في حادثة ليست الأولى مِن نوعها تقع بمدينة جدة، وهي وفاة طفل يبلغ الثمان سنوات في الصف الثاني الابتدائي  اختناقا في حافلة مدرسية يوم الأحد الثالث مِن شهر إبريل الجاري، حيث قضى الطفل نواف السلمي ما يُقارب الـ6ساعات داخلها بعد أن نُسي فيها مِن قبل السائق، ليلقي بعد ذلك حتفه. وتكون بذلك تِلك الحادثة هي الثالثة مِن نوعها التي يروح ضحيتها أطفالاً يموتون اختناقا في حافلات المدرسة بعد نسيانهم بِها نائمين.

الحكاية
نواف السلمي طفل يبلغ مِن العمر 8سنوات، خرج مِن منزله صباحاً، مُستقلاً حافلة المدرسة التابعة لمدرسته الأهلية التي يدرس بِها في حي الفيحاء بمدينة جدة، متوجهاً لدوامه المدرسي، لكنه صعد الحافلة ولم يهبط مِنها، بعد أن نزل كُل من كان بِها، ونُسي هو نائماً ولم ينتبه إليه أحد، ليظل فيها قرابة الـ6ساعات مُنذ بداية الدوام 7 صباحاً، وحتى نهايته الواحدة ظُهراً  ليفاجئ الطلاب بزميلهم بعد الانصراف متوفياً داخل الباص، فتعلو صرخاتهم، ويهرولن لإنقاذه لكن يكون الأوان قد فات.

ثم تقوم إدارة المدرسة بنقل الطفل بسيارة خاصة إلى أحد المشافي الخاصة القريبة مِن المدرسة، لعل مازال هُناك بعض مِن أمل، وبعد الكشف الطبي يتضح أن الطفل قد مات فعلياً قبل أن يصل لتلك المستشفى بساعات، وقد حدد التقرير الطبي سبب الوفاة هبوط حاد في الدورة الدموية، وتوقف للقلب، وأن الكشف قد تم عليه في الـ1.50بعد الوفاة. ليرحل نواف عن دُنيانا مُختنقاً داخل حافلة مدرسته.

الشقيق الأكبر لنواف يحكي القصة
طلال الشقيق الأكبر الذي يدرس في المرحلة المتوسطة في نفس المدرسة، ويستقل نفس الحافلة التي تُقل أخاه الصغير نواف المتوفي يقص قصته في هذا اليوم لأحد الصحف المحلية قائلاً “لم أكن أعلم أن تلويحة شقيقي نواف بيده ستكون الأخيرة” كما أنه أضاف أن الباص كعادته يأتي ليقله هو وأخاه مِن منزلهم إلى المدرسة، فقام بإنزاله هو(طلال) أولاً في قسم المرحلة المتوسطة، تاركاً أخاه الصغير نائماً في المقعد الذي يقع خلف السائق مُباشرة، وبطبيعة الحال فقد توقع نزول أخاه بعده لمبنى المرحلة الابتدائية، إلا أنه وفور خروجه الساعة الواحدة ظهراً بعد أن أكمل يومه الدراسي لاحظ عدم وجود أخاه في مبناه عندما ذهب لأخذه، وعندما قام بسؤال مُعلمه، أخبره أنه لم يحضر، ولكن طلال أكد له أنه حضر فعلاً هذا الصباح ثم ذهب للمدير لكنه لم يجده ليذهب لباص المدرسة، وعند ركوبه للباص يجد حذاء وحقيبة، ونظارة أخاه على المرتبة الخلفية، تمالك نفسه، فأخبره أحد ساقي الباص بأنه تعب وذهب بِه مدير المدرسة إلى المستشفى، ثم قام بطلب رقم هاتف المدير، وذهب للمنزل، ليخبر عمه فيقوم الأخير بالاتصال بالمدير فيخبره عن وفاة أبن أخيه.

الجهات الأمنية تُحقق، والأهل لابد مِن مُحاسبة المسئولين
الجهات الأمنية بطبيعة الحال تدخلت، ووقفت على الموقع وباشرت التحقيقات، أما أسرة الطفل فكانت الصدمة شديدة عليهم حيث طالبو بمحاسبة أي مُقصر تسبب في وفاة طفلهم. حيث حمل خال الطفل الراحل المسؤولية الكاملة للسائق وإدارة المدرسة بسب إهمالها الكبير متسائلاً كيف يُعقل أن يقوم السائق بإغلاق الباص على طفل يبلغ مِن العمر ثمان وهو نائم وهو يعي أنه يقوم بالتعامل مع أطفال صغاراً بالسن، كما تساءل عن إدارة المدرسة أين هي مِن مُراقبة الطُلاب وخصوصاً طلاب الابتدائية وخصوصاً إن لوحظ غياب أحدهم لما لا يتم إرسال رسائل لأولياء الأمور يقومن فيها بإشعارهم بغياب أطفالهم. وقام بالتأكيد على أنهم سيقومون برفع دعوى قضائية على كُل من كان سبباً في وفاة نواف. أما والد الطفل فقد قال في مداخلة هاتفية له في احد القنوات أن طفله قد ركب الحافلة مع أخيه الأكبر طلال ككل يوم، وكان على السائق أن يتأكد مِن خلو الباص بعد أن انتهائه مِن إنزال الطلاب للمدرسة، كما أنه أنتقد وبشدة إدارة المدرسة لإهمالها حيث ذكر أن نجله نواف لم يذهب للمدرسة مُنذ خمس أيام قبل يوم الحادثة، ولم يقم أحد مِن إدارة المدرسة بالاتصال على أسرته لكي يسألوا عن سبب غياب الطفل.

