ليست المرة الأولى التي ينتقل إلى رحمة الله معلماً، وهو يؤدي مهمته السامية في تعليم الأجيال، فمنذ فترة توفيت مُعلمة أثناء تأدية عملها في أحد مدارس البنات(وقد تحدثنا عنها هُنا في المرسال)، وبالتأكيد ليست تِلك الحالتين هما الوحيدتين، فهناك كثير غيرهما. توفي مُعلم القرآن، وحزن عليه تلاميذه، وزملائه، ونعاه الجميع، وذكر فضائله القاصي، والداني، مُعلم ودع الحياة، وهو يتلو آيات ربه، ويستشهد بِه أثناء تأدية عمله المقدس. مِن هُنا تبدأ الحكاية، وربما تنتهي.
المكان، والحدث
في مدرسة هشام بن حكيم، التابعة لمكتب التعليم بشرق مدينة الرياض، وفي فصل للصف الأول الابتدائي، يوم الأحد التاسع والعشرين مِن شهر نوفمبر الجاري، توفي إلى رحمة الله معلم الصف فهد الحجي(أبو ماجد)، وهو يُعطي تلاميذه حصة القرآن الكريم، في الحصة الثانية مِن يومهم الدراسي. يقول زميله سعد القحطاني عن تِلك اللحظات:”كان من أكثر المعلمين حرصا على أداء واجبه، محبوبا من الجميع، وبينما هو يؤدي رسالته جالسا على كرسيه، أحس بضيق تنفس شديد، وطلب من أحد الطلاب أن يستدعي مدير المدرسة ويقول له بأنه متعب جداً، بعد ذلك شاهدت الجميع يهرع للفصل، وبدأ المعلم يلفظ أنفاسه الأخيرة، وحتى قبل أن يصل إلى المستشفى، ويقول: سأموت، ثم يتشهد بقوله أشهد أن لا إله إلا الله”.
رد فعل المسئولين
انتقل مدير مكتب التعليم بشرق الرياض د. عبد الله الظافري، فوراً، مع عدد مِن مشرفي المكتب، إلى المستوصف الذي نُقل إليه المُعلم المُتوفى(مستوصف الحياة بحي الفيحاء)،و قدم التعازي لذويه، وعدداً مِن زملائه.
كما نعى وزير التربية، والتعليم الدكتور عزام الدخيل، “الحجي” بكلمات على حسابه الخاص في تويتر مُبيناً فيها عظمة هؤلاء المعلمين، وأنهم لا يؤدون وظيفة فقط، بل هم أصحاب رسالات، خاتماً تدوينته بالترحم عليه. تقول التغريدة التي خطها الوزير”مهنة التعليم ليست وظيفة فحسب، بل إن صاحبها يحمل رسالة عظيمة يؤديها وينقلها بكل صدق وأمانة. رحم الله زميلنا.”
رد فعل أخيه، وزملاءه
بالطبع لن يكون أمراً هيناً على أهل فهد الحجي وداعه هذا، الوداع بشكل عام ليس بالأمر الهين، وعندما يكون الفِراق ابدياً يكون الأمر أشد قسوة على محبين المُفارق، وأقرباءه، وسيكون الأمر اشد صعوبة عنِدما يكون الرجل ذا سيرة، ومعاملة حسنة.
يودع ناصر سلمان الحجي أخوه فهد و ينعيه بِتلك الكلمات فيقول” رحمك الله أخي وحبيبي الغالي أبو ماجد..إن العين لتحزن وان على فراقك لمحزونون..اللهم ألطف بوالدي واجبر مصيبتنا”
لم يتوقف زملاءه في المدرسة، وفي سلك التعليم مِن ذِكر مآثره، وفضائله حيث كتب فهد العويس وهو زميلاً له: “نِعم الرجل، ونِعم المعلم القدوة عرفته في شهرين فقط لكن كان معلماً مُبتسماً بشوشاً حريصاً على طلابه ستفقدك هشام بن الحكيم يا فهد الحجي” وأضاف أنه توفي وهو يقرأ درس القرآن على طلابه، ووالدته تتصل بِه لحظة وفاته على هاتفه داعياً له بالمغفرة، والرحمة، والسكينة، والجنات الفسيحة.
أيضاً وقف على مآثره أحد معارفه مِن مدينته بريدة وهو الشيخ حمدين محمد الحميد حيث قال عنه أنه رجل كريمٌ، وصافي السريره، قلبه أبيض، لا يفارق روضة المسجد إذا جاء لمدينة بريدة يكون كالظل لوالده ذهاباً وإياباً نحو المسجد.
ردود الفعل على مواقع التواصل الإجتماعي
هذا الخبر لم يمر مرِار الكرام، فالخبر انتشر بشكل كبير، كتبت عنه الصحف، والمواقع الإلكترونية، ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصاً تويتر حيث تم تدشين وسم #وفاه_معلم_قران_داخل_الفصل وتفاعل عدد كبير معه، حتى وصل لأعلى تيرند في السعودية (على الموقع)، داعين الله أن يرحمه، ويغفر له، مُستحسنين حُسن خاتمته، وأنه مات وهو يُعلمهم كتاب الله ويدرسه، راجين مِن الله ان يُصبر أهله، ويُلهمهم الصبر والسلوان. رحمة الله عليه.