لقد تضمن القران الكريم عدد كبير عن من المواقف والأحداث التي وقعت في أزمنة سابقة ، ومن خلال قراءة القران الكريم مرت علينا كلمة الروم وجاءت سورة كاملة في القران تحمل اسم (الروم) ؛ ولذلك فقد يتساءل الكثير من المسلمين من هم الروم وما هي قصتهم التي نقلها لنا القرآن بشكل دقيق .
من هم الروم
أشارت العديد من المراجع التاريخية إلى أن الروم سلالة بشرية من نسل سيدنا إبراهيم عليه السلام ويُطلق عليهم أيضًا اسم (بنو الأصفر) ، وبشكل أعم فإن كلمة الروم تعني مجموعة من الناس مشتركون في مجموعة من السمات والصفات وهم ذو ثقافة محددة أيضًا تناقلوها عن ابائهم وأجدادهم وهي ثقافة مختلفة كليًا عن ثقافة العرب والفرس والأمم الأخرى ، ومن الناحية الظاهرية ؛ فإن أهل الروم يتميزون ببشرة بيضاء اللون ، وكانوا يعتنقون الدين المسيحي بطوائفه المختلفة .
الروم في القران
جاء في القران الكريم قول الخالق عز وجل : { الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } سورة الروم [الايات : 1 – 5] .
وقد نزلت هذه الايات القرانية المباركة على رسول الله صلَّ الله عليه وسلم لتنبؤه بأن الروم سوف ينتصرون على الفرس بعد أن تكبدوا هزيمة سابقة ، وكان المسلمون في بادئ الأمر يميلون إلى الروم ويحبون أن يرونهم منتصرين على الفرس ؛ ويرجع ذلك إلى أن الروم كانوا من أهل الكتاب (يدينون بدين سماوي) بينما الفرس كانوا قومًا مشركين .
ومن دواعي ميل المسملون إلى انتصار الروم أيضًا هي أن انتصار الفرس كان سوف يعزز من قوة ونفوذ المشركين في مكة لأنهم ذات نهج واحد وهدف واحد ضال ، ومع ذلك فقد ذكر رسول الله صلَّ الله عليه وسلم بأنه عبر الزمان بين يدي الساعة سوف يدخل المسملون في قتال مع الروم وسوف يكون الانتصار في النهاية حليف المسلمين .
انتصار المسلمين على الروم
عند الإبحار في كتب التاريخ سوف تجد أن كلمة الروم كان يتم إطلاقها على إمبراطورية رومانية شرقية تحمل أيضًا اسم (الإمبراطورية البيزنطية) وكانت عاصمتها هي القسطنطينية والتي قد بشر رسول الله صل الله عليه وسلم بأنه سوف يتم فتحها على أيدي المسلمين ، وكان زعيم الروم في عهد رسول الله يُدعى (هرقل) وكانت هذه الإمبراطورية تُسيطر بشكل كامل على بلاد الشام .
وكان يوجد إمبراطورية أخرى تابعة إلى الروم تسمى برومية واقعة في شرق أوروبا (إيطاليا الان) ، وكانت هاتين الإمبراطوريتين تتكونان من أعراق مختلفة بعضها من الجرمان وبعضها من السلاف والبعض الاخر من الأرمن وغيرهم ، وكان يجمع بين الإمبراطوريتين صفات مشتركة أهمها أنهم يدينون بالمسيحية (النصرانية) .
وعلى الرغم أن المسلمون كانوا يريدون فوز الروم وانتصارهم دائمًا على الفرس ؛ إلا أن الإمبراطورية الرومانية كانت شديدة العداء للإسلام وكانت تهاجمه وتحاربه منذ بداية الدعوة بكل قوتها إلى أن مكن الله للمسلمين وانتصروا وتم إنشاء أول دولة إسلامية بالمدينة المنورة ، وانطلقت الدعوة بعد ذلك لتجوب كل ربوع وأنحاء الأرض لنشر دين الله وتدعو جموع الناس إلى التوحيد والإسلام .
وفي أعقاب ذلك تمكن المسلمين من فتح بلاد الشام وفتح بلاد فارس في عهد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وفتح مصر على يد عمرو بن العاص ، وامتدت الفتوحات الإسلامية ووصلت إلى أوج مجدها حين تمكن السلطان محمد الفاتح من أن يقوم بفتح القسطنطينية وأن يحررها بشكل كامل من الروم ، ليتحقق بذلك تبشير رسول الله صل الله عليه وسلم بانتصار المسلمين على الروم وفتح القسطنطينية .