كما صرح الناطق الإعلامي بشرطة مكة المكرمة  العقيد دكتور عاطي بن عطية القرشي في نفس يوم الحادث بأن شرطة محافظة جدة بمنطقة مكة المُكرمة قد باشرت إجراءات الضبط الجنائي في حادثة الطفل نواف(سعودي الجنسية) داخل حافلة المدرسة، وأضاف أن سائق الحافلة هو مِن الجنسية العربية ويبلغ 36عاماً لاحظ وقت خروج الطلبة نهاية اليوم الدراسي وجود طفل بداخل الحافلة فاقداً للوعي، وقتها قام المختصون مِن مركز شرطة الكندرة بانتقالهم للموقع، ومِن خلال مُعاينتهم وإجراءاتهم الأولية أتضح أن الطفل قد فارق الحياة، ومن ثم تم حفظ الجثة لحين استكمال الإجراءات اللازمة، كما قاموا بإيقاف السائق ليُحال برفقة أوراق تِلك القضية كاملة للتحقيق.

هذا وقد تم تحويل جثمان الطفل نواف يوم الثلاثاء 5 ابريل من العام الجاري2016م إلى الطب الشرعي، وذلك بطلبٍ مِن هيئة التحقيق والإدعاء العام للتأكد مِن سبب الوفاة وعدم وجود شبهة جنائية.

رد فعل الجهة التعليمية
قامت الإدارة العامة للتعليم بجدة بتعزية أسرة الطالب، وقام المتحدث الرسمي بالإدارة عبد المجيد الغامدي بتوضيح أن مُدير التعليم بجدة يقوم شخصياً بمتابعة تِلك القضية مع الجهات المعنية، والجهات ذات العلاقة، حيث قد بدأ التحقيق فيها فور حدوثها. كما أن مُدير إدارة تعليم جدة عبدالله الثقفي قد قام بتوجيه كافة المدارس بضرورة الالتزام والتقيد بقواعد السلامة في باصات المدرسة، والتفقد الدائم لها بعد نزول الطُلاب مِنها في طريق ذهابهم إلى مدارسهم أو إرجاعهم مِنها، وشدد على  تفعيل دور المشرفين بالنقل المدرسي في القيام بحصر الطلاب والطالبات عند وصولهم ومغادرتهم مِن وإلى المدرسة، والقيام بتحديد المُتغيبين ورفعها إلى إدارة المدرسة.

كما قام الثقفي بتشكيل لجنة عاجلة للتحقيق في تِلك الحادثة، وأعلن عنها المُتحدث الرسمي بتعليم جدة والمكونة مِن: مُدير مكتب التعليم الأهلي بجدة(رئيساً)، ومدير مكتب الأمن والسلامة(عضواً)، ومدير مكتب التعليم بالنسيم(عضواً)، ومندوب مِن المتابعة(عضواً)، بالإضافة إلى مندوب مِن النقل المدرسي(عضواً)، ومندوب مِن الشؤون القانونية(عضواً)

ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي
الحادثة أثارت غضب الكثيرين على مواقع التواصل الاجتماعي و على أرض الواقع فأما على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة موقع التغريدات المُصغرة تويتر فقد تداول عليه المغردون خبرة وفاة الطفل، وقد تم تدشين وسمين أحدهما بإسم #نواف_السلمي و الآخر بإسم #وفاة_طفل_داخل_حافلة_مدرسية  حيث ذكروا أن ما حدث يُعتبر تقصيراً رهيباً في التعامل مع أطفال المدرسة، وإهمال، متسائلين أين هم مشرفين الباصات ليقوموا بالتأكد مِن نزول جميع الطُلاب، وقد أكد أحد المغردين أن ما حدث للطالب هو في عُنق إدارة ومدير تعليم جدة ويجب أن تتحقق العدالة، كما أن الكثير حمل المدرسة المسؤولية وطالب بسحب التراخيص مِنها بسبب إهمالها وتسيبها.

الحوادث السابقة المماثلة لتلك الحادثة
كما قولنا في البداية أن تِلك الحادثة ليست الأولى مِن نوعها  تقع لأطفال داخل حافلات المدرسة بل هي الثالثة في مدينة جدة فالأولى كانت لطفل لم يتجاوز عمره الـ7أعوام بعد أن تُرك في حافلة مدرسته الخاصة ليموت مختنقاً بِها وذلك في حي النزلة بمحافظة جدة، والثانية كانت للطفل عبدالملك مروان الذي كان يبلغ مِن العمر 5أعوام والذي نُسي هو الآخر داخل الحافلة ليلقى مصرعه بِها مُختنقاً في حي الرحاب بجدة، لتكون الثالثة هي حادثة نواف السلمي هذهِ. رحمة الله عليهم جميعاً.
اخبار سريعة