کان مکیافیلی من أشهر الفلاسفة و السياسيين الايطاليين الذي قام بتغيير الفكر السياسي بناءاً على نظرياته و فلسفته المختلفة ، و قد اشتهر بكتابة ” الأمير ” الذي عُرف بإسم دستور الملوك و الحكام ، و هو يعتبر من الكتب القيمة و المهمة لكل الحكماء ، و قد رأي البعض أن مكيافيلي شخصاً عبقرياً ذو عقلية فريدة بينما اعتبره آخرون بمثابة شيطان يحمل أفكاراً غير اخلاقية على الاطلاق .
بداية حياة الفيلسوف نيكولو مكيافيلي :
ولد الفيلسوف نيكولو دي براناردو دي مكيافيلي في فلورانسا في ايطاليا عام 1469م ، و قد كان والده واحداً من النبلاء و على الرغم من عدم حصول مكيافيلي على القدر الكافي من التعليم ، إلا أنه كان يتمتع بذكاء غير عادي منذ طفولته .
كان نيكولو في بداية حياته يتبع المصلح سافونارولا ، و هو أحد الفلاسفة الذي كان يقوم بدعوة الشباب الإيطالي حتى يظلوا متمسكين بالفضيلة و الاخلاق في حياتهم ، و لكن لم يستمر هذا الأمر طويلاً فسرعان ما ابتعد عن طريقه .
أشتهر مكيافيلي باشتراكه في الحياة السياسية التي كانت موجودة آنذاك ، فهو لم يكتفي بكونه فيلسوفاً أو صاحب نظريات فقط ، و قد عاش خلال الفترة التي حكم بها المديشيون الذين عُرفوا بالحكم الظالم و المستبد ، و لم يكن مكيافيلي و لا أسرته مواليين لهذا الحكم .
حياة مكيافيلي بعد انهيار اسرة ميديشي :
تم القضاء على أسرة ميديشي الحاكمة في عام 1494م ، و صارت فيما بعد فلورنسا تحت حكم جمهورية ، و تولى مكيافيلي في ذلك الوقت منصب سكرتير المستشارية الثانية لجمهورية فلورنسا في عام 1498م ، و قد ظل مستمراً في هذه الوظيفة لمدة ثلاثة عشر عاماً .
مع حلول عام 1512م تمكنت أسرة آل ميديشي من استرجاع الحكم مرة أخرى ، حيث لجأ إليهم الشعب بعد أن حدث غزو من قبل الجيش الفرنسي للمرة الثانية على فلورانسا ، و مع تولي أسرة ميديشي للحكم قامت بسجن مكيافيلي و اتهامه بالتآمر ضدهم .
تم الافراج عن مكيافيلي بعد قضاء فترة في السجن ، و قد فضّل أن يقضي حياته منعزلاً في الريف ، و استطاع خلال هذه الفترة أن يؤلف العديد من الكتب العبقرية التي كانت نتيجة لخبراته السياسية الطويلة ، و ظل مكيافيلي على هذا الحال حتى توفي عام 1527م .
آراء نيكولو مكيافيلي :
– صفات الحاكم في رأي مكيافيلي :
حدد مكيافيلي الصفات التي من المفترض أن يتمتع بها الحاكم ، فقد قال أن الحاكم عليه أن يبتعد عن الكراهية و أن يحاول اكتساب حب الناس حتى يكون في مأمن من مؤمراتهم ، و لكن يُفضل مكيافيلي في الكثير من الأحيان أن يكون الحاكم موضع مهابة و خوف بالنسبة للناس .
يرى مكيافيلي أن الحاكم يُمكن أن لا يكون شريفاً في بعض الأوقات و ذلك حتى لا يكتسب الكراهية من بعض الناس ، فأحياناً تحدث الكراهية نتيجة الأفعال الطيبة و ليس الشريرة فقط ، مما يعني أن أحياناً يُسمح للحاكم بمهادنة الفساد مع عدم الاقتراب منه .
يقول مكيافيلي أيضاً أن الحاكم عليه أن يتصرف مثل الثعلب ، فهو ليس مجبراً على تنفيذ جميع وعوده بل يجب أن يتعلم كيف يمكن أن يخدع الشعب بمجموعة من الحجج التي من خلالها يستطيع تجنب تنفيذ تلك الوعود ، دون أن يدرك الشعب بأنه قام بخداعهم ، و أكد أن الغاية دائماً ما تبرر الوسيلة بالنسبة للسياسي .
– ربط الدين بالسياسة عند مكيافيلي :
يرى مكيافيلي أنه إذا استدعى الأمر فيمكن أن يقف الحاكم بجانب الدين في حالة إذا كان ذلك ضرورياً للسيطرة على الناس ، فالحاكم الذي يسعى إلى الحصول على الشهرة يجب عليه أن ينجز العديد من المشاريع التي تظهر تحت إطار الدفاع عن الدين و ذلك لكسب ثقة الناس .
قال مكيافيلي أن الدليل على صحة رأيه هو ما قام به ملك الأرجوان فرديناند الذي جعل من الدين ستاراً لجميع أفعاله ، فعندما قام باضطهاد العرب دينياً و طردهم من البلاد ، استطاع بعدها أن ينال تأييد كل من الكنيسة و الشعب بأكمله ، مما يؤكد على دور الدين في بسط النفوذ .
أهم أقوال نيكولو مكيافيلي :
– الغاية تبرر الوسيلة .
– أول طرق تقدير ذكاء الحاكم أن تنظر لمن يحيطون به .
– ولدت فقيراً فتعلمت الحاجة قبل المتعة .
– من أراد أن يطاع فعليه أن يعرف كيف يأمر .
– من الأفضل أن يخشاك الناس على أن يحبوك .
– لا يمكن تفادي الحرب ، بل يمكن تأجيلها لمصلحة الطرف الآخر .
– حيث يكون الاستعداد عظيماً لا يمكن أن تكون الصعوبات عظيمة .
– إذا كان لا مفر من أذية أحد فلتؤذه بقسوة تجعلك لا تخاف من انتقامه .