إنه مما لا شك فيه أن السندات السعودية في الأونة الأخيرة جذبت الكثير من الأنظار العالمية بقوة كبيرة فاقت كل التوقعات ، فلم يخطئ المسؤليين بالمملكة العربية السعودية حيث توقعوا تجاوز الطلب علي السندات الدولية السعودية للآجل ذات الإصدار الثلاثي (51030) عاما، لتتخطي 67 مليار دولارا أمريكيا ، وفي الوقت الذي تم الإعلان فيه من قبل المملكة عن رغبتها في إصدار هذه السندات الدولية لأول مرة في تاريخها ، سادت حالة من الترقب الشديدة في الأسواق المالية وظهرت رغبة المستثمرين الشديدة للإستثمار في هذه السندات وكذلك الصناديق الدولية.
أسئلة تدور في أذهان الإقتصاديون
وقد تناولت الأذهان العديد من الأسئلة عن هذه السندات مثل: لماذا هذه السندات جذبت كل هذه الأنظار؟ ، هل ستدخل الرياض كلاعب رئيسي في السوق العالمي كما نجحت في السوق العالمي للنفط؟ ، هل تمتلك المملكة القدره الفعليه لذلك؟، ما هي التحديات التي تنتظر هذه السندات؟،هل سيؤثر تراجع سعر النفط على هذه السندات ؟، وغيرها من الأسئلة الكثير التي وإن دلت تدل على المفاجأة الكبيرة التي أحدثتها الرياض في السوق العالمي .
ولقد إعتبر الإقتصاديون في لندن بأن هذا الحدث بداية تطور نوعي للرياض في الفتره المقبلة ، وقالوا أيضا أن مزج القدرة الإقتصادية وتوافق التوقيت سببا رئيسيا في نجاح تلك السندات، وهو الذي أثبت أن الرياض لها قدرة أعلى بمراحل من كثير من دول الخليج التي سبق وأن قامت بإصدار مثل تلك السندات ،الأمر الذي كشف تقييم المجتمع الدولي الصحيح لإقتصاد المملكة السعودية.
آراء بعض الخبراء الإقتصاديون في قوة ونجاح تلك السندات وتأثيرها على إقتصاد المملكة
– فقد رأى الخبير بيتر إليند من بورصة لندن أن هناك أكثر من سبب وعوامل كثيرة كانت لها تأثير على جاذبية سندات الرياض في أسواق المال الدوليه في الوقت الراهن ، وأضاف إلى أن تراجع إقتصاد الصين جعل كبار المستثمرين للبحث عن أستثمارات جديدة ومضمونة العوائد وهذا ما دعمته سندات الرياض ، وقال أيضا أن أسعار السندات التي وضعتها الرياض صب مباشرة في صالحها ولذلك فإنه يتوقع إقبال ضخم علي تلك السندات خاصة من قبل صناديق الإستثمار ومستثمري شرق آسيا.
– أما الإستشاري الإقتصادي روجر ألتون أشار إلي عدد آخر من الأسباب التي أدت إلي تسابق المستثمرين لشراء تلك السندات ، وأضاف قائلا أن السبب الأساسي الذي أدى إلي زيادة الطلب علي هذه السندات هي أنها ترتبط بشكل مباشر بخطط الإصلاح الإقتصادي للمملكة التي تعرف بإسم ( رؤيه 2030) ، وهذا السبب جذب أنظار المستثمرين والصناديق الإستثمارية حيث زاد الطلب علي السندات الدولية وبشكل خاص قصيرة الأجل ، وأضاف قائلا أن المسؤليين الكبار بصندوق النقد الدولي كان لديهم توقعات متفائلة بخصوص تعرض إقتصاد المملكة لإنتعاشة إقتصادية أدي إلي تعافيه ، كما توقعوا زيادة المعدلات التنموية للإقتصادي السعودي العام المقبل ، وكان ذلك وفقا لسياسات الحكومة التي إتبعتها للنهوض بالإقتصاد من جديد بعد الهزة التي تعرض إليها.
– أما الدكتورة إلين توماس أستاذة جامعة كينت كان لها وجهة نظر مختلفة فقالت أن الإقتصاد السعودي يعتبر من آخر إقتصاد ناشئ كبير يصدر مثل تلك السندات المالية وترى أن هذا التأخير صب مباشرة في مصلحة الرياض ، كما أن تلاهف المستثمرين للشراء مع زيادة عمليات الطرح لتلك السندات سوف يؤدي إلي إنخفاض سعر الفائدة وهذا الأمر سيسمح لخزينة الرياض أن تقترض بسعر فائدة أقل وكل ذلك من مصلحة إقتصاد المملكة.لأن هذا يعني استقطاب استثمارات رأسمالية كبيرة على إقتصاد المملكة ولذلك لم يعد إقتصاد المملكة معتمدا على النفط فقط بل أصبح هناك إقتصاد حديث أكثر تنوعا وقوة من إقتصاد النفط.
– أما الخبير / فرانك بروكس فقد وضع مقارنة بين السعودية وقطر وأبوظبي و سلطنة عمان حيث إستطرد قائلا أن سندات قطر لم تتجاوز التسعة مليارات دولار أما أبوظبي لم تتجاوز الخمسة مليارات دولار وأخيرا وليس آخرا سلطنة عمان لم تتجاوز الأربعة والنصف مليارات دولار، مما يجعل سندات السعودية هي الأقوي من نوعها في المنطقة وبين القوى الإقتصادية المحيطة بها من دول الخليج ،الأمر الذي سبب ثقة المستثمرين الكبار وصناديق الإستثمار الضخمة في تلك السندات ، ونصح خبراء بورصة لندن حكومة الرياض بالدخول في البورصة العالمية من أجل تحكم أكبر في عملية التسعير.
ختاما … يتوقع جميع الخبراء النجاح الكبير والباهر لإقتصاد المملكة ويشيدون بالتطور الكبير في إقتصاد الرياض الذي لم يعد يعتمد فقط على النفط والثروات المعدنية التي تمتلكها المملكة.