الوضوء من الأمور الواجبة في الدين الإسلامي ، و ذلك من تداعيات الطهارة ، و الوضوء هو بوابة العبور إلى العبادات كالصلاة ، و الطواف ، و قراءة القرآن الكريم ، و غيرها من العبادات .
حكم الوضوء قبل النوم
– اختلف بعض الفقهاء حول حكم الوضوء قبل النوم ؛ و أشار جمهور الفقهاء من الحنفية و الحنابلة و الشافعية (غير البغوي) إلى أنَ الوضوء قبل النوم هو من السنن ، و قد استدلوا على ما ذهبوا إليه بقول النبي صل الله عليه وسلم : (إذا أتيت مضجعك فتوضّأ وضوءك للصّلاة ، ثم اضطجع على شقّك الأيمن) ، و ذهب المالكية إلى أن الوضوء قبل النوم مستحب .
فوائد الوضوء قبل النوم
– للوضوء فوائد عديدة للبدن ، فالوضوء قبل النوم يجلب النشاط و يعين على الاستيقاظ باكراً ، و ذُكر عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ. قال: فَرَددْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا بَلَغْتُ: اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، قُلْتُ: وَرَسُولِكَ، قَالَ: لَا، وَنَبِيِّكَ الذِي أَرْسَلْتَ) .
– كما أن الوضوء ينفع القلب لخفّته عليه ، ثم أُدعُ الله وقل: (اللهم أسلمت وجهي إليك) أي: أسلمت روحي عند نومي ، و أودعتها أمانة لديك ، (وفوّضت أمري إليك) ، كما إن الوضوء قبل النوم يجعل المُسلم مُستعداً للقاء الله: يُعدُّ النّوم موتةً ُصغرى، ولا يدري المرء متى يحين أجله، يقول الله تعالى: (الله يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) .
– الوضوء قبل النوم مجلبة للاستغفار : فإن من بات طاهراً بات معه ملك يستغفر له ، قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (من بات طاهراً بات في شعاره ملك ، فلا يستيقظ إلا قال الملك: اللهم اغفر لعبدك فلان، فإنّه بات طاهراً) ، و من بات على طهارة فإن ملكاً سيبيت في شعاره و يدعو الله عز وجل له و يستغفر له و يقول : (اللهمَّ اغفِرْ لعبدِك فإنَّه بات طاهرًا) ، و أيضاً من توضأ وضوءه للصلاة و نام على شقه الأيمن ، و قال هذا الدعاء : (اللهم أسلمت وجهي إليك ، و فوضت أمري اليك ، و ألجأت ظهري إليك ، رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت ، و بنبيك الذي أرسلت) .
– و حديث ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( طَهِّرُوا هَذِهِ الْأَجْسَادَ طَهَّرَكُمُ اللهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ يَبِيتُ طَاهِرًا إِلَّا بَاتَ مَعَهُ مَلَكٌ فِي شِعَارِهِ لَا يَنْقَلِبُ سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا قَالَ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِكَ فَإِنَّهُ بَاتَ طَاهِرًا ) .
حكم الوضوء في كل صلاة
– إن السنة هي تجديد الوضوء عند كل صلاة ، و لكن الرسول صل الله عليه وسلم في عام الفتح صلى الصلوات الخمس بوضوء واحد ، في صحيح مسلم من حديث بريدة ـ رضي الله عنه ـ قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة ، فلما كان يوم الفتح توضأ ، و مسح على خفيه ، وصلى الصلوات بوضوء واحد ، فقال له عمر : يا رسول الله ؛ إنك فعلت شيئاً لم تكن تفعله ، فقال: عمداً فعلته يا عمر .
– كما قد روى البخاري عَنْ أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ ، قُلْتُ : كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟ قَالَ : يُجْزِئُ أَحَدَنَا الْوُضُوءُ مَا لَمْ يُحْدِثْ ، و قد قال ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ في التمهيد : الوضوء للصلاة ليس بواجب على القائم إليها إذا كان على وضوء ، و أن دخول الوقت وحضور الصلاة لا يوجبان على من لم يحدث وضوءا ، و علماء المسلمين متفقون على ذلك .