النابغة الذبياني هو واحد من أفضل و أهم شعراء الجاهلية ، و قد نشأ في بلاط المستشرقين ، و عرف بنبوغه في الشعر هذا فضلا عن شرف نسبه .

نبذة عن النابغة الذبياني
– و هو زياد بن معاوية بن ضباب بن جابر بن يربوع بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان ، أبو أمامة و قد عرف بالذبياني ، نظرا لنسبه إلى سعد بن ذبيان ، أما عن سر تسميته بالنابغة فكان نظرا لنبوغه في الشعر ، حتى أنه كان مثارا للبحث و التدقيق من النقاد لأعوام طويلة .

– أما عن نشأته فقد نشأ عند بلاط معاوية ، و كان شريف النسب من سادة القوم ، و كان معززا عند الملوك لا يسمح بالنقد .

– كان للنابغة الذبياني العديد من العلاقات مع الملوك و الحكام و كبار رجال الدولة ، و كانت من أهم مناظراته ، تلك التي حدثت بينه و بين عمرو بن هند .

معلقة النابغة الذبياني

يا دارَ مَيّة َ بالعَليْاءِ، فالسَّنَدِ،               أقْوَتْ، وطالَ عليها سالفُ الأبَدِ

وقفتُ فيها أُصَيلاناً أُسائِلُها،                عَيّتْ جواباً، وما بالرَّبعِ من أحدِ

إلاّ الأواريَّ لأياً ما أُبَيّنُهَا،                     والنُّؤي كالحَوْضِ بالمظلومة ِ الجَلَدِ

رَدّت عليَهِ أقاصيهِ، ولبّدَهُ                     ضَرْبُ الوليدة ِ بالمِسحاة ِ في الثَّأَدِ

خلتْ سبيلَ أتيٍ كانَ يحبسهُ ،             و رفعتهُ إلى السجفينِ ، فالنضدِ

أمستْ خلاءً ، وأمسى أهلها احتملوا      أخننى عليها الذي أخنى على لبدِ

فعَدِّ عَمّا ترى ، إذ لا ارتِجاعَ له،              و انمِ القتودَ على عيرانة ٍ أجدِ

مَقذوفة ٍ بدخيس النّحضِ، بازِلُها             له صريفٌ القعوِ بالمسدِ

كأنّ رَحْلي، وقد زالَ النّهارُ بنا،               يومَ الجليلِ، على مُستأنِسٍ وحِدِ

من وحشِ وجرة َ ، موشيٍّ أكارعهُ ،        طاوي المصيرِ، كسيفِ الصّيقل الفَرَدِ

سرتْ عليه ، من الجوزاءِ ، سارية ٌ ،        تُزجي الشَّمالُ عليهِ جامِدَ البَرَدِ

فارتاعَ من صوتِ كلابٍ ، فباتَ له             طوعَ الشّوامتِ من خوفٍ ومن صَرَدِ

فبَثّهُنّ عليهِ، واستَمَرّ بِهِ                      صُمْعُ الكُعوبِ بريئاتٌ من الحَرَدِ

وكان ضُمْرانُ منه حيثُ يُوزِعُهُ،               طَعنَ المُعارِكِ عند المُحجَرِ النَّجُدِ

شكَّ الفَريصة َ بالمِدْرى ، فأنفَذَها،          طَعنَ المُبَيطِرِ، إذ يَشفي من العَضَدِ

كأنّه، خارجا من جنبِ صَفْحَتَهِ،               سَفّودُ شَرْبٍ نَسُوهُ عندَ مُفْتَأدِ

فظَلّ يَعجَمُ أعلى الرَّوْقِ، مُنقبضاً،           في حالكِ اللونِ صدقٍ ، غير ذي أودِ

لما رأى واشقٌ إقعاصَ صاحبهِ ،             ولا سَبيلَ إلى عَقلٍ، ولا قَوَدِ

قالت له النفسُ : إني لا أرى طمعاً ،       و إنّ مولاكَ لم يسلمْ ، ولم يصدِ

فتلك تبلغني النعمانَ ، إنّ لهُ                فضلاً على النّاس في الأدنَى ، وفي البَعَدِ

و لا أرى فاعلاً ، في الناس ، يشبهه ،     ولا أُحاشي، من الأقوام، من أحَدِ

إلاّ سليمانَ ، إذ قالَ الإلهُ لهُ :                قم في البرية ِ ، فاحددها عنِ الفندِ

وخيّسِ الجِنّ! إنّي قد أَذِنْتُ لهمْ              يَبْنُونَ تَدْمُرَ بالصُّفّاحِ والعَمَدِ

فمن أطاعكَ ، فانفعهُ بطاعتهِ ،               كما أطاعكَ ، وادللـهُ على الرشدِ

ومن عَصاكَ، فعاقِبْهُ مُعاقَبَة ً                   تَنهَى الظَّلومِ، ولا تَقعُدْ على ضَمَدِ

إلاّ لِمثْلِكَ، أوْ مَنْ أنتَ سابِقُهُ                  سبقَ الجواد ، إذا استولى على الأمدِ

أعطى لفارِهَة ٍ، حُلوٍ توابِعُها،                  منَ المَواهِبِ لا تُعْطَى على نَكَدِ

الواهِبُ المائَة ِ المعْكاء، زيّنَها                  سَعدانُ توضِحَ في أوبارِها اللِّبَدِ

و الأدمَ قد خيستْ ، فتلاً مرافقها             مَشدودَة ً برِحالِ الحيِرة ِ الجُدُدِ

و الراكضاتِ ذيولَ الريطِ ، فانقها                بردُ الهواجرِ ، كالغزلانِ بالجردِ

والخَيلَ تَمزَغُ غرباً في أعِنّتها،                كالطيرِ تنجو من الشؤبوبِ ذي البردِ

احكمْ كحكم فتاة ِ الحيّ ، إذ نظرتْ         إلى حمامِ شراعٍ ، واردِ الثمدِ

يحفهُ جانبا نيقٍ ، وتتبعهُ                     مثلَ الزجاجة ِ ، لم تكحلْ من الرمدِ