ويسبب ارتفاع مستوى الأوكسيتوسين تقلصات أكثر حدة تصفها معظم النساء بأنها مثل تقلصات الدورة الشهرية الشديدة وآلامها . وتستمر تلك التقلصات حوالى 30 ثانية وتمتد خلال عنق الرحم ، وعندما تصبح التقلصات أكثر كثافة يتم إرسال المزيد من الرسائل إلى الدماغ ، فيقوم تلقائياً بإطلاق الاندروفين ؛ ذلك الهرمون الذى يعمل كمخدر للألم ، وكذلك يطلق الدماغ المزيد من الأوكسيتوسين ، وخلال الجزء الأخير من المرحلة الأولى من الولادة ، تأخذ التقلصات دفعة قوية طويلة تمتد لدقيقة (الذروة) ، ومع تلك التقلصات يتم الضغط على الأربطة والعضلات المحيطة بالطفل وهذا من شأنه أن يدفعه إلى أسفل نحو عنق الرحم ، وهذا الضغط على كل من المثانة والأمعاء قد يشعرك بالألم أيضاً .
عملية الولادة – في المرحلة الثانية
تتم عملية الولادة عندما يكون عنق الرحم متسع بشكل كامل ، وهذا مايعرف باسم بداية المرحلة الثانية ، وفيها لا تستطيع التقلصات أن تفتح عنق الرحم أكثر من ذلك ، ولكن يندفع الطفل إلى أسفل داخل المهبل وخارج جسمك . وتصف معظم النساء هذه التقلصات بأنها شديدة القوة ويتحرك رأس الطفل عبر الحوضوأسفل المهبل ويتم دفع المثانة والأمعاء مع ضغط الأربطة ، وكل تلك التغييرات فى وظيفة الجسم تسبب أحاسيس مختلفة من عدم الراحة والألم والضغط ، وتستغرق تلك المرحلة بعض الوقت الذى يسمح للمهبل والعجّان بالتمدد ببطء وهذا يقلل من فرص التمزيق والأضرار التى قد تلحق بقاع الحوض ، وتتمدد منطقة العجان ( المنطقة الواقعة بين فتحة الشرج والمهبل) لاستيعاب رأس الطفل وغالبا ما تسمى (حلقة النار) ، وهنا يمكن أن تشعرين بألم مثل الوخز أو الحرق ولكنه لا يدوم طويلاً فعند مرور رأس الطفل تستطعين القول أنكِ قد تخطيتى تلك المرحلة ، وتلك اللحظات الأخيرة من المخاض والولادة تجلب معها العديد من الأحسايس المختلفة والجديدة المدهشة .
ما الذى قد يزيد من إدراكك لحجم الألم ؟
أثناء الولادة ، ومع تعزيز إنتاج الأوكسيتوسين والإندورفين يعمل كلاهما على تخدير الألم ، فتصور الألم يعتمد على عدة عوامل مثل التجارب السابقة من الألم ( ولادة سابقة) ، والدعم الاجتماعى والمعتقدات الثقافية عن الولادة ، فالخلفية الثقافية لدى الكثير من النساء لا تحتوى على تجارب ولادة بدون ألم أو ذات آلام منخفضة ، ومع ذلك فألم الولادة لا يشبه أى نوع من أنواع الآلام الأخرى ، فهو ينبع منكِ سيدتى لمساعدة طفلكِ على الوصول إلى الحياة ، والنساء اللاتى تعاملن مع الولادة بشكل جيد شعرن بالكثير من الارتياح عقب الولادة وجعلهن أقل توتراً، وتأمل معظم النساء فى الحصول على عملية ولادة غير مؤلمة للغاية وحسن تصرفك فى تلك اللحظات قد يمنحك تلك الأمنية سيدتى بشكل آمن