(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) سورة المؤمنين:12-14، منذ أكثر من 1400 سنة اوحى رب الكون إلي نبيه الكريم بهذه الآية العظيمة التي تبين للناس مراحل تكوين الجنين منذ كان نطفة في رحم أمه إلى أن يكون إنساناً بكامل جوارحه.

مراحل تكوين الزيجوت أو النطفة

النطفة

يعد الزيجوت أو النطفة أو البويضة المخصبة أو اللاقحة أو البيضة الملقحة هي الناتج الذي يحدث بعد أن يقوم الحيوان المنوي من الرجل بتلقيح البويضة في عملية التكاثر، فمن خصال اللاقحة أنها تتحول إلى أشكال أخرى وتتطور بسبب ما تحتويه من خاصية تسمى خلايا شاملة الوسع.

ومن عجائب الله سبحانه وتعالى أن المرأة تنتج بيضة واحدة كل فترة إباضة ويأتي الحيض حتى يجعل هذه البيضة تنضج وتصير صالحة للتلقيح في أول عملية جماع، بينما الرجل ينتج ما بين 200 إلي 300 حيوان منوي في دفعة واحدة.

عند الاتصال الجنسي تنطلق هذه الحيوانات المنوية بكل هذه الكميات الهائلة حتى تصل إلي قناة فالوب التي تتواجد فيها البويضة ويحصل تسابق بين هذه الحيوانات المنوية في الرحلة التي يخوضونها إلي أن يصلوا إلي مكان البويضة ولا يخترق هذه البويضة سوى حيوان منوي واحد فقط، والذي يكون الزيجوت وهو ما يعرف بالنطفة وبعد مرور 14 يوم من التلقيح تكون العلقة بسبب خاصية التحول التي تتميز بها البويضة، وقد قال الله تعالى في سورة يس أية 77(أَوَلَمْ يَرَ الإنسان أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ).

العلقة

ذكر الله العلقة في القرآن الكريم خمس مرات، وهي تعبير بليغ يوصف شكل الجنين في هذه المرحلة من التكون بعد أربعة عشر يوم من التلقيح.

تصبح البويضة أشبه بالعلق أو الدودة التي تعيش في المستنقعات والبرك وتشبه قطعة الدم، وهو تشبيه بليغ أيضاً حيث أن بهذه المرحلة من التطور الجنيني تتكاثر الخلايا وتنقسم حتى تصبح كتلة من الخلايا التي تتعلق في جدار الرحم مثل العلقات التي تتعلق في أجسام الكائنات الحية وتبدأ في التغذي على دمها وهذه العلقة أو الجنين في هذه المرحلة تتعلق برحم الأم و تبدأ في التغذي من دم الأم ويبقى هذا الطور مدة 40 يوم.

قال تعالي في سورة القيامة أية 38 ( ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى)، تتكون العلقة من طبقتين واحدة داخلية يخلق الله فيها الإنسان والخارجية تحصل على الغذاء بالطريقة التي ذكرناها سابقاً.

المضغة

قال تعالى في سورة الحج أية رقم 5 (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أن كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ).

ذكرت كلمة المضغة في القرآن الكريم في ثلاث مرات وهي تعني قطعة صغيرة من اللحم التي يقدر الإنسان أن يمضغها بأسنانه، وهذا الطور من تطور الجنين يكون في الأسبوع الثالث بعد تكون النطفة، وكما هو مبين من الآية الكريمة أن المضغة مكونة من نوعين مضغة مخلقة ومضغة غير مخلقة:

المضغة غير المخلقة

وهي تعني أن الجنين يكون عبارة عن قطعة من اللحم لم تظهر عليه أي أشكل للأعضاء.

المضغة المخلقة

تبدأ مع بداية الأسبوع الرابع وتستمر حتى الشهر الثالث من الحمل، وخلال هذه المرحلة تتكون خلايا الجنين وأعضائه حتى يصبح مثل الإنسان القويم ولكن على حجم أصغر.

العظام

هنا تتحول المضغة أو اللحم إلى عظام فيتكون الهيكل العظمي على الشكل الآدمي الذي نعرفه.

كساء العظام بالعضلات واللحم

وهذا يعني أن اللحم والعضلات تتكون بعد أن يتكون العظام.

نشأة الجنين

في بداية الأسبوع التاسع تصبح أعضاء الجنين بأكملها مكتملة وقابلة أن تعمل، وفي هذه المرحلة ينفخ الله الروح في الجنين بعد مرور أربع شهور من الحمل، ويتحول من قطعة لحم إلى إنسان يتحرك في بطن أمة ويشعر بها بقدرة الله سبحانه وتعالى.

قابلية الحياة للجنين

في الأسبوع السادس والعشرين يصبح الجنين قادر على العيش خارج الرحم وتكون أجهزته كاملة، وهنا تكون فترة الولادة.