النابغة الجعدي أحد الشعراء الكبار في عصره، فقد عاصر الجاهلية والإسلام أيضا، ولقبه هو أبو ليلى أما النابغة فهي لقب، وهناك إختلاف حول سبب تسميته بالنابغة، فهناك من يقول بأنه لم يكن يلقي الشعر حتى بلغ الثلاثون من العمر ثم سال الشعر على لسانه، ومنهم من قال أن سبب التسمية بالنابغة هو أنه كان يلقي الشعر في الجاهلية ولكنه لم يكن جيد حتى دخل الإسلام فبدأ نبوغه الشعري.
سيرة الصاحبي الشاعر النابغة الجعدي
مع الأسف كما أن هناك إختلاف حول سبب تسميته بالنابغة فهناك إختلاف أيضا حول إسمه، فهناك من يقول بأنه يسمى حيان بن قيس وهناك من يقول بأنه عبد الله بن قيس، ومقولات أخرى تشير بأنه يسمى قيس بن عدس، ولكن الشئ الوحيد الأكيد بأن كنيته هي أبو ليلى، والإختلاف ليس في سبب اللقب والإسم فحسب، بل في عمره أيضا، فقد كان الصحابي النابغة الجعدي معمر، فهناك من يقول بأنه عاش مئة وعشرون عاما وهناك من يقول بأنه تعدى المئتي عام، ومقولات أخرى عديدة حول عمره.
عرف عن الشاعر النابغة الجعدي أنه كان نابغة في تنظيم الشعر، وبأنه كان يلقي الشعر في الجاهلية، وفي الإسلام كان واحد من الصحابة، وكان يلقي الشعر أيضا بل كان شعره في الإسلام أفضل بكثير من شعره في الجاهلية.
أشهر قصائد الشاعر النابغة الجعدي
– قصيدة ألم تسأل الدار الغداة متى هيا
أَلَم تَسأَلِ الدارَ الغَداةَ مَتى هِيا
عَدَدتُ لَها مِنَ السَنينَ ثَمانِيا
بِوادِي الظِباءِ فَالسَليلِ تَبَدَّلَت
مِنَ الحَيِّ قَطراً لا يُفِيقُ وَسافِيا
أَرَبَّت عَلَيهِ كُلُّ وَطفَاءَ جَونةٍ
وَأَسحَمَ هَطالٍ يَسُوقُ القَوارِيا
فَلاَ زَالَ يَسقِيهَا ويَسقِي بِلاَدَهَا
مِنَ المَزنِ رِجافٍ يَسوقُ السَواريا
يُسَقّي شَرِيرَ البَحرِ جَوداً تَرُدُّهُ
حَلائبُ قُرحٍ ثِمَّ أَصبَحَ غادِيا
عَهِدتُ بِها الحَيَّ الجَميعَ كَأَنَّهُم
عِظامُ المُلُوكِ عِزَّةً وَتَبَاهِيا
لَهُم مَجلِسٌ غُلبُ الرَقابِ مَراجحٌ
قِدارُ الحِفاظِ يَدفَعُونَ الأَعَادِيا
وَفِتياِن صِدقٍ غيرُ وَخشٍ أُشابَةٍ
مَكاسِيبُ لِلمالِ الطَرِيفِ مَعاطيا
إِذا ظَعَنُوا يَوماً سَمِعتَ خِلالَهُم
غِناءً وَتَأييهاً وَنَقراً وَحادِيا
وَرَنَّةَ هَتّافِ العَشِيِّ مُكَبَّلٍ
يُنازِعُهُ الأَوتارَ مَن لَيسَ رَامِيا
يُنازِعُهُ مِثلُ المَهاةِ رَفِيقَةٌ
بِجَسِّ النَدامى تَترُكُ القَلبَ رانِيا
غَدا فَتَيا دَهرٍ فَمَرّا عَلَيهِمُ
نَهارٌ وَلَيلٌ يَلحَقانِ التَواليا
تَوالِيَ مَن غالَت شَعُوبٌ فَأَصبَحَت
كُلُولُهُمُ تَبكي وَتُبكي البَواكِيا
تذكّرتُ ذِكرىً مِن أُميمةَ بَعدَما
لَقِيتُ عَناءً مِن أُمَيمَةَ عانِيا
فَلا هِيَ تَرضى دُونَ أَمرَدَ ناشِئٍ
وَلا أَستَطِيع أَن أَرُدَّ شَبابِيا
– قصيدة يا كَعبُ هَل لَكَ في كِلا
يا كَعبُ هَل لَكَ في كِلا
بٍ إِنَّ أَصلَ العِزِّ ذاهِب
هَل تَعلَمونَ وَأَنتُم
قَومٌ تُقَصُّ لَكُم شَوارِب
وَبَنو فَزارَةَ إنَّها
لا تُلبِثُ الحَلبَ الحَلائِب
– قصيدة ومولى جفت عنه الموالي كأنما
وَمَولىً جَفَت عَنهُ المَوالِي كَأَنَّما
يُرى وَهُوَ مَطليُّ بِهِ القارُ أَجرَبُ
رَثِمتُ إِذا لَم تَرأَمِ البازِلُ إِبنَها
وَلَم يَكُ فيها لِلمُبِسِّينَ مَحلَبُ
وَصَهباءَ لا تُخفي القَذى وَهيَ دُونَهُ
تُصَفَّقُ في رَاوُوقِها ثُمَّ تُقطَبُ
شَرِبتُ بِها وَالديكُ يَدعو صَباحَهُ
إِذا ما بَنُو نَعشٍ دَنوا فَتَصَوَّبوا
وَبَيضاءَ مثلِ الرّئمِ لَو شِئتُ قَد صَبَت
إِليَّ وَفيها لِلمُحَاضِرِ مَلعَبُ
تجنَّبتُها إِنِّي اِمرؤٌ في شَبِيبتي
وَتِلعابَتي عَن رَيبَةِ الجارِ أَنكَبُ
وَخَرقِ مَرُوراةٍ يَحارُ بِها القَطا
تُرَدِّدُ فِيهِ هَمَّهُ أَينَ يَذهَبُ
قَطَعتُ بِهَوجاءِ النَجاءِ كَأَنَّها
مَهاةٌ يُراعِيهَا بِحَربَةِ رَبَربُ
تَحُلُّ بِأَطرافِ الوِحافِ وَدارُها
حَوِيلٌ فَرَيطاتٌ فَرَعمٌ فأَخرَبُ
فَساقانِ فَالحرّانِ فَالصِنِعُ فَالرَجا
فَجَنبَي حِمىً فَالخانِقانِ فَجَبجَبُ
وَداهِيَةٍ عَمياءَ صَمّاءَ مُذكِرٍ
تُدِرُّ بِسُمًّ مِن دَمٍ يَتَحلَّبُ
وَنُؤيٍ كأَخلاقِ النَضيحِ تَعاوَنَت
عَلَيهِ القِيانُ بِالسَاخِينِ يُضرَبُ
أَقامَت بِهِ ما كانَ في الدّارِ أَهلُها
وَكانُوا أُناساً مِن شَعُوبَ فَأَشعَبُوا
تَحَمَّلَ مَن أَمسى بِها فَتَفَرَّقُوا
فَرِيقَينِ مِنهُم مُصعِدٌ وَمُصَوِّبُ
فَمَن راكبٌ يأَتي إِبنَ هِندَ بِحاجَتي
عَلى النّأيِ وَالأَنباءُ تُنمي وَتُجلَبُ
وَيخبرُ عَنّي ما أَقُولُ إِبنَ عامرٍ
وَنِعمَ الفَتَى يأََوي إِِليهِ المُعَصَّبُ
فَإِن تَأخُذُوا أَهلي وَمالي بِظِنَّةٍ
فإِنِّي لَجرّابُ الرِجالِ مُجَرَّبُ
صَبورٌ عَلى ما يَكرَهُ المَرءُ كُلَّهُ
سِوَى الظُلمِ إِنّي إِن ظُلِمتُ سَأَغضَبُ
أُصيِبَ إِبنُ عَفّانَ الإِمامُ فَلَم يَكُن
لِذِي حَسَبٍ بَعدَ إِبنِ عَفّانَ مَغضَبُ
مَقامَ زيادٍ عِندَ بابِ إِبنِ هاشِمٍ
يُرِيدُ صِلاحاً بَينَكُم وَيُقَرِّبُ
ولَّما رَأَينا أَنَّكُم قَد كَثُرتُمُ
وَخَبَّ إِليكُم كُلُّ حَيًّ وَأَجلَبُوا
عَرانا حِفاظٌ وَالحِفاظُ مَهالِكٌ
إِذا لَم يَكُن مِن وِردِهِ مُتَنَكَّبُ
فَجِئنا إِلى الموتِ الصُهابيّ بَعدَما
تَجَرَّدَ عُريانٌ مِنَ الشَّرِّ أَخدَبُ
فلَمّا قَضَيتُم كُلَّ وِترٍ وَدِمنَةٍ
وَأَدرَكَكُم نَصرٌ مِن اللَهِ مُعجِبُ
وأَدرَكتُمُ مُلكاً خَلَعتُم عِذارَنا
كَما خَلَعَ الطِّرفُ الجَوادُ المُجرَّبُ
وَمالَ الوَلاءُ بِالبَلاءِ فَمِلتُمُ
عَلَينا وَكانَ الحَقُّ أَن تَتَقَرَّبُوا
وَلاَ تَأمَنُوا الدَهرَ الخَؤُونَ فإِنَّهُ
عَلى كُلِّ حالٍ بِالوَرى يَتَقَلَّبُ
وَهاجَت لَكَ الأَحزانَ دارٌ كأَنَّها
بِذي بَقَرٍ أَو بِالعَنانَةِ مَذهَبُ
بِأَخضَرَ كالقَهقَرِّ يَنفُضُ رَأسَهُ
أَمام رِعالِ الخَيلِ وَهي تُقَرِّبُ
فلَمّا جَرى الماءُ الحَمِيمُ وأُدرِكَت
هَزِيمَتُهُ الأُولى التّي كُنتُ أَطلُبُ
قُرَيشٌ جِهازُ الناسِ حَيّاً وَمَيّتاً
فَمَن قالَ كَلاَّ فالمُكَذِّبُ أَكذَبُ
وَأَعلمُ أَنَّ الخَيرَ لَيسَ بِدائمٍ
عَلَينا وَأَنَّ الشَّرَّ لا هُوَ يَرتُبُ
أَوارِيُّ خَيلٍ قَد عَفَت وَمَنازِلٌ
أَراحَ بِها حَيُّ كِرامٌ وَأَعزَبوا
– قصيدة تَأَبّدَ مِن لَيلَى رُماحٌ فَعاذِبُ
تَأَبّدَ مِن لَيلَى رُماحٌ فَعاذِبُ
وَأَقفَرَ مِمَّن حَلَّهُنَّ التَناضِبُ
فَأَصبَحَ قارَاتُ الشُغُورِ بَسابِساً
تَجاوَبُ في آرامِهِنَّ الثَعالِبُ
وَلَم يُمسِ بِالسيدانِ نَبحٌ لِسامِعٍ
وَلاَ ضَوءُ نارٍ إِن تَنَوَّرَ راكِبُ
فَزَلَّ وَلَم يُدرِكنَ إِلاّ غُبارَهُ
كَما زَلَّ مِرّيخٌ عَلَيهِ مَناكِبُ
فأَعجَلَهُ عَن سَبعَةٍ فِي مَكَرِّهِ
قَضيَنَ كَما بَتَّ الأَنابِيشَ لاعِبُ
فَباتَ عَذُوباً لِلسَماءِ كأَنَّهُ
سُهَيلٌ إِذا مَا أَفرَدَتهُ الكَواكِبُ
كَطَاوٍ بِعَروى أَلجَأَتهُ عَشِيَّةٌ
لَها سَبَلٌ فيهِ قِطارٌ وَحاصِبُ
سَدِيسٌ لَدِيسٌ عَيطَمُوسٌ شِمِلَّةٌ
تُبارُ إِليها المُحصَناتُ النَجائِبُ
أَلَم تَعلَموا ما تَرزَأُ الحَربُ أَهلَها
وَعِندَ ذَوِي الأَحلامِ مِنها التَجارِبُ
لَها السادَةُ الأَشرافُ تَأتي عَلَيهِمُ
فَتُهلِكُهُم والسابِحَاتُ النّجائِبُ
وَتَستلِبُ الدُهمَ التّي كانَ رَبُّها
ضَنيناً بِها وَالحَربُ فيها الحَرائِبُ