أثبتت التجربة أن المنهج التجريبي هو الأفضل من حيث مناهج البحث العلمي المختلفة، لأنه يعتمد على أساس التجربة العملية والعملية وهذا يتيح فرصة للباحث للتحقق من المعلومة وإثباتها وسن القوانين المختلفة التي تعبر عن نتائج تلك التجربة، فهذا المنهج قديم قدم الإنسان على وجه الأرض، فالإنسان منذ أن خلقه الله دخل في سلسلة من التجارب والاكتشافات والمحاولات التي تتأرجح بين الصواب والخطأ بهدف اكتشاف البيئة المحيطة والتجريب والدراسة والاطلاع.

تعريف المنهج التجريبي

هو ذلك المنهج الأكثر أهمية بالحياة البشرية وساعد الإنسانية على بزوغ حضاراتها المختلفة بشتى المجالات، فساعد الإنسان على البناء والتطور من خلال التجريب والملاحظة للوصول إلى أفضل النتائج للتعامل مع الظواهر الكونية الطبيعة المختلفة وسبل التكيف معها.

يتكون المنهج التجريبي من عدة مراحل مختلفة مسلسلة، دخل في تكوينها عدة حضارات وثقافات، فبعد أن كان الإنسان الحجري يستخدم ذلك المنهج بشكل عفوي تلقائي لاكتشاف البيئة المحيطة، أصبح المنهج التجريبي الآن له خطوات مسلسلة مدروسة بشكل علمي، وساهم في وضع تلك المراحل والخطوات عدد من الدارسين والفلاسفة والعلماء بالعصور والحضارات المختلفة، فمن حين لأخر نجد هذا المنهج وقد أضفت إحدى الثقافات تعديل أو تحديث على فلسفته وخطواته.

خطوات وأسس المنهج التجريبي

الملاحظة

الملاحظة هي أولى خطوات المنهج التجريبي، فعند حدوث أي ظاهرة ما إيجابية كانت أو سلبية يقف العلماء أمامها بوضع الملاحظة والرصد والتدقيق، للوقوف على أهم العوامل والأسباب المؤثرة في ظهور تلك الحالة، وما هي آليات تطورها أو نموها، مع السعي لإجراء التجارب عليها لمعرفة مواطن الضعف والقصور وكيفية تفادي الأخطار الناجمة عنها أو توظيف الإيجابيات المتولدة منها في خدمة المجتمع المحيط.

ويقسم الدكتور محمود قاسم أنواع التجارب التي يمكن إجرائها بهذه المرحلة إلى ثلاث أنواع مختلفة هم: التجربة المرتجلة، والتجربة الحقيقية أو التجربة العلمية، والتجربة غير المباشرة.

الفروض

هي تلك التخمينات والإرهاصات التي يقوم بوضعها الباحث بهدف الوصول إلى العوامل المؤدية إلى حدوث تلك الظاهرة بذلك الشكل، مع العلم أن الفرض هو نظرية لم يتم إثبات صحتها أو خطأها، فهي في طور التحقيق والدراسة والتجريب.

رغم أهمية تلك المرحلة إلا أن بعض الباحثين يرفضونها بشدة ويعتبرون أن الفروض عوامل مشتتة للباحث تأخذه بعيداً عن الحقائق، ولكن الواقع أثبت عكس تلك الافتراءات لأن لولا الفروض لحدث جمود بالعلم والدراسة العلمية لأن الفرض هو الأساس لتوليد نظريات جديدة لاكتشاف المجهول بالطبيعة المحيطة.

التجريب أو السعي لتحقيق الفرض

هي المرحلة الأهم بالبحث التجريبي، فالفرض يفقد قيمته دون إثبات علمي يؤكد صحته، لذلك يسعى الباحث إلى تجريب كافة الفرضيات والتخمينات التي وضعها بالمرحلة السابقة ليثبت صحة أحدها بالنهاية وبذلك نكون قد أضفنا للعلم إثبات أو نظرية جديدة أثبتت صحتها بالتجربة العملية.

آليات تحقيق الفرض
-الالتزام بالقواعد العامة التي تهدي الباحث للتأكد من صحة الفروض قيد الدراسة.
-يجب ألا يسعى الباحث لاختبار أكثر من فرض في آن واحد.
-يجب ألا ينتقل الباحث لدراسة فرض جديد قبل التأكد من فشل إثبات الفرض السابق وخطأه علمياً.
-الحيادية التامة في الدراسة وعدم ميل الباحث لأدلة دون أخرى، وعدم استبعاد أدلة قد تفيد بعملية إثبات الفرض أو نفيه.

منهج جون ستيورات مل
وضع الفيلسوف جون ستيورات مل منهج للسعي من التأكد من صحة ومصداقية الفروض قيد الدراسة، وقد اعتمد ثلاث طرق بهذا المنهج للتحقق من الفروض وهم: طريقة الاتفاق، وطريقة الاختلاف، وطريقة الالتزام في التغير، والتصميم التجريبي.