حب العطاء من أجمل الصفات التي يتصف بها الإنسان وتوعد عليه بالشعور بالسعادة وتخلصه من الصفات الذميمة التي تسبب نفور المجتمع من حوله كالأنانية والحقد ، فكيف إذا كان الشخصي يضحي بما يحبه بل ما يحتاجه من أجل غيره
الإيثار
الإيثار هو تقديم الإنسان لحاجة غيره على حاجته سواء كانت مادية كحاجته للطعام والملابس واقتراض المال أو معنوية كحاجته للسعادة والراحة والدعم
نزول آية الإيثار
كان للصحابة رضوان الله عليهم بعض المواقف الخالدة في الإيثار أشهرها تلك التي آثر فيها صحابي وزوجته ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسيهما وأطفالهما أنزل الله تعالى فيها الآية الكريمة (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) [الحشر: 9] .
وفيها يقول الصحابي الجليل أبو هريرة رضوان الله عليه : أتى رجل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أصابني الجهد، فأرسَلَ إلى نسائه، فلم يجد عندهن شيئًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا رجل يضيف هذا الليلةَ رحمه الله؟)).
فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله، فذهب إلى أهله، فقال لامرأته: هذا ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا تدخريه شيئًا، فقالت: والله ما عندي إلا قوت الصبية ، قال: فإذا أراد الصبية العشاء فنوِّميهم ، وتعالَيْ فأطفئي السراج ، ونطوي بطوننا الليلة ، ففعلتْ، ثم غدا الرجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لقد عجب الله عز وجل – أو ضحك – من فلان وفلانة
أنواع الإيثار
_ إيثار الله تعالى على نفسك ، بتأدية الفرائض وما قد تتخلى فيه عن حاجتك للراحة والنوم من أجل اكتساب مرضاته ورحمته والالتزام بأوامره واجتناب نواهيه وإن كانت محببة إلى نفسك ، وهو ما يجلب رضى الله سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين ومكافئتهم بالجزاء العظيم
_ إيثار الخلق على ما تحتاجه نفسك من المال والراحة والملابس ، مثل أن تطعمهم وإن جوعت وتلبي ضرورياتهم وإن نقص عليك المال ، وأن تسقيهم وإن احتجت للماء ،، إلا أن يكون سيترتب على ذلك تلف في حياتك فعندئذ يكون الإيثار محرم شرعًا .
إيثار محرم شرعا
_أن تؤثر غير الله على الله تعالى وتتبع هواه وإن خالفت أوامر الله وعباداته واجتناب نواهيه
_ أن تؤثر غيرك عليك في تأدية الواجبات الدينية ، فلا يجوز أن يؤدي الإنسان واجبات غيره الدينية فكل إنسان منوط بالتكليف الشرعي الذي عليه أن يؤديه
فوائد الإيثار
_ تفشي التكافل والتآخي والتعاون بين أبناء المجتمع الواحد
_ الاكتفاء الاقتصادي والمادي للفقراء والمحتاجين
_ المساواة بين أبناء المجتمع الواحد في طريقة معيشتهم دون حدوث طبقية قد تكون مدخلا للحسد والغيرة
_ التخلص من الصفات السيئة والذميمة مثل البخل والأنانية والحسد
_ ترسيخ الأخلاق النبيلة في الإنسان المؤثر
_ نيل محبة الله ورضوانه واكتساب رحمته
_ الشعور بالسعادة التي يتسبب فيها العطاء .
موانع الإيثار
_ ضعف الالتزام بأوامر الله تعالى والحرص على ما يحبه من العبد المسلم
_ انعدام اليقين بالله والخوف من الفقر والجوع عند إنفاق الأموال
_ الحقد والأنانية التي قد تتملك الشخص تجاه أقرانه
_ قسوة القلب وجموده وعدم العطف على المحتاجين أو التأثر بحالتهم
اكتساب الإيثار
_ الإقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة من بعده
_ تربية الوالدين للأبناء على العطاء والصدقة وأن يكونوا قدوة في ذلك
_ تقوية الوازع الديني بأن الله يخلف على المنفقين أموالهم في الصدقات وفي تلبية احتياجات الفقراء
_ عدم إطاعة الشح وإتباع هوى النفس في اكتناز الأموال
_ ترقيق القلب بإخراج الصدقات والإنفاق على الفقراء والمساكين
صور للإيثار
– أخذ عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه أربعمائة دينار، فجعلها في صرَّة، ثمَّ قال للغلام: اذهب بها إلى أبي عبيدة بن الجرَّاح، ثمَّ تلكَّأ ساعة في البيت حتى تنظر ماذا يصنع بها. فذهب بها الغلام إليه، فقال: يقول لك أمير المؤمنين: اجعل هذه في بعض حاجتك. فقال: وصله الله ورحمه. ثمَّ قال: تعالي يا جارية، اذهبي بهذه السَّبعة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان. حتى أنقدها، فرجع الغلام إلى عمر، فأخبره فوجده قد أعدَّ مثلها لمعاذ بن جبل. وقال: اذهب بهذا إلى معاذ بن جبل، وتلكَّأ في البيت ساعة حتى تنظر ماذا يصنع. فذهب بها إليه، فقال: يقول لك أمير المؤمنين: اجعل هذه في بعض حاجتك. فقال: رحمه الله ووصله. وقال: يا جارية، اذهبي إلى بيت فلان بكذا وبيت فلان بكذا. فاطَّلعت امرأة معاذ فقالت: ونحن والله مساكين فأعطنا. ولم يبق في الخرقة إلَّا ديناران فنحا بهما إليها. فرجع الغلام إلى عمر فأخبره، فسُرَّ بذلك عمر، وقال: إنَّهم إخوة بعضهم مِن بعض